استثمرت الصين موارد أكثر من أي بلد آخر من أجل وقف إزالة الغابات وزراعة المزيد من الأشجار. غير أنه بالنظر إلى الحجم الكبير لهذه البرامج كان من الصعب تحديد أثرها على الغطاء الحرجي. تبين دراسة جديدة أن الكثير من الغطاء الشجري الجديد في الصين يتكون من مزارع متناثرة ومنخفضة بالمقارنة مع مساحات كبيرة من الغطاء الشجري الكثيف. يمكن أن تساعد نتائج الدراسة واضعي السياسات على تتبع العائدات المكتسبة من الاستثمار في زراعة الأشجار وتحديد البيئات الملائمة للتشجير في المستقبل، والمساعدة في الجهود الرامية إلى عزل الكربون، ومنع تدهور التربة، وتعزيز التنوع البيولوجي.
ولما كانت الفيضانات المدمرة في عام 1998 قد سلطت الضوء على مخاطر إزالة الغابات، فقد سنت الصين حظراً صارماً على قطع الأشجار في الغابات الأصلية (الامتداد الهائل في احتياطيات الغابات)، وبرامج تشجير بمليارات الدولارات. وقال انتجي اهريندس الباحث الرئيسي للدراسة "هذا النهج كان له بلا شك تأثير كبير على الحد من فقدان الأشجار في الصين".
أنفقت الصين أكثر من 100 مليار دولار أمريكي على زراعة الأشجار على مدى العقد الماضي وحده. ومع ذلك، وعلى الرغم من النجاحات العديدة التي حققها هذا البرنامج، فإن زراعة الأشجار ليست هي نفسها "الغابات".
في معركة الصين لوقف فقدان الغطاء الشجري، قامت أهريندز وزملاؤها بتحليل الخرائط عالية الدقة المستمدة من بيانات الأقمار الصناعية باستخدام تعريفات مختلفة للغابات. وبموجب التعريف واسع النطاق، الذي استخدمته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، اكتسبت الصين 434 ألف كيلومتر مربع من الغطاء الحرجي بين عامي 2000/2010 (مساحة أكبر من ألمانيا وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورج مجتمعة). ومع ذلك، فإن هذا التعريف يشمل مزارع شجرية متناثرة أو غير ناضجة أو متقزمة غالبا ما تتكون من نوع واحد أو معدلة وراثياً، والتي من غير المرجح أن توفر نفس الفوائد مثل المساحات الواسعة من الغابات الكثيفة والممتدة. وستنشر هذه الدراسة، التي شارك في تأليفها فريق من المنظمات بما في ذلك المكتب الإقليمي للبحوث الزراعية، والمركز الدولي للزراعة الحراجية، والمركز العالمي للزراعة الحراجية، في دورية الجمعية الملكية.
قال الباحث المشارك شو جيانشو من المركز العالمي للحراجة الزراعية "إن فهم نوع الغطاء الذي وضعته برامج التحريج أمر بالغ الأهمية لفهم آثار هذه المشاريع على صحة التربة والتنوع البيولوجي وعزل الكربون". وكانت النتائج مختلفة بشكل كبير: ففي ظل التعريف الأكثر صرامة، توسعت غابات الصين بنسبة تقل عن عشر التقديرات السابقة (33 ألف كيلو متر مربع وهي مساحة أصغر من حجم هولندا).
تلاحظ الدراسة أيضاً التحديات العملية التي تواجه برامج زراعة الأشجار في الصين، لأنه يجب على الصين أن تغذي خمس سكان العالم على مساحة أقل من عشر الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، وأن اقتصادها المتنامي يعني أن الأراضي المناسبة لزراعة الأشجار يزداد الطلب عليها في إنتاج الغذاء، ومتطلبات الاستخدام الصناعي.
يقول الباحث المشارك بيتر هولينجسورث: "يوضح تحليلنا أهمية كل من التعريف والرصد على نطاق واسع لفهم التغيرات في الغطاء الشجري". واضاف "يوفر هذا التحليل فهماً معززاً لأماكن نجاح برامج زراعة الاشجار، وما اذا كانت هذه البرامج تؤدى الى وجود غابات كثيفة او شجيرات متباعدة."
يتناول التقرير أيضا الاتجاهات العالمية: فقد وجد الباحثون أن ما يقرب من نصف الغطاء الحرجي في العالم قد فقد على مدى 10 ألاف عام الماضية، وأن الغطاء الشجري يفقد في البلدان المنخفضة الدخل بمعدل حوالي 25 ألف كيلومتر مربع سنوياً. ومع ذلك، وجد الباحثون أيضا أدلة على أن العديد من البلدان التي فقدت الكثير من غاباتها في الماضي، قد تتحول لحماية الغطاء الشجري المتبقي.