الصبار... محصول جديد للطاقة
الصبار يمكن أن يكون الجاتروفا الجديدة. هناك ضجة في بعض دوائر الوقود الحيوي بأن هذا النبات العصارى الذى يزرع بالصحراء سيصبح محصول الطاقة فى المستقبل حيث يعطى كميات هائلة من الكتلة الحيوية التى تتخمر لتعطى الغاز الحيوي اللازم لتوليد الكهرباء في الأراضى شبه القاحلة في أفريقيا وأماكن أخرى.
مزارع الصبار العملاقة تنتشر في المناطق الفقيرة والمعرضة للمجاعة مثل منطقة الساحل، لذا يمكن تحويلها لأسواق طاقة منخفضة الكربون، والحد من التصحر وتوفير المال الذى تشتد الحاجة إليه لمعيشة الأسر بتلك المناطق
المروجين لقدرة الصبار الهائلة، يقولون أن محاصيل الطاقة لديها سمعة سيئة نتيجة لنزع ملكية الأرض التي يمكن زراعتها بالمحاصيل الغذائية. ويقولون أن المهارة هي فى العثور على محاصيل يمكن أن تنمو بالأراضى شديدة الجفاف لزراعة المحاصيل الغذائية دون تكلفة فى عملية الري. لذلك هم يستهدفون النباتات الصحراوية مثل الصبار التي تحتاج إلى القليل من الماء.
في حين أن معظم النباتات تفتح ثغور الأوراق خلال النهار لامتصاص ثاني أكسيد الكربون وتحويله باستخدام أشعة الشمس والمياه، فإن الصبار وغيره من النباتات التى بها ميتابوليزم الحمض العصارى crussulacean ((CAM قد تطورت لتكون أكثر كفاءة من خلال فتح الثغور فقط ليلاً. بسبب أن فتح الثغور خلال النهار يؤدي عادة إلى فقدان المياه بكمية ضخمة عن طريق التبخر، فإن الصبار والنباتات CAM أخرى يمكن أن تقلل من فقدان المياه بنسبة تصل إلى 90 %. وبعد ذلك تخزن ثانى أكسيد الكربون علي شكل مالات (وهو مركب عضوي) على مدار الليل، قبل استئناف عملية التمثيل الضوئي عندما تشرق الشمس. النتيجة لتلك الآلية هو إنتاج الكثير من الكتلة الحيوية مع استهلاك قليل نسبياً من الماء وبالتالى يصلح في الأماكن التي لا تنمو بها العديد من النباتات الأخرى.
وتشمل نباتات CAM صبار التين الشوكي (Opuntia ficus indica)، الذى تزرع على نطاق واسع لعلف الماشية في البرازيل، ولكنه يعتبر غازياً في أجزاء كثيرة من العالم. كذلك شجيرة أصلية فى أفريقيا تسمى صبار القلم الرصاص أو نبات عصا النار Euphorbia tirucalli. وتشمل أيضاً من بين حوالى 16 ألف نوع من نباتات CAM نبات الأناناس وصبار الأجاف وأشكال عديدة من الصبارات الشوكية والعصارية. وهى تشترك جميعاً فى امتلاكها وسيلة لأتمام عملية التمثيل الضوئي مع الحفاظ على الماء أثناء إنتاجها للكتلة الحيوية. لذلك ليس من المستغرب أن تبحق الشركات في أنواع نباتات CAM الصالحة كوقود حيوي. والتى تتميز بقلة احتياجها من الماء، وتحملها للزراعة بالأراضي غير الصالحة، وإنتاجها الكثير من الكتلة الحيوية لتحويلها إلى وقود حيوي.
تعتبر Live Energies إحدى الشركات الألمانية التي ساعدت أيضاً فى تطوير الجاتروفا، وقد بدأت محاولة زراعة مكثفة لنوعين من نباتات CAM وهما التين الشوكي و صبار القلم الرصاص في كينيا. وقد بدأت الشركة فى تحقيق عوائد عالية.
إستبدال النفايات الزراعية بأنواع نباتات CAM يمكن أن يخفض بشكل كبير من تكاليف التخمر فى مشاريع توليد الغاز الحيوي من النفايات الزراعية. إلى جانب مزايا أخرى، حيث تتميز نباتات CAM بمحتواها المنخفضة بشكل غير عادي من اللجنين. وكلما قل المحتوى من اللجنين كلما أسرع من طول عملية التخمير للحصول على الوقود الحيوى.
