top of page

الخف هو أسرع وأرخص الوسائل لاستعادة الغابات الاستوائية


الطريقة الشائعة لاستعادة الغابات المتدهورة هي بزراعة شتلات جديدة ورعاية هذه الأشجار حتى تصل لمرحلة النضج الكامل. في الواقع، بالنسبة لمعظم الناس فإن مصطلح استعادة وغرس الأشجار يعنى زراعة الأنواع الأصلية. كما أن زراعة ورعاية شتلات الأشجار على مساحات شاسعة من الأراضى، يمكن أن يكون إجراءاً مكلفاً ويحتاج لعمالة كثيفة. ناهيك عن أنه يستغرق عقوداً أو حتى قروناً قبل أن تنمو هذه الشتلات إلى أن تصبح أشجاراً ناضجة.


معنى آخر للاستعادة هو ببساطة حماية الغابات المتدهورة من حدوث المزيد من التدهور لها، بإغلاقها ومن الدخول إليها. مع مرور الوقت، سوف يستعاد الغطاء الشجري المفقود من خلال عملية التجدد الطبيعي. يعتبر هذا الخيار غير مكلف نسبياً، ولكن يمكن أيضا أن يستغرق قروناً لتحقيق الاستعادة الكاملة وجلب المنافع البيئية.


وفقا لريت هاريسون، عالم بيئة الغابات الاستوائية بالمركز العالمي للحراجة (ICRAF)، قد يكون هناك حل وسط لاستعادة الغابات الاستوائية: وهو إجراء عملية خف للغابة المجددة. والخف Thinning هو مصطلح غاباتى يعنى إزالة السيقان والأفرع الغير مرغوب فيها لتشجيع نمو السيقان المرغوبة.


عند قطع الغابات الاستوائية أو حدوث تدمير فيها ، يزيد ذلك من مستويات الإضاءة التى تؤدي إلى تنشيط نمو الأشجار الصغيرة المطمورة في الغابة وكذلك الحشائش والمتسلقات، والتى يطلق عليها مصطلح " الرائدة pioneers". بالمقارنة مع الأشجار السائدة (ضخمة النمو والمرتفعة)، فإن "الرائدة" المطمورة لها قيمة أقل للحصول على الأخشاب، وامتصاص الكربون والتنوع البيولوجي. مع مرور الوقت، فإن بعضها ينشط ليصبح شجرة سائدة.


في دراسة مشتركة إهتم كل من ريت هاريسون، وتوم سوينفيلد، وروكي أفريندى وفيري أنطوني لمعرفة ما إذا كان القطع الانتقائي لبعض هذه النباتات المطمورة قد يزيد من معدل انتعاش وتجديد إحدى الغابات المدارية المتدهورة. نشرت النتائج الأولية فى ديسمبر 2016 بدورية Forest Ecology and Management، والتى يبدو أنها تدعم هذه الفكرة. وقد أجري البحث على مساحة 280 هكتار في غابات هارابان المطيرة، في سومطرة، باندونيسيا. وسعت لمقارنة ما اذا كان خف الأنواع الرائدة يمكنه تحويل تركيب الأنواع بالغابة في وقت لاحق نحو شكل يشابه عملية تجديد الغابة.


درسوا أيضا التكلفة المادية وسهولة إدارة عملية الخف، بالمقارنة مع زراعة شتلات من أنواع محددة من الاشجار زراعة بغرض إعادة التشجير. استهدف الخف عدة أنواع من الأشجار الرائدة الموجودة بوفرة، بما في ذلك أحد الأنواع الغازية (Bellucia pentamera). بالإضافة إلى ترك مساحة من الأشجار لم يتم إجراء الخف لها، تم اختبار ثلاثة مستويات للخف على أساس قطر الساق عند مستوى الصدر (DBH) كما يلى:


  • منخفض الشدة: إزالة جميع السيقان الغير مرغوب فيها ذات قطر أقل من 10 سم .

  • متوسطة الشدة: إزالة جميع السيقان الغير مرغوب فيها ذات قطر أقل من 15 سم

  • عالى الشدة: إزالة جميع السيقان الغير مرغوب فيها ذات قطر أقل من 20 سم.


تشير النتائج الاولية إلى الحصول على كل من سرعة التجديد وقلة التكاليف المادية نتيجة الخف، مما يفسح المجال لإمكانية جديدة ومثيرة لاستعادة الغابات الاستوائية. في المعاملات المنخفضة والمتوسطة الشدة، زاد الخف بدرجة هامشية من مستويات الضوء فى الطبقة بالطبقات التحتية للغابة understory ، لكنها غيرت إلى حد كبير من تركيب الغابات نحو تعاقب الذبول في وقت لاحق. وهذا يرتبط مع التجديد واستعادة أسرع تشبه تقريباً التركيب الأصلي للغابات.


توصل هاريسون وزملاؤه أيضا إلى أن تكلفة الخف كانت أقل بحوالى 10٪ من تكلفة إعادة زراعة الشتلات فى الغابة. وعلاوة على ذلك، يقول: "أن الخف لا يترتب علىه تكاليف إدارة لاحقة مثل تلك المطلوبة قبل إعادة زراعة شتلات ورعايتها لكى تنمو وتصبح شجرة كاملة". وعلاوة على ذلك، السيقان والأفرع التى تم إزالتها بالخف قد يكون له فرصة للتسويق كخشب حريق وحطب على سبيل المثال، والتي يمكن أن تساعد في تعويض تكاليف ترميم الغابة.


واستناداً إلى النتائج الأولية، يوصي الباحثون بتكرار تجارب الخف في الغابات المدارية الأخرى، فضلاً عن استمرار الرصد على المدى الطويل للموقع التجريبي الحالى في غابات هارابان المطيرة، وهذا من شأنه أن يساعد على ترسيخ مفهوم تطبيق الخف لاستعادة الغابات الاستوائية في آسيا وأفريقيا، وفى أماكن أخرى كأولوية عالمية. ومن شأنه أيضا تحديد أفضل الممارسات لمديري الغابات والتى تم رصدها بمعرفة مدى التدهور والعوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى مثل الموارد المتاحة وتوفر العمالة.


بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الدراسات تؤسس لمعرفة تأثير الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الجفاف، على انتعاش الغابات. هذه المعلومات مهمة لتصميم الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل الاستعادة على المدى الطويل. في السنة الثانية من رصد تجربة هارابان، على سبيل المثال، أدت موجة جفاف النينيو الشديدة فى عام 2015 لجفاف أوراق الأشجار مما أدي إلى زيادة كبيرة في شدة الضوء بالطبقات التحتية من الغابة understorey وفي المناطق التى وصلتها شدة إضاءة عالية بأرضية الغابة في هارابان، شجع الضوء على نمو الأنواع المطمورة.


مع ذلك، فإن التجدد الطبيعي للأشجار وإعادة زراعة أشجار أخرى ستظل تدخلات هامة ضرورية للغابات، بغرض استعادة المناظر الطبيعية. في الواقع، إعادة زراعة الأنواع المرغوبة مثل الأشجار الخشبية ذات القيمة العالية أو التى لديها إمكانية عالية لامتصاص الكربون، قد تمت بشكل جيد للغاية في كوريا الجنوبية واليابان والعديد من الدول الأخرى. وفي المواقع المتدهورة للغاية، قد يكون هو الخيار الوحيد.


مع مزيد من البحث لتحديد أفضل الممارسات، يمكن أن يصبح الخف وسيلة وسطية ما بين إعادة زراعة الغابات بأشجار جديدة (وهى وسيلة مكلفة وسريعة) وترك الغابات لكى تتجدد بشكل طبيعي (وهى وسيلة رخيصة وبطيئة). لذلك فالخف هو المسار الذي سوف يساعد على الوصول إلى الالتزامات العالمية المتعلقة باستعادة المناظر الطبيعية والتخفيف من آثار تغير المناخ بشكل أسهل وأرخص وأسرع.


لقراءة الدراسة: إضغط هنا

12 views0 comments
bottom of page