ولكن الجفاف لا يصيب فقط الولايات المتحدة بشدة، بل أيضاً العديد من المناطق في الشرق الأوسط، وآسيا، وتعاني أفريقيا من ارتفاع درجات حرارة الهواء وجفاف الهواء بشدة، وتكرر موجات الجفاف الشديدة. كشفت إحدى دراسات ناسا الأخيرة أن الجفاف أصاب منطقة المشرق العربي بشرق البحر المتوسط منذ عام 1998، ومن المرجح أن يكون الأسوأ خلال 900 عام الماضية.
في حين أن الجفاف يمكن أن يحدث لأسباب مختلفة اعتماداً على المنطقة من العالم والعوامل الطبيعية الأخرى، فإن الغالبية العظمى من العلماء بدأت فى الربط مابين الجفاف وتغير المناخ. هذا بسبب تحرر المزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الهواء، مما تسبب في ارتفاع درجات حرارة الجو ، وزيادة معدل فقد رطوبة التربة وزيادة تبخرمياه البحيرات والأنهار وغيرها من المسطحات المائية. ارتفاع درجات الحرارة أيضا يزيد من التبخر في تربة النبات، مما يؤثر على الحياة النباتية ويمكن أن يقلل من تساقط الأمطار بمعدلات أكثر من ذلك. وعندما لا تصل الأمطار إلى المناطق المنكوبة بالجفاف، تصبح التربة أكثر جفافاً وأقل قدرة على امتصاص الماء، مما يزيد من احتمال حدوث فيضانات.
غني عن القول أن الجفاف يمكن أن يكون ضاراً بالبيئة. ولكن الجفاف أيضا له عواقب وخيمة على حياة الناس وأرزاقهم، مما يؤثر على كل شيء من الزراعة وإمدادات المياه إلى وسائل النقل والصحة. يعتمد ما يقرب من 40 % من سكان العالم (1.3 مليار شخص) على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. وإذا كان الجفاف الشديد يؤدي لنقص المياه في منطقة تعتمد على الزراعة، فإنه يعرض صحة ورفاهية المزارعين والمجتمعات للخطر بل الحيوانات والمحاصيل أيضا. للتعرف على حجم هذا التهديد في الولايات المتحدة وحدها، في عام 2012 أعلنت وزارة الزراعة في الولايات المتحدة عن حدوث كارثة طبيعية في 2245 مقاطعة بسبب الجفاف الشديد. كما أن هناك العديد من الناس والكثير من المجتمعات تعيش فى ظروف الجفاف.
هناك كذلك عواقب قد لا ندركها على الفور مثل حدوث حرائق الغابات، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ويصبح الشتاء أقصر، والصيف أطول، وقد زاد تكرار الحرائق الطبيعية فى غرب الولايات المتحدة بنسبة 400 % منذ عام 1970 ، مما أسفر عن قتل الحياة النباتية وتهيئة ظروف دمار أكثر. مع قلة هطول أمطار ، فإنه من الصعب أن تتوقف هذه الحرائق بمجرد أن تبدأ. ويمكن لهذه الحرائق أن تحدث خسائر تقدر بملايين الدولارات، ناهيك عن النباتات المفقودة والحيوانات التى لاتقدر بمال.
في حين أن العلماء لا يمكنهم الجزم بما سيحدث في مناطق محددة نتيجة الربط مابين الجفاف وتغير المناخ، إلا أن هناك توافق عام في الآراء أنه من المرجح أن تستمر تهيئة ظروف الجفاف على مدى نصف القرن القادم في بعض أجزاء من العالم نتيجة لارتفاع درجات الحرارة ، ويحتمل أن تصل الى مستويات لم نشهدها في بعض المناطق في العصر الحديث. في إحدى الدراسات الحديثة يتوقع الباحثون أن أجزاء كبيرة من نصف الكرة الغربي، وأفريقيا، وآسيا قد تكون مهددة أكثر من غيرها.
إذا كنا نريد منع الجفاف من أن يزداد سوءا أو أن يتكرر كثيراً، فنحن بحاجة لوقف تغير المناخ والحفاظ على إمدادات المياه. لا ينبغي أن تتعايش المجتمعات مع التهديد الذى يلوح في الأفق من حرائق الغابات، ونقص الغذاء، وفقدان الدخل بسبب تغير المناخ إلى تفاقم الجفاف. وخصوصا عندما يكون الطريق أمامنا واضح لذلك. اذا تم اتخاذ الخطوات الصحيحة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التى تؤدى لتغير المناخ، يمكننا البقاء على الطريق لإنهاء الأزمة وللمساعدة على تقليل التهديد الخطير والمستمر لحالات الجفاف في جميع أنحاء العالم.