Search
الأشجار ومكافحة الجريمة
تعتبر الجريمة مشكلة مزمنة في كثير من المناطق الحضرية الكبيرة والصغيرة وخاصة الفقيرة منها. في بحث جديد، درس كلا من كيت جليستاد-هايدن وسبنسر ماير من جامعة ييل، الآثار المترتبة من وجود الغطاء الشجري على الجريمة. وجد الباحثان أنه مع كل زيادة بحوالى 10٪ في الغطاء الشجري canopy cover، كان هناك انخفاض بنسبة 15٪ في جرائم العنف، وانخفاض بنسبة 14٪ في معدل جرائم سرقة الملكية الخاصة.
وفقا للباحثين، يمكن للأشجار أن تساعد فى زيادة مراقبة الشارع من خلال الاستخدام الترفيهي، والحد من الإجهاد العقلي الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث الجريمة، وتوفير المناظر الطبيعية التي تكون بمثابة وسيلة للرعاية الصحية والنفسية.
منذ القدم، يعتقد العاملون فى مجال تطبيق القانون بمساهمة الغطاء النباتي فى الجريمة عن طريق عرقلة المراقبة وتوفير ساتر لإخفاء المجرمين. ومع ذلك، فقد وجدت الدراسات الحديثة (باستخدام بيانات الجريمة من خلال تقارير الشرطة ومصادر أخرى) أن عكس هذا الاعتقاد القديم قد يكون صحيحاً.
وكانت دراسة أجريت عام 2001 لتطوير الإسكان الجماعى في شيكاغو هى أول من ربط بين الغطاء النباتي مع تعداد الجريمة من تقارير الشرطة. أكبر مساحة خضرية من النباتات المحيطة بالمباني السكنية (كما تم قياسها عن طريق الصور الجوية وعلى مستوى الأرض)، كان مرتبطاً مع أقل عدد من البلاغات ضد سرقة الممتلكات وجرائم العنف، مع التحكم فى العوامل الخارجية (على سبيل المثال، عدد الشقق في المبنى، ومعدل الوحدات غير المأهولة، وارتفاع المبنى).
أكدت دراسات أخرى أجريت في بالتيمور، وماريلاند، وفيلادلفيا، وبنسلفانيا على نتائج شيكاغو باستخدام التصوير الجوي عالي الدقة لقياس الغطاء النباتي مع الاستعانة ببعض النماذج الإحصائية المتطورة الخاصة بحساب التبعية المكانية، بأن الجريمة تميل إلى الزيادة حول الأحياء المجاورة.
بدأ الباحثون فى تحديد ما إذا كان هذا البحث الذى أجرى في وقت سابق قابل للتعميم على المدن متوسطة الحجم، فبدأو بدراسة العلاقة بين النباتات والجريمة في نيو هافن بولاية كونيكتيكت، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 130 ألف نسمة ويبلغ معدل الجريمة بها 65 جريمة لكل 1000 شخص، أو 2.7 ضعف معدل الولاية أو ضعفى المعدل الوطني للولايات المتحدة.
نيو هافن هي موطن 32 ألف شجرة شوارع وحدائق عامة والتي تغطي 2200 فدان تمثل 38 % من جميع الأراضي المغطاة بتيجان الأشجار. وبالتالى هذه النسبة أعلى قليلاً من متوسط الغطاء الشجري لمدن الولايات المتحدة المشابهة من حيث الحجم.
إعتمدت الدراسة على المنهجيات الإحصائية والمكانية المتقدمة المستخدمة في بالتيمور وفيلادلفيا وهي الأولى لتطبيق هذه التقنيات على تقارير الجرائم من المكتب الفيدرالي. وتشمل النتائج جرائم الملكية (السطو والسرقة وسرقة السيارات والحرق) وجرائم العنف (القتل والاغتصاب والسرقة والاعتداء) وتوفر مقياساً للتكرار على الصعيد الوطني للجريمة التي تنسجم مع علم الإجرام والحالة الاقتصادية.
أظهرت النتائج أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 % في الغطاء الشجري كان هناك انخفاض بنسبة 15 % في معدل جرائم العنف وانخفاض 14 % في معدل جرائم الملكية الخاصة. الباحثون تحكم الباحثون فى العوامل الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك التأكد من المستوى التعليمي لسكان الحي، ومتوسط دخل الأسرة وتكوينها العرقي، والكثافة السكانية، والمساكن الخالية والمسكونة.
وأظهرت خرائط الغطاء الشجري ووقوع الجرائم بوضوح أن الأحياء التى بها المزيد من الغطاء الشجري تتميز بقلة السرقات والعنف والجريمة بشكل عام. في حين لم يحدد الباحثين العلاقة السببية بين الأشجار والجريمة في منطقة الدراسة، يشير بحث سابق إلى أن النباتات يمكن أن توفر فوائد تحد من الجريمة من خلال آليتين كما يلى:-
أولاً:- تجذب المساحات الخضراء الناس للاستجمام وممارسة الأنشطة الترويحية، مما يؤدي إلى زيادة المزيد من العيون بالشارع، والتي توفر المراقبة الفعلية.
ثانياً:- يتبين أن وجود الأشجار والطبيعة تحد من الإجهاد الذهنى، الذى يمهد للسلوك العنيف.
المصدر: إضغط هنا