تأثير بلاط الأرصفة على تربة أشجار الشوارع
أحد الأسئلة المتكررة بالنسبة لأشجار الحضر، هو ما إذا كانت المادة العضوية فى التربة سوف تقل جداً أو تستنزف عندما تحاط الأشجار ببلاط الرصيف وبالتالى لا تتمكن الأوراق المتساقطة من التحلل في التربة واستفادة الأشجار بها فى النمو.
بطبيعة الحال، الكثير من أوراق الأشجار التى تتساقط من شأنها أن تندمج مرة أخرى في التربة حيث ينمو جذور هذه الأشجار، ولكن نسبة المادة العضوية في التربة التي تأتي من أوراق الشجر المتحللة هى أقل بكثير مما يعتقد معظم الناس. في الواقع، أكبر المساهمين في إمداد تربة الأشجار بالمادة العضوية كل من الجذور الشعرية للأشجار والأهم من ذلك، فطر الميكوريزا الذى يرتبط مع جذور الأشجار. فطريات الميكوريزا الجذرية تنشئ علاقة فيما بينها وجذور النبات. حيث تمدها الأشجار بالكربوهيدرات ومتطلبات النمو الأخرى، بينما تزيد الفطريات من فرص حصول جذور النبات على المياه والعناصر الغذائية (خاصة الفوسفور) من التربة عن طريق زيادة المساحة الاستيعابية الإجمالية للمجموع الجذرى.
لماذا تعتبر المادة العضوية هامة في التربة مهم؟ لأنها تساعد على نمو الأشجار بصورة صحية من خلال الاستفادة منها في الطرق التالية:
تساعد على بناء بنية التربة
توفر خزان من العناصر الغذائية
تزيد من قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه
العديد من الأشجار في المناطق الحضرية في شوارعها وسط المدينة ومواقف السيارات، والساحات العامة تنمو في جور صغيرة المساحة (غالباً 1.5 × 1.5 متر وأحياناً صغيرة مثل 3 '× 3') يحيط بها بلاط الرصيف. كيف يؤثر بلاط الرصيف على المواد العضوية في التربة تحته؟ الجواب هو أنه يعتمد في الغالب على نوع التربة.
درس جولدبولد وآخرون (2006)، على سبيل المثال، الأهمية النسبية لتحلل أوراق الأشجار، والجذور الدقيقة وتحلل الفطريات إلى كربون بندمج في المواد العضوية في التربة لمدة ثلاثة مواسم نمو في غابة أشجار حور في إيطاليا، ووجدوا أن 62 % من الكربون الذي أضيف إلى المواد العضوية في التربة جاء من تحلل فطر الميكوريزا. وتنص الدراسة على أن طريقة دراستهم قدرت أقصى كمية كربون مضافة من أوراق الأشجار وبالغت في تقدير الكربون المدخل من أوراق الأ‘شجار المتحللة. وبعبارة أخرى، من المرجح أن المساهمة النسبية للكربون فى تجمع المادة العضوية بالتربة نتيجة لتحلل أوراق الأشجار تكون أقل كمياً من هذه الدراسة، بينما المساهمة النسبية للجذور الدقيقة وفطر الميكوريزا من المرجح أن تكون أكبر. ووجد الباحثون أيضا أن هيفات فطر الميكوريزا كان لها معدل تحول سريع جداً حيث بلغ تسعة أيام فقط. وهذا أسرع بكثير من معدل تحلل الأوراق، الذى يبلغ مرة واحدة في السنة، بينما الجذور الدقيقة، يبلغ معدل دورانها ثلاث مرات في السنة (Lukac وآخرون 2003 في جولدبولد وآخرون 2006).
كما وجد فوجل وهانت (1982) أن عودة المادة العضوية إلى التربة عن طريق تحلل الجذور الدقيقة وفطر الميكوريزا كان اعلى بكثير من تحلل أوراق الأشجار. في دراستهم على غابة أشجار التنوب Douglas fir الشابة في ولاية أوريجون التى استمرت لمدة سنتين، وتراوح معدل إسترجاع المادة العضوية إلى التربة عن طريق الجذور الدقيقة وفطر الميكوريزا من 84 - 78 %.
معرفة التأثيرات النسبية للجذور الدقيقة وفطر الميكوريزا المرتبط بها مقابل أوراق الأشجار على تشكيل المواد العضوية في التربة، يتيح لنا أن نتوقع تأثير بلاط الرصيف على تحرر المواد العضوية من الأشجار إلى التربة.
ولعل الأثر الأكثر وضوحاً لبلاط الرصيف، أن التربة تحت مظلة الأشجار المتساقطة لايصلها أوراق الأشجار إلا فى موسم الخريف، لذلك نتوقع أن أوراق الأشجار تساهم في المواد العضوية في التربة بقدر ضئيل.
الجدول 1: مقارنة بين الكثافة الظاهرية لأنواع مختلفة من التربة التى تحد من نمو الجذور
الأكثر أهمية من تأثير الرصيف على دورة كربون أوراق الأشجار المتحللة، هو تأثير الرصيف على جذور الأشجار وفطر الميكوريزا المرتبط بالأشجار. وجود بلاط الرصيف فوق منطقة المجموع الجذرى للشجرة يؤدى لاندماج التربة حتى تصل الكثافة الظاهرية إلى الدرجة التى تحد من نمو الجذور أو أكثر من ذلك، ويالتالى يصبح نمو الجذور محدود جداً أسفل بلاط الرصيف. ولذلك فإن المرء يتوقع معدل تجديد محدود جدا للمواد العضوية في التربة أسفل الرصيف نتيجة تعرضها للانضغاط بشكل مفرط. تعتمد الكثافة الظاهرية التى تحد من نمو الجذور على نوع التربة (انظر الشكلين 1 والجدول 1)، فهى تتراوح من 1.39 جم / سم مكعب للتربة الطينية إلى 1.69 جم / سم مكعب للتربة الرملية والرملية الطفلية. وهذا يتوافق بشكل عام مع كثافة بروكتر Proctor density من 80- 85٪. من أجل تثبيت الرصيف، وعادة ما يبلغ انضغاط التربة أسفل الرصيف 95٪ من كثافة بروكتور، وهو أعلى بكثير من الحد الأقصى الذى يحد من نمو الجذور. لذلك، فإن نمو الجذور وفطريات الميكوريزا المرتبطة بها يكون محدود للغاية، وبالتالى لا نتوقع وجود الكثير من المواد العضوية.
الشكل 1: الكثافة الظاهرية وكثافة بروكتر التي تؤثر على نمو الجذور
ومع ذلك، إذا كانت التربة تحت بلاط الرصيف محمية من الضغط المفرط، ويتوفر بها بيئة صحية لنمو جذور الأشجار، فإننا نتوقع أن يتم تجديد المادة العضوية بها عن طريق تحلل جذور الأشجار وفطر الميكوريزا المرتبط بجذور الأشجار. وبالتالي حماية التربة تحت الرصيف من الضغط المفرط من المتوقع أن يكون حاسماً فى الحفاظ على مستويات مثالية من المادة العضوية في التربة تحت الرصيف، وهذا أكثر أهمية بكثير من تحلل الأوراق المتساقطة للأشجار فى التربة. وكما ذكر أعلاه، فإن الحفاظ على المواد العضوية في التربة الملائمة أمر حاسم لنمو الأشجار بصورة صحية، لأنها