يدرك الباحثون أن النباتات أكثر تعقيداً مما كانوا يعتقدون من قبل، وأن الأمر لم يقتصر فقط بأن النباتات قادرة على الاستشعار والاستعداد لظروف الجفاف مثلاً. وقد علم فريق من جامعة برمنجهام أن مجموعة من الخلايا توجد في البذور تعمل مثل العقل البشرى حيث تقرر متى يجب أن تنبت. ونتيجة لهذا، يمكنها تحسين إنتاجية المحاصيل.
وأوضحت الدراسة التي نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم فى يونيو 2017، أن الباحثين إستخدموا نوع يسمى رشاد ودن الفار Arabidopsis thaliana لتحديد ما إذا كانت النباتات تمتلك "عقل" مثل الإنسان. بعد تحديد موقع مجموعة الخلايا في البذور المسؤولة عن السيطرة على عمليات صنع القرار، واكتشفوا شيئاً مثيراً للاهتمام. وجدوا مجموعة من الخلايا تتكون من نوعين متنافسين: أحدها يحسن الإنبات والآخر يشجع على السكون. ويصف العلماء العلاقة بأنها "تشبه شد الحبل"، حيث يتم تبادل الهرمونات ذهاباً وإياباً في عملية مشابهة تماماً لآليات الدماغ البشري عندما يقرر شخص ما إن كان سيتحرك أم لا.
ويقول الفريق:- "إن الخلايا المتنافسة المنفصلة هي مفتاح عملية صنع القرار في البشر والنباتات على حد سواء. وتخدم الآلية غرضاً هاماً في الغطاء النباتي، لأن الإنبات المبكر قد يؤدي إلى الموت بسبب الصقيع. وبدلاً من ذلك، فإن الإنبات في وقت متأخر جداً سيؤدي إلى مضاعفات متزايدة بسبب الظروف المناخية الغير ملائمة".
وقال جورج باسل، الباحث الرئيسي للدراسة: "يكشف عملنا الفصل الواضح بين المكونات داخل مركز صنع القرار فى النبات. لكن في الدماغ البشري، يعتقد أن هذا الفصل يظهر فى شكل تأخير الوقت، وزيادة الدقة فى اتخاذ القرارات. ويبدو أن فصل هذه الأجزاء في "عقل" البذور يعتبر أمراً أساسياً في كيفية عملها.
بعد تصميم نموذج رياضي لكيفية عمل الخلايا المنفصلة للتحكم في مدى حساسية النبات لبيئته، خلص الباحثون إلى أنه كلما زاد التباين في الظروف البيئية، كلما زاد معدل إنبات البذور. بالرغم من أن هذه النتيجة تبدو غير منطقية، إلا أنه تم تأكيدها عندما اختبرها الفريق في المعمل.
وقال باسل "ان عملنا له انعكاسات مهمة لفهم كيفية نمو المحاصيل والحشائش". "هناك الآن إمكانية لتطبيق هذه المعرفة على النباتات الاقتصادية من أجل تحسين وتزامن الإنبات، وزيادة إنتاجية المحاصيل وتقليل استخدام مبيدات الحشائش".
