التلوث الضوئى يقلل من راحة الأشجار
تترك أضواء الشوارع في المدن متوهجة طوال الليل من أجل السلامة العامة للمشاه، لكنها فى المقابل تجعل الأشجار فى حالة نشاط مستمر ومحرومة من الراحة. أوصى عالم الغابات الألماني المشهور بيتر وولليبين أن تطفأ أضواء المدينة في الليل لإعطاء الأشجار فترة الراحة التي تحتاجها. وأكد وهليبن، مؤلف كتاب "الحياة الخفية للأشجار" أن الأشجار مثل البشر، تحتاج إلى الراحة ليلاً للنمو. أيضا تحتاج الأشجار لفترة ظلام للنوم بشكل صحيح، لأن الأضواء تعطل إيقاع الساعة البيولوجية لها.
وقال وولليبين فى التقرير "أن الاشجار التى تعيش بالقرب من أضواء الشوارع ستموت فى وقت مبكر عن غيرها التى تعيش فى ظلام الليل". نتائج وولليبين تتماشى مع دراسة أخرى، نشرت في مجلة علم البيئة، وجدت أن النباتات حساسة للضوء، لأنه يشعرها بالوقت من اليوم أو الموسم وهى المعلومات التي تعتبر حاسمة في مساعدة النباتات لتقرر ما هي العمليات التى تنفذها . وأوضحت الدراسة أن الضوء الاصطناعي يوقف تنفيذ هذه العمليات”.
الأشجار الحضرية تواجه تحدياً خاصاً، ليس فقط لأنها محرومة من الراحة ليلاً، ولكن أيضا لأنها يجب أن تنمو دون تواصل مع الأشجار المجاورة. أيضا، تتعرض جذور الأشجار الحضرية للخطر، لأنها تنمو تحت الرصيف، وتظل دافئة على عكس تربة الغابات، التي تبرد خلال الليل.
وقال وولليبين "الأشجار الحضرية تعتبر كأطفال شوارع بالنسبة للغابة".
وشدد على أن الأشجار أشبه بالبشر أكثر مما يظن الناس، مع اعتماد حيويتها على عوامل معينة تؤثر أيضا على البشر. على سبيل المثال، الأشجار تنمو بشكل أفضل عندما تكون بجوار الشجرة الأم،. لأن الشجرة الأم الضخمة تحافظ على الأشجار الأصغر سناً من النمو بسرعة كبيرة من خلال تشكيل مظلة كثيفة فوقها تسمح فقط بوصول كمية معينة من أشعة الشمس إلى أوراق الأشجار الأصغر سناً. ويعتبر النمو البطيء أمرا حاسما وضرورياً بالنسبة للأشجار من أجل وصولها إلى مرحلة الشيخوخة.
أيضا، وجود شبكة من الأشجار الأخرى للتواصل والدعم مهم لصحة الأشجار المنزرعة، عن طريق إرسال إشارات كيميائية من خلال التربة، لتتقاسم العناصر الغذائية وتحذر بعضها البعض من حدوث خطر وشيك مثل الحرائق أو الافتراس وغيرها. ويقول وولليبين أنه بعد العثور على جذع شجرة قديمة كانت قد سقطت قبل مئات السنين، اكتشف أن بقاياها لا تزال حية، فاستنتج أن الأشجار المحيطة كانت تضخ الجذع الساقط بالغذاء المجهز عوضاً عن جذور الشجرة لإبقائه حياً.
كما اشار الى ان بعض الاشجار تطلق غاز للتحذير من أجل تنبيه الاشجار المجاورة بان هناك حيوانات سوف تأكل أوراقها مما يسبب أضرار للأشجار. وبمجرد تلقيها إشارات التحذير، تبدأ الأشجار الأخرى فى حماية أنفسها عن طريق إطلاق المواد السامة في أوراقها، وردع الحيوانات عن تناولها. هذا السلوك الداعم، والمترابط للأشجار مع بعضها هو أحد الطرق للحفاظ على حياتها.
إذا كانت كل شجرة تبحث فقط عن نفسها، فإن عدد قليل جدا منها سوف يستمر حياً ليصل إلى الشيخوخة. وسيؤدي الموت العادي إلى العديد من الثغرات الكبيرة في مظلة تيجان الأشجار، الأمر الذي من شأنه أن يسهل على العواصف الدخول إلى الغابة واقتلاع المزيد من الأشجار. كما ستصل حرارة الصيف إلى أرضية الغابات وتجففها. لذلك كل شجرة تعتبر قيمة للمجتمع وتستحق الحفاظ علىها لأطول فترة ممكنة.
هذا الترابط المجتمعي هو ما يجعل الأشجار تجد صعوبة فى أن تنمو في بيئة حضرية.
ومع ذلك، فإن تحسين صحة الأشجار الحضرية له تأثير مضاعف على صحة المدينة. وفقاً لتقرير صحة الهواء من قبل هيئة الحفاظ على الطبيعة، فإن الأشجار هي مقياس فعال من حيث التكلفة ضد موجات الحرارة وتحسين نوعية الهواء. من خلال خلق مظلة من الأوراق وإخراج بخار الماء عن طريق عملية النتح، تكون الأشجار فعالة فى الحفاظ على الهواء بارداً. وفي الوقت نفسه، فإنها قادرة على تنظيف الهواء عن طريق سحب الجسيمات الدقيقة من الكتلة الحيوية والوقود الأحفوري التي تتكون على الطرق السريعة والمناطق الصناعية.
المصدر:- إضغط هنا