top of page

هل إستخدام مصطلح 'الغابات الحضرية "خاطئ؟

عندما نتحدث عن "الغابات الحضرية،" فهل هذا يعتبر نوع من خداع النفس؟

نظام الغابة معقد بيولوجياً وهى مجتمع واسع من الكائنات الحية يتميز بأنه (متوالد – مستدام – عشوائي - غير منتظم – مرن). مجتمع الغابة يتشارك فيه (النباتات والميكروبات واللافقاريات والطيور والحيوانات) لإنتاج نظام طبيعي، ولكن الغابات لا تحتوي على البنية التحتية كما يعرفها الناس، مثل حدود الملكية، والخوف من ضرر الأشجار والمسؤولية القانونية أو ملكية الأصول والتنسيق الحضري التى بدأت تسود.


لذلك هل يمكننا حقا استخدام مصطلح "الغابات الحضرية"؟


هناك عدة قضايا متداخلة فى هذا الأمر. القيود المتضاربة للجزء الحضري من 'الغابات الحضرية "كما هو موضح أعلاه تظهر مجموعة أخرى من التحديات للحفاظ على الغابات العاملة بشكل متوازن. بينما العلم مستمر فى وصف تعقيدات العالم الطبيعي، نجد أن القوى المتنافسة للنمو الحضري تؤثر على الموائل الطبيعية والنظم الايكولوجية الحيوية باستمرار وليست مفهومة بشكل جيد حتى الآن. لأن الناس لن يتركوا أو يبتعدوا عن التحضر في أي وقت قريب، لا بد من إضافة طبقة أخرى من الدراسة العلمية والناتجة عن بروتوكولات الإدارة إلى المناطق الطبيعية في المناطق الحضرية. البنية التحتية الرمادية تضع ضغوطاً متزايدة على العنصر الأخضر الموجود، وبالتالى ستزداد تلك الضغوط في المنشآت المصممة حديثاً. هذا غالباً ما يؤدي لنتائج غير مرضية للمقيمين في البيئة الحضرية الناشئة في المستقبل القريب.


ما مدى أهمية البيانات لمستقبل الغابات الحضرية الصحية؟


الفشل المبكر للأشجار غير مقبول عند الاعتماد على نسبة عالية من الغابات الحضرية المستقبلية

المعرفة والفهم من خلال تراكم بيانات سليمة علميا يعتبر أمراً ضرورياً لإدارة التأثيرات التى تحدث على البيئة. وينبغي أن يستخدم جمع البيانات الرئيسية من المحيط المكاني، ومساحة الغطاء الشجرى والنباتات والتربة لوضع الاستراتيجيات، والانخراط في تصاميم المشروع، ومراقبة النجاح أو الفشل وتطوير القيم الفعلية والوظيفية للأشجار.


وعلاوة على ذلك، قياس البيانات مبكراً يتيح للجيل المقبل تحسين إدارة تطوير الغابات الحضرية بصورة أكثر نجاحاً. تخيل كيف أن البيانات الجيدة عبر عشرات السنين كانت متاحة لنا الآن، كيف كانت ستؤثر في صنع القرار؟. يمكن تتبع النجاح والفشل في الوقت المناسب للمساعدة على اتخاذ قرارات مستنيرة بحيث لا يضيع الوقت مع زراعات غير قابلة للإصلاح والتعديل.


كيف ستبدو الغابة الحضرية فى المستقبل؟


هناك شجرة واحدة فى هذا الموقع حديث التأسيس ولا تظهر تيجان أشجار أخرى.

التفكير في الغابات الحضرية المستقبلية لا يمكن أن يعتمد على زراعة جذوع تشبه الأنابيب القائمة وأغطية الجور البلاستيكية، أو زراعة الطرق بالأنواع الأحادية monoculture أو الستائر الشجرة الطولية حول خطوط الطاقة الكهربائية. الغابات الحضرية الحقيقية في المستقبل سوف تحتوى على أشجار ذات تيجان منتشرة في كل مكان بالمدينة. وحالتها صحية جميلة المظهر، خضراء وكثيفة، وذات تنوع بيولوجي ملائم. كما ستكون متصلة فيما بينها، وتوفر الموائل للحيوانات والطيور والحشرات. الخلاصة أن الغابات في المناطق الحضرية تعنى مظلة من تجمعات الأشجار الصحية، وليست الأشجار الفردية.


