كافح الباحثون منذ فترة طويلة لشرح أسباب زيادة معدلات الجريمة العنيفة بالقرب من خط الاستواء مقارنة بأجزاء أخرى من العالم، والآن طور فريق من الباحثين نموذجاً يمكن أن يساعد في تفسير ذلك. هذا النموذج الجديد يتجاوز الحقيقة البسيطة وهي أن درجات الحرارة الأكثر سخونة لها صلة بالسلوك الأكثر عدوانية.
يعتقد الباحثون أن المناخات الحارة والأقل تبايناً في درجات الحرارة الموسمية تؤدي إلى استراتيجية حياة أسرع، والتركيز الأقل على المستقبل، وضعف ضبط النفس، وهذه الأسباب كلها تسهم في مزيد من العدوان والعنف. أشكال المناخ التى يعيشها الناس تؤثر على ثقافتهم وعقولهم بطرق لايفكرون فيها خلال حياتهم اليومية.
أطلق الباحثون أسم CLASH على النموذج الجديد وهو مختصر لمصطلحين هما (Climate Aggression, and Self-control in Humans). ونشر هذا النموذج في مقال بدورية العلوم السلوكية والمخ.
وفقا للباحثين، أظهرت العديد من الدراسات أن مستويات العنف والعدوان تكون أعلى في المناخات الحارة، ولكن اثنين من التفسيرات الرائدة عن أسباب ذلك لم تكن مرضية. نموذج العدوان العام General Aggression Model يشير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة تجعل الناس قلقين وفى حالة غضب، مما يجعلهم أكثر عدوانية ، ولكن هذا لا يفسر الأفعال الأكثر تطرفا، مثل القتل.
تفسير آخر (نظرية النشاط المعتاد) هو أن الناس في الهواء الطلق والتفاعل بشكل أكبر مع الآخرين عندما يكون الطقس حاراً، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة إمكانية التصارع. ولكن هذا لا يفسر زيادة العنف عندما تكون درجة الحرارة 35 درجة مئوية أكثر مما هى عندما تكون الحرارة 24 درجة مئوية - على الرغم من وجود الناس فى الهواء الطلق فى الحالتين.
وينص نموذج CLASH أنها ليست مجرد درجات الحرارة الأكثر سخونة هى التي تؤدي إلى مزيد من العنف، بل أيضا المناخات التي بها تباين أقل في درجة الحرارة الموسمية. التباين الأقل في درجة الحرارة، جنبا إلى جنب مع الحرارة، يجلب قدرا من الاتساق في الحياة اليومية. وهذا يعني أن هناك حاجة أقل للتخطيط لتقلبات كبيرة بين الطقس الحار والبارد. والنتيجة هي استراتيجية لحياة أسرع ليست قلقة بشأن المستقبل كما وتؤدي إلى قلة الحاجة إلى ضبط النفس.
نرى دليلا على وجود استراتيجية لحياة أسرع في المناخات الحارة مع تباين أقل فى درجة الحرارة، حيث يصبحوا أقل صرامة مع الوقت، ولديهم معدل استخدام أقل لوسائل منع الحمل، ولديهم أطفال في وقت مبكر وأكثر من ذلك في كثير من الأحيان "، وقال بوشمان.
النظرية ليست حتمية وليس المقصود أن الناس في المناخات الأكثر سخونة لا يمكن أن يساعدوا أنفسهم عندما يتعلق الأمر بالعنف والعدوان. نهج حياة البشر هي جزء من البيئة، والبيئة تتأثر بشدة بالمناخ، فالمناخ لا يشكل الشخص، وإنما هو سبب واحد من عدة أسباب تؤثر فى البشر، وربما يكون أهم سبب يشكل البيئة التى يحيا فيها البشر بطرق مهمة.
نموذج CLASH يمكن أن يساعد في حساب الاختلافات في العدوان والعنف داخل البلدان وفيما بينها في جميع أنحاء العالم على حد سواء، ويوفر إطاراً قوياً لفهم اختلافات العنف التي نراها في جميع أنحاء العالم.