Search
أشجار القرم على البحر الأحمر صامدة رغم التدهور العالمي لغابات المانجروف
أشجار المانجروف هي النباتات الخشبية الوحيدة التي تربط البر بالبحر. كما أنها بمثابة جسر وقائي: من جهة، هى تحمى السواحل من العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر، ومن جهة أخرى لديها نظام جذرى كبير ومنتشر يعمل على استقرار الرواسب فى مباه البحار والمحيطات، مما يتسبب فى حماية كل من الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية من الاختناق. وتعمل أشجار القرم كحاضنة للنباتات الأرضية وكذلك النباتات البحرية والطحالب واللافقاريات والفقاريات.
من المسلم به أيضاً دورها في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه على نحو متزايد - فالنظم الإيكولوجية لأشجار المانجروف لها أعلى قدرة على استيعاب وتخزين ثانى أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عن طريق التمثيل الضوئي أى تعمل كبالوعة للكربون الجوى. أشجار المانجروف أيضا تلعب دوراً رئيسياً في حماية المجتمعات الساحلية لمواجهة الكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير وموجات المد العالية (التسونامى). لذلك ليس من المستغرب، إذن، أن خدمات النظم الإيكولوجية في جميع أنحاء العالم المقدمة من مستنقعات المد والجزر وأشجار القرم تقدر قيمتها 194 ألف دولار لكل هكتار سنوياً.
للأسف، أشجار المانجروف هي واحدة من أكثر النظم الإيكولوجية تهديداً على كوكب الأرض، ونقص المعرفة حول فائدتها البيئية يعني استمرار تدمير أشجار المانجروف لسنوات عديدة في جميع أنحاء العالم، وتم تحويل الأراضى المحمية على نحو متزايد، واستخدامها فى الزراعة ومزارع الأسماك. فقد ثلث غطاء المانجروف العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، ويبلغ معدل الفقد السنوي حوالي 2٪. شهدت أستراليا مؤخرا انتشار الموت الارتجاعى (جفاف النمو من القمة حتى أسفل النبات) بشكل كبير لحوالي 7000 هكتار من أشجار المانجروف، والذي تزامن مع أسوأ حالة ابيضاض للشعاب المرجانية في العالم. ومما يدعو إلى الارتياح قليلاَ، أن دراسة حديثة وجدت أن معدل إزالة غابات المانجروف تناقص بنسبة تتراوح بين 0.3٪ - 0.7٪ خلال الفترة مابين 2000-2012.
الدليل على ذبول المانجروف في الإقليم الشمالي في أستراليا
ولكن هناك مكان واحد في العالم حيث أشجار المانجروف موجودة على قيد الحياة فقط، بل أنها تتضاعف أيضاً.
تشير الأبحاث إلى أن لم يكن هناك أي تدهور في غابات المانجروف في البحر الأحمر الذي يمتد مابين أفريقيا وشبه الجزيرة العربية. وقد زادت مساحة الغطاء الشجرى لمانجروف البحر الأحمر بنسبة 12٪ منذ عام 1972. إستخدمت تقنية الاستشعار عن بعد لتحليل صور الأقمار الصناعية ورسم خريطة الانتشار الزماني والمكاني لأشجار المانجروف حول سواحل البحر الأحمر على مدى العقود الأربعة الماضية.
البحر الأحمر هو واحد من أشد بحار العالم ملوحة ودفئاً بسبب عدم وجود أنهار تصب فيه، مع الأحوال الجوية الدافئة. وهو بيئة قاسية للغاية، ويحيط به الصحراء ويخضع لدرجات حرارة عالية جداً.
تعني هذه الظروف القاسية لبيئة المانجروف في البحر الأحمر أنها قد تعرضت لمستويات قليلة جداً من النشاط البشري عن أي مكان آخر فى العالم.
هذا لا يعني أنه لم يكن هناك أي تهديدات من البشر لأشجار القرم في المنطقة، ولا تزال صامدة أمام خطر التنمية الساحلية والتلوث على طول الساحل السعودي. كما تأثر غطاء المانجروف على طول سواحل اليمن وأفريقيا، نتبجة الرعي الجائر من قبل الجمال والقطع الجائر لتوفير حطب الوقود.
تم تعويض هذا الفقد جزئياً بمشاريع زراعة على نطاق واسع، مثل مشروع إعادة تأهيل المانجروف في ينبع، لذلك شهدت المملكة العربية السعودية زيادة غطاء المانجروف بنحو 50 ضعف بين عامي 1975 - 2013.
وقد ساهم مشروع إعادة التحريج الذي أجري في منتصف التسعينيات في هيرجيجو بإريتريا فى زيادة الغطاء الشجرى للمانجروف على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر. ساعد المشروع أيضا على الحد من الجوع بين السكان المحليين من خلال توفير الأعلاف عالية المحتوى من العناصر الغذائية للماشية والموائل الحيوية للأسماك.
غطاء المانجروف في البحر الأحمر منذ 1972 وحتى 2013