top of page

الزراعة وإزالة الغابات تسرع من تآكل التربة بمعدل مائة ضعف


أظهرت دراسة جديدة أن إزالة الغابات الأصلية وبدء الزراعة المكثفة يمكنه تسريع تآكل التربة بشكل كبير جداً، وأنه خلال بضعة عقود مضت فقدت مساحات شاسعة من التربة والتى تتكون بشكل طبيعي على مدى آلاف السنين. لكن قياس المعدل الطبيعي للتآكل بدقة وبالتالي مدى استخدام الأراضي وتسارع هذا المعدل، كانت مهمة صعبة إلى حد بعيد بالنسبة لعلماء الجيولوجيا. وهذا يجعل اتخاذ القرارات البيئية مثل تحديد الكميات المسموح بها من الرواسب في مجال الثروة السمكية وتنظيم استخدام الأراضي من الصعب أيضا.


الآن البحوث حول هذه الأنهار الثلاثة وسبعة أحواض أخرى لأنهار كبيرة في جنوب شرق الولايات المتحدة ، تمكنت لأول مرة من تحديد معدل تآكل التربة منذ أزمان بعيدة كمياً وبدقة عالية. تحصل العلماء على اكتشاف مذهل، فقد ارتفعت معدلات تآكل قمم التلال قبل الاستيطان الأوروبي عن بوصة واحد كل 2500 سنة، في حين خلال الفترة ذروة اضطراب الأرض في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، ارتفعت معدلات التآكل لبوصة واحدة كل 25 سنة. يقول بول بيرمان، وهو عالم جيولوجي في جامعة فيرمونت "هذا أكثر من مجرد زيادة بمائة ضعف، فالتربة تنهار عندما كنا نزيل الغطاء النباتي، ثم يحدث تآكل للتربة بسرعة عالية."



يقول ديلان رود:- "تشير الدراسة بالضبط كيف كانت التأثيرات الضخمة للاستعمار الأوروبي والزراعة على الطبيعة البكر في أمريكا الشمالية". "خرب البشر تركيب التربة بمعدل 100 مرة أسرع من العمليات الطبيعية الأخرى". على طول جنوب بيدمونت من ولاية فرجينيا إلى ولاية ألاباما تراكمت التربة الطينية لآلاف السنين. لاحظ العلماء أنه خلال بضعة عقود من القطع الجائر للأشجار وزراعة القطن والتبغ، تآكلت التربة بمقدار ما كان يحدث على مدى آلاف السنين قبل البشرية. يقول رود:- "إن الأرض لا تخلق تلك التربة الثمينة بسرعة كافية لتجديد ما استهلكه البشر". واضاف "هذا النمط غير قابل للاستدامة إذا استمر على ذلك".


جمع العلماء 24 عينة من رواسب هذه الأنهار وبعد ذلك تم تطبيق تقنية مبتكرة لإجراء القياسات. من الكوارتز الموجود في الرواسب، استخراج بيرمان وفريقه في مختبر النظائر النووية بجامعة فيرمونت، شكل نادر من عنصر البريليوم ، وهو نظير إشعاعى يسمى "البريليوم-10". يتشكل بالأشعة الكونية، هذا النظير الإشعاعى يتراكم في الطبقة السطحية من التربة بسمك عدة أقدام قليلة. وكلما قل معدل تآكل التربة، كلما تعرضت التربة أطول فترة للأشعة الكونية، ويتراكم المزيد من البريليوم 10 بها. باستخدام مطياف تسريع الكتلة قام الجيولوجيون بقياس كمية البريليوم 10 في العينات مما منحهم مقياس لمعدل التآكل خلال فترات زمنية طويلة.


وكشفت هذه الرواسب النهرية الحديثة عن معدلات فقدان التربة على مدى عشرات الآلاف من السنين. هذا ما سمح للفريق بمقارنة هذه المعدلات السابقة مع معدلات ما بعد التسوية من تآكل المرتفعات وكمية الرواسب بمصبات الأنهار والتي تم توثيقها جيدا منذ وقت مبكر فى أوائل القرن العشرين عبر منطقة بيدمونت.


في حين استنتج العلماء أن تآكل المرتفعات تسارع بمعدل 100 ضعف فقد زادت كمية الرواسب فى مصبات هذه الأنهار بحوالى 5-10 مرات فقط مقارنة بمستويات ما قبل التسوية، وهذا يعني أن الأنهار كانت تنقل فقط حوالي 6% من التربة المتآكلة. هذا يدل على أن معظم المواد التى تآكلت على مدى القرنين الماضيين لا تزال تعتبر "إرث الرواسب". ويقول بيرمان "هناك بصمة هائلة للبشرية على الطبيعية، مما يجعل من الصعب أن نرى ما تفعله الطبيعة من تلقاء نفسها"، ولكن ميزة عنصر البريليوم-10 (الذى يمتلك نصف عمر طويل نسبياً حوالى1.387 مليون سنة) هو أنه يتيح لنا أن نعرف من خلاله دور الإنسان فى تدمير التربة منذ عقود بعيدة فى التاريخ.


هذه الدراسة تساعدنا على فهم كيف تعمل الطبيعة على كوكب الأرض، مقارنة بما يصنعه الإنسان. وهذه المعرفة، في المقابل، يمكن أن تساعد على تخطيط استخدام الأراضي. بعبارة أخرى، هناك لغزا دون حل المهم هو كيفية معرفة معدلات إزالة الإنسان مقارنة بمعدلات الطبيعية، وكيف يمكن جعل معدلات الإنسان مستدامة.


بينما تظهر هذه الدراسة الجديدة أن معدلات التآكل كانت غير مستدامة في الماضي القريب ، فإنها توفر أيضا هدف للمستقبل. يمكننا استخدام معدلات تآكل "البريليوم 10" هدفا لاستراتيجيات ناجحة بهدف الحفاظ على الموارد. و يمكن أن تستخدم لتطوير السياسات والأنظمة البيئية الذكية التي من شأنها حماية التربة والموارد المائية المهددة للأجيال القادمة.


المصدر:- إضغط هنا




4 views0 comments
bottom of page