إن المجتمعات المحلية التي تنحاز للاستثمار في الغابات الحضرية ستزداد قيمة استثماراتها إذا تم إدارتها بمفهوم علمي. بالإضافة إلى ذلك، إشراك المجتمع أمر ضروري لنجاح الغابات الحضرية ولا يمكن أن توجد من دون المشاركة الفعالة والملكية لأفراد المجتمع. كما أن اتباع نهج استراتيجي لتقييم نطاق ومتطلبات الموقع والتنظيم والتركيب والصيانة وما سوف تتكلفة الغابات الحضرية، يتطلب اهتماما مستمراً وعملاً دؤباً. عملية التقييم هذه تعتبر الأكثر أهمية عندما يتم ضخ استثمارات كبيرة على المدى الطويل في تطوير الغابات الحضرية.


وتشير نتائج البحوث الحديثة أن الغطاء الشجرى المكون من الأشجار الفردية يمكن أن يوفر بعض الخدمات الوظيفية القابلة للقياس الكمي. هذه يمكن أن تأتي فقط من كثافة الأشجار الصحية ، والتي لا يوجد منها ما يكفي في البيئة الحضرية. يلزم الاستعانة بالبيانات لرصد وفهم ذلك الأمر وبالتالى يمكن إتخاذ الإجراءات لجعلها فى حالة أفضل.

حتى في ظروف النمو المثالية، تحتاج هذه الأشجار لعشرات السنين حتى تتمكن من القيام بتوفير الفوائد الوظيفية القابلة للقياس الكمي.

الأشجار الفردية الموجودة الآن يمكن التعرف علىها ورصدها، في حين أنه في المناطق التي تزرع بها الأشجار الفردية الجديدة، يمكن ضمان نجاحها واستمرارها بشكل أفضل من خلال رصد البيانات وممارسات إدارة النمو. يمكن أن نحسن إختيار أنواع النباتات المطلوبة لإعادة الزراعة ولحماية وتعزيز التنوع البيولوجي، والنظام البيئى الصحي بشكل أفضل، من خلال تراكم البيانات وتفسيرها.


العنصر التالي هو تنفيذ ما سبق بطرق عملية، مثل توفير تمويل للمشاريع، والمشاركة المجتمعية، والمنشآت المصممة تصميماً جيداً باستخدام الخبرة متعددة التخصصات والمدخلات بالإضافة إلى ممارسات الإدارة والرصد في المستقبل ، وكل ذلك يمكن ان يتم دعمه من خلال جمع البيانات.


يمكن للمرء أن يتصور الغطاء الشجرى للغابات الحضرية المستقبلية في كل مكان والإمكانيات التى ينمكن أن توفرها. ولكن بكل ثقة يمكن القول أن أكبر سبب لانخفاض وفشل نمو الشجرة في المناطق الحضرية هو التأثير على صحتها وحياتها من خلال الجروح والكسر بالأجزاء الأساسية. فالجذور الشعرية والجذور الدعامية والفروع الهيكلية وتاج الشجرة كلها ضرورية لصحة الأشجار الفردية. كذلك الحال بالنسبة للبنية الأساسية للتربة، وحجم الشجرة والوظيفة البيولوجية للبيئة التي تنمو بها الشجرة. تضر التأثيرات السلبية للبنية التحتية الرمادية (التربة) بصحة الأشجار والغطاء الشجرى الكثيف.

البنية التحتية لخطوط الطاقة والاتصالات وشبكة المياه والصرف الصحي والغاز وممرات المشاة والطرق، كل ذلك يؤثر على الحالة الصحية للأشجار ومتوسط ​​العمر المتوقع لها. يمكن لبيانات هذه البنية التحتية أن تساعد مديري الغابات في المناطق الحضرية لفهم الجدوى من زراعة الشجرة والمشاكل المستقبلية المحتملة التي تشكلها هذه الخدمات (الأصول الرمادية)، ولكن يجب ألا ننسى أهمية الأشجار (الأصول الخضراء) والقيمة الوظيفية التي تقدمها، ثم تحديد الأولويات وفقاً لذلك. ويمكن لهذه الأصول الخضراء التى سوف تعمر كثيراً عن الأصول الرمادي وتوفر فوائد متراكمة لأنها لا تزال تنمو وتعمل على ربط الغابات الحضرية ببعضها.