في دراسة بحثية نشرت في عام 2015 من قبل الجمعية الملكية للكيمياء، ادعى الباحثان أن محاصيل CAM يمكن أن تصبح موارداً كبيراً للطاقة الحيوية على الصعيد العالمي. وقالا ان 250 مليون هكتار من الأراضي (10/1 الأراضي شبه القاحلة في العالم)، يمكن زراعتها لإنتاج ما يكفي من الوقود لتوليد الكهرباء بقدر ما يتوفر حالياً من حرق الغاز الطبيعي على مستوى العالم. وإذا تم إنماء المحاصيل باستمرار، فإن انبعاثات الكربون الصافي سيصبح قريباً من الصفر.
ناقشت الدراسة أيضاً فى أن النباتات المنتجة للغاز الحيوي من شأنها إتاحة إمدادات ثابتة من مياه الصرف التي تحتوي على العناصر الغذائية التى يمكن استخدامها في ري وتسميد المحاصيل الغذائية. لذلك، ينتهي الأمر بوجود محاصيل الطاقة والمزيد من الطعام.
هناك الكثير من السلبيات. ميسون يعترف بأن مربي النباتات نادرا ما يهتم متخصصى التربية بنباتات CAM، لذلك فهي لا تزال في مرحلة مبكرة من التطور - أي ما يشبه محاصيل الحبوب منذ 8000 سنة. وهذا يجعلها تبدو بشكل مزعج مثل الجاتروفا، التي كانت تدرس كنوع من الحشائش الأفريقية حتى تم التعرف عليها من قبل جولدمان ساكس في عام 2007 كمصدر ضخم محتمل من وقود الديزل الحيوي. لكن ميسون يقول أن عدم وجود أبحاث على نباتات CAM يعني أيضا أن هناك إمكانية كبيرة لتحسين إنتاجيتها.
تنمو نباتات CAM بشكل جيد في الأراضي شبه القاحلة مع هطول الأمطار السنوية بمعدل 25-50 سم، حيث كانت فيما سبق تستخدم عند الحد الأدنى. لهذا، يمكن القول: "يمكن أنها توفر فرصة كبيرة ل للشبكة كهرباء صديقة للبيئة، وتخلق فرص عمل في المناطق الريفية وتحسن من استخدام الأراضي وخصوبتها.
ومع ذلك، أي شخص يشعر بالقلق إزاء البيئة وسبل العيش واستخدام المياه في البيئات شبه القاحلة، كل هذا ينبغي أن يدق أجراس الخطر. فقط لأن الأرض لا تصلح لنمو المحاصيل الغذائية لا يعني أن تترك خالية أو غير مستخدمة من قبل البشر. كما أنه لا يعني عدم صلاحيتها لوظائف بيئية أخرى أو أن تقدم "خدمات للنظام الإيكولوجي، الأوسع نطاقا مثل إدارة المياه. ومعلوم أن تعطيل النظم الإيكولوجية على هذا النطاق الواسع يمكن أن يكون له انعكاسات بيئية غير متوقعة.
هذه الدراسة تذكر بإيجاز أن "الكثير من الأرض المخصصة لزراعة محاصيل CAM قد يكون لها أيضا استخدامات تنافسية مثل المراعي، ولكن لم يتم متابعة هذه المسألة. ولا مسألة من يملك الأرض. سوف يقول البعض أن محصول الطاقة كبير الحجم لديه القدرة على توفير بدائل اقتصادية وفرص عمل بدلاً من نظم الرعي التي أدت إلى تدهور الأراضي في جميع أنحاء الأراضي شبه القاحلة. لكن نظريات "الإفراط في الرعي" تم الطعن عليها. وعلى أية حال، هناك خطر جدي من أن يحدث العكس. وبعيداً عن تخفيف التصحر وزراعة الكتلة الحيوية مجرد وجود قطعان للرعي فى مناطق صغيرة يزيد من خطر تدهور الأراضي.
لم تتناول الدراسة أيضا استخدام المياه على مستوى الطبيعية. ولكن كفاءة استهلاك المياه التي قد تكون على النحو النباتات الفردية، مزارع الصبار الصناعية الضخمة يمكن أن يكون لها تداعيات هيدرولوجية خطيرة. يمكن لهذه المزارع بالفعل أن تقلل من المياه الجوفية، وتجفف الآبار والأنهار الموسمية، وخصوصا خلال فترات الجفاف التي تحفز على حدوث المجاعات التي تشتهر بها الأراضي شبه القاحلة.
حتى في الصحراء، يجب أن يستثمر أصحاب المشاريع البيئية بحذر.
لتحميل نسخة كاملة من الدراسة : إضغط هنا