top of page

تغير المناخ قد يضاعف من جفاف حوض الأمازون


عند التفكير في انبعاثات غازات الدفيئة، يتبادر إلى الذهن عدد قليل من مصادر هذه الغازات مثل السيارات أو محطات حرق الفحم. ولكن هناك أيضا بعض الخزانات الطبيعية الضخمة للكربون فى التربة ، والمعروفة باسم "بالوعات الكربون"، والتي يمكن أن تطلق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إذا ترك لها العنان. تعتبر الغابات هي مثال هام لتلك الخزانات الطبيعية. تخزن الأشجار كميات كبيرة من الكربون طالما ظلت على قيد الحياة، ولكن عند موتها، فإنها تطلق سراح كل كمية الكربون التى خزنتها على مدار عمرها في الجو. نتيجة لأن تغير المناخ العالمي ما زال فى ازديا، فإن الحفاظ على الغابات في العالم يصبح أيضا من الأولويات الهامة.


في حين أن الحكومة البرازيلية، على وجه الخصوص، قد اتخذت خطوات رئيسية لتقليل إزالة الغابات بغرض زراعة المحاصيل في منطقة الأمازون، فقد أصبح تغير المناخ فى حد ذاته تهديدا خطيرا للأشجار. وارتفاع درجات الحرارة من المحتمل أن يسبب الجفاف على نطاق واسع في جميع أنحاء حوض الأمازون، والتي يمكن أن سبب تدهور الغابات وتحرر الكربون المختزن. هذه هي الرسالة التى أوضحتها الدراسة التى نشرت في دورية الاكاديمية الوطنية للعلوم، والتي كشفت مدى زيادة الجفاف في منطقة الأمازون وتتوقع أن المساحة الإجمالية المتضررة من الجفاف الشديد سوف تتضاعف ثلاث مرات بحلول نهاية القرن.


وقال معد الدراسة فيليب دافي، "كانت هناك ثلاث حالات جفاف شديدة في منطقة الأمازون في العقد الماضي واحدة في عام 2005، وأخرى في 2010 وتلك الجارية حاليا". تقدر الأبحاث أن كمية الكربون المنبعثة نتيجة للجفاف فى عام 2005 كان أكثر من الانبعاثات السنوية من أوروبا واليابان مجتمعة، وكانت آثار الجفاف لعام 2010 أكثر شدة. "وبزيادة معدلات الجفاف المطردة ، سيصبح الأمازون بالفعل مصدراً كبيراً للكربون فى الغلاف الجوي".


تحرر الكربون من الغابات لديه القدرة على المساهمة في ارتفاع درجات الحرارة التى تسبب الجفاف الذي يقتل الأشجار وانبعاثات الكربون في الغلاف الجوي، مما يسهم في زيادة الاحتباس الحراري، الذي يجلب المزيد من الجفاف - وهلم جرا. لذلك فإن الحصول على توقعات دقيقة للمستقبل أمر مهم لاكتساب نظرة ثاقبة ليس فقط لمستقبل منطقة الأمازون، ولكن لمستقبل المناخ في العالم بشكل عام.


في هذه الحالة، استخدم الباحثون نماذج، على افتراض مسار الأعمال كالمعتاد لانبعاثات غازات الدفيئة (وهذا بافتراض أن انبعاثات غازات الدفيئة ستبقى على مستوياتها الحالية طوال القرن)، على إبراز أنماط هطول الأمطار في المستقبل في منطقة الأمازون. ووجد الباحثون أنه، سوف ينخفض ​​متوسط ​​هطول الأمطار السنوي في شرق الأمازون، في حين أنها ستزيد في غرب الأمازون.


ومع ذلك، فمن المهم أن نلاحظ أن شرق الأمازون يمثل حوالي ثلاثة أرباع حوض الأمازون، وبالتالي انخفاض هطول الأمطار سيكون أكثر انتشارا بكثير من غزارة هطول الأمطار.


وإجمالا، فإن النماذج تتوقع أن المنطقة المتضررة من الجفاف المعتدل ستتضاعف ، أما المنطقة المتضررة من الجفاف الشديد ستتضرر بحوالى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2100. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الأمازون ستواجه زيادة ، ليس فقط في الجفاف، ولكن أيضا فترات من الغدق. في الواقع، تظهر النماذج أن بعض المناطق التي ستتأثر كثيرا من الجفاف في المستقبل سوف تتأثر أيضا كثيرا بالأمطار الغزيرة (على الرغم من أن هذين النقيضين لا يحدثان في نفس الوقت).


ولكن في حين أنه قد يبدو أن الأمطار الغزيرة خلال جزء من السنة يمكن يحقق التوازن مع الجفاف الشديد في وقت مختلف، إلا أن النقيضين سيئان للغابات بشكل عام، لأن الأمطار الغزيرة تتسبب في الفيضانات، التي يمكن أن تكون ضارة ومن الصعب بالنسبة للتربة إمتصاصها لأنها تنجرف بسرعة. وهذا يعني أن هذا الماء الزائد لا يساعد في الواقع تعويض الجفاف لأنه لا يتم امتصاصه بشكل كاف في التربة.


عند النظر في الآثار البيئية لهذين النقيضين (غزارة هطول الأمطار – الجفاف) يمكننا أن نتوقع من الفائز ومن الخاسر فالتنوع الحيوى مرتفع جدا (أكثر من 15000 نوع شجرى على سبيل المثال) والتوقعات بالنسبة للأنواع الفردية يكاد يكون مستحيلا، ولكن تلك التي تفضل الرطوبة على مدار السنة سوف تبدأ فى المعاناة (إن لم تكن بدأت بالفعل).


بالرغم من الآثار المترتبة على زوال قدرة تخزين الكربون بالأشجار ، لا تزال مرونة الأمازون غير مفهومة بشكل جيد. فالجفاف يقتل الأشجار، لكن في المدى الطويل، كيف تنجو غابات الأمازون وتظل حية.


ومع ذلك، بسبب أن فترات الجفاف الماضية أدت إلى تحرر هذه الكميات الضخمة من الكربون، فإن القضية لا تزال مصدر قلق كبير. ويؤدى الجفاف الشديد أيضا لموت الأشجار بشكل غير مباشر من خلال تأثيرات أخرى مثل حرائق الغابات التى أصبحت أكثر شيوعا مع استمرار جفاف الأمازون.


وهناك عوامل أخرى يمكن أن تؤثر على صحة الغابات لم تتناولها هذه الدراسة بعين الاعتبار. على سبيل المثال، فإن هذه الدراسة شملت فقط التوقعات لأنماط هطول الأمطار ولكن، استمرار ارتفاع درجات الحرارة أيضا يقلل من كمية الرطوبة الموجودة بالفعل في التربة، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم آثار الجفاف الناجم عن انخفاض معدل هطول الأمطار. ما يثير القلق هو أنه إذا أصبح الجفاف أكثر تواتراً، مع عرقلة المجهودات المبذولة لمنع إزالة الغابات فسوف يتم إغراق كوكب الأرض بانبعاثات الكربون الهائلة نتيجة لهذا الجفاف، والتيس يصبح من الصعب حقا السيطرة على نتائجها.



2 views0 comments
bottom of page