يأخذ الغطاء الشجرى عقوداً لكى يتشكل وتتداخل فروع الأشجار مع بعضها البعض. عندما يوفر الغطاء الشجرى قيمة وظيفية قابلة للقياس الكمي وأقصى قدر من الإنتاجية، فعندئذ تبدأ الشجرة فى أداء وظيفتها.


على الرغم من التعاريف الحالية، فإن مصطلح "الغابة الحضرية" يمكن اعتباره تناقض لفظى، ومن الضروري للمناطق السكنية المستقبلية في المدن أن يتم تصميمها بشكل علمى لتوفير إحتياجات البشر ولايجاد وسيلة للتعامل مع أوجه القصور الحالية والضغوط المستقبلية . يمكن أن تكون هناك نتائج ناجحة، لكنها لا تحدث دون وجود أدلة تاريخية ودراسة مفصلة للعديد من المتغيرات التي تؤثر على وتؤثر على البيئة توليفها من المناظر الطبيعية في المناطق الحضرية.


وإذا استمرت زراعة الأشجار دون النظر إلى البيانات الكاملة والمعقدة للكائنات الحية عبر المناطق الطبيعية في الضواحي والأحياء، سوف ينتهي بها الأمر إلى وجود غطاء شجرى يبدو وكأنه خارطة طريق ويرجع ذلك إلى الحبس لا تنتهي من مظلة من البنية التحتية الرمادية. بالإضافة إلى ذلك، من المستبعد جدا أن تصل هذه الأشجار إلى حجمها وعمرها الطبيعى لتقديم خدماتها الوظيفية القابلة للقياس الكمي وبالتالي تصبح معرضة للإزالة والقطع بسبب سوء حالتها.


في المستقبل، إذا تمت الاستجابة لنتائج البحوث الحالية، فإن الغطاء الشجرى الأخضر الذي توفره الغابات الحضرية الصحية سوف تجد مكانها باعتبارها ذات قيمة عالية للإقامة في المناطق الحضرية. والذى لايقل أهمية عن معظم الضروريات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب. والفرق هو أن الأشجار (الصحية) تحتاج لعقود للبدء في تقديم فوائدها القابلة للقياس الكمي مثل خفضها لتأثير الجزيرة الحرارية الحضرية. مع عقود من الاستثمار، يمكن لهذه الأصول الطبيعية أن توفر الخدمات التي تكلف المجتمع عنصرا لا يقدر بثمن وهو (الوقت). فإنه يتعين على واضعي السياسات والمصممين على الاستثمار فى الغابات الحضرية بحيث تستمر الأشجار فى الازدهار لمزيد من الأجيال التالية. الممارسة التقليدية فى الإفراط في التقليم والتشذيب بحجة المحافظة على صحة الأشجار، يقلل من عمرها المتوقع بسبب عوامل خارجية مثل الجفاف الذى قد يؤدى إلى زوال الغابات الحضرية.


مع إمكانية الوصول إلى البيانات الكاملة للشجرة على المدى الطويل منذ زراعتها يمكن الاعتماد عليها، والتصميم الجيد والتخطيط لوضع شجرة قد تساعد أيضا في التغلب على هذا التناقض اللفظى للغابات الحضرية في المستقبل. هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في مجال البحث العلمي لمواصلة تطوير فهم إحيائات الغابات الحضرية المعقدة بحيث يمكن أن تتحقق إمكاناتها الحقيقية.


جميع الذين لديهم مصلحة في هذا الشأن يجب أن يكون منفتح للجهود التعاونية الجارية لتحسين الغابات الحضرية المتدهورة بالفعل. يلزم وجود التزام الآن للشروع في هذه الرحلة وتبني مفهوم يعبر بها إلى المستقبل المزهر.


المصدر: إضغط هنا

3 views0 comments
bottom of page