top of page

"الاستحمام فى الغابة" أحدث وسيلة لاكتساب اللياقة البدنية والنفسية



على مدى آلاف السنين من التاريخ البشري، أصبحنا كائنات تعيش فى أماكن مغلقة. ولا سيما أولئك منا المحاصرون في حياة الغرف المغلقة. في عام 2001، وجدت دراسة استقصائية برعاية وكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة، أن الاميركيين ينفقوا في المتوسط 87 % من أوقاتهم في أماكن داخلية مغلقة و 6 % في سيارة مغلقة.


ومع ذلك، فإن عدداً من الدراسات العلمية تؤكد على أن التسكع في الهواء الطلق يعزز صحة الإنسان. وقد تم ربط قضاء الوقت في بيئات الطبيعية بخفض مستويات التوتر (مرجع)، وتحسين عمل الذاكرة (مرجع) والشعور المتزايد بالرغبة فى الحياة (مرجع)، بالإضافة إلى مزايا إيجابية أخرى.


في محاولة لمكافحة الأوبئة في الأماكن المغلقة وجني الفوائد الصحية، فإن عدداً متزايداً من الأمريكيين أصبحوا من أتباع ممارسة يابانية تسمى Shinrin-yoku. هذه الممارسة صيغت من قبل وزارة الزراعة والغابات ومصايد الأسماك اليابانية في عام 1982، ويترجم هذا المصطلح حرفياً إلى "التواجد فى الغابة" أو "الاستحمام فى الغابات"، ويشير إلى عملية إكتساب المشاهد، والروائح والأصوات من البيئة الطبيعية لتعزيز الصحة الفسيولوجية والنفسية.


ازدياد شعبية ممارسة Shinrin-yoku، يعكس اعتماد الغرب على الشرق فى الاتجاهات الصحة، مثل اليوجا والتأمل. ومثل هذه الممارسات، فإن العلاج بالغابات يمكن أن تمارس، بشكل جماعى أو فردى.


يوضح الذين يمارسون Shinrin-yoku أنها تختلف عن رحلات التنزه أو الرحلات ذات الطابع الثقافى لآنها فى الأساس تهدف إلى الجوانب العلاجية عن طريق المشى بسكينة وروية داخل الغابات "الاستحمام فى الغابات".


في حين أن الهدف من المشي الطبيعى هو الحصول على المحتوى المعلوماتي والتثقيفى، فإن هدف المشي فى ممارسة Shinrin-yoku هو إعطاء المشاركين فرصة لإبطاء الحركة، واحترام مكونات الغابة التي ينظر إليها أوالأصوات التى يستمع إليها عندما يسير ببطء، لأخذ قسط من الراحة نتيجة الإجهاد الذى أصابه خلال حياته اليومية.


على سبيل المثال، وجدت دراسة في عام 2010 باستخدام بيانات من التجارب الميدانية التي أجريت في 24 غابة في جميع أنحاء اليابان ان الاشخاص الذين شاركوا في ممارسة الاستحمام فى الغابات، انخفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وتركيزات الكورتيزول اللعابية (وهو هرمون التوتر) لديهم بالمقارنة مع أولئك الذين ساروا فى شوارع المدينة. أجريت دراسات أخرى فى فنلندا والولايات المتحدة وأظهرت نتائج مماثلة على خفض التوتر والقلق (مرجع 1 مرجع 2).


توجد دراسات لمقارنة تأثير المشي في الطبيعة والمشي في بيئة حضرية واختبار الحالة المزاجية والاكتئاب لدى المشاركين، وتم إجراء آشعة مقطعية للمخ. أظهرت نتائج الدراسة أن المشاركين كانوا أكثر استرخاءاً وأقل توتراً في الطبيعة عن غيرهم الذين مشوا فى البيئة الحضرية. يميل الذين يمشون فى الطبيعة أيضا إلى تقليل إجترار الأفكار (مرجع) أو التفكير السلبي المفرط الذي يرتبط مع الاكتئاب.


فى دراسة أخرى ظهر وجود علاقة بين Shinrin-yoku والزيادة في وظائف المناعة. قضى الأشخاص تحت الدراسة جولة لمدة 3 أيام / 2 ليلة بمناطق الغابات في اليابان، وتم أخذ عينات لهم من الدم والبول قبل وبعد هذه الجولة. كانت أعداد الخلايا القاتلة الطبيعية (وهى نوع من خلايا الدم البيضاء التي تحارب الخلايا المصابة أو الأورام) وغيرها من دلالات الجهاز المناعي أعلى بكثير بعد الاستحمام فى الغابات عن ذي قبل. وارتفع نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية للمشاركين بنحو 50% طوال الرحلة، في حين أظهر تركيز الأدرينالين انخفاضاً فى البول.


في اليابان، مسارات Shinrin-yoku معتمدة بدراسة عينات الدم لتحديد ما إذا كان يتم زيادة عدد خلايا الدم البيضاء (القاتل الطبيعي) بدرجة كافية لإعادة تأهيل الجسم. أيضا في اليابان وكوريا، يتم دمج العلاج بالغابات داخل النظام الطبي التقليدى، ويتم تغطية تكلفته بواسطة التأمين الصحى أيضاً.


ويعزو بعض الباحثون الفوائد الصحية لممارسة Shinrin-yoku نتيجة التعرض لمواد عضوية تسمى phytoncides، وهي مركبات مضادة للميكروبات تنبعث من النباتات مثل الزيوت العطرية ولها طبيعة طيارة تصل للجسم عن طريق التنفس، وتسبب الاسترخاء، بالرغم من أن هذه المركبات العضوية المعروفة بالعامية بإسم "رائحة الغابات" توجد بتركيزات صغيرة في الطبيعة إلا أن تأثيرها البدنى والنفسى يكون ملحوظاً.


تفسير آخر محتمل للآثار المهدئة نتيجة الاستحمام فى الغابة، ينطوي على شعورنا بالرهبة عند مشاهدة الجمال الطبيعي. أوضحت دراسة تم نشرها مؤخراً عن الرهبة الذي يعاني منه رواد الفضاء عند مشاهدة الأرض من الفضاء، وتوضح أن كلا من الإدراك الحسي (مثل الإعجاب ببستان من الأشجار الضخمة أو مشاهدة وادى ضخم) ورحابة الخيال (على سبيل المثال محاولة العقل على فهم نظرية الانفجار الكبير) يمكن أن يولد الرهبة في النفس البشرية.


في حين أن آليات Shinrin-yoku لا تزال مجهولة بدقة إلى حد كبير، إلا أن الممارسة نفسها تواصل الانتشار ربما كرد فعل عنيف ضد استخدام تقنيات المجتمع الحديث في الأماكن المغلقة وثقافة المكاتب.

7 views0 comments
bottom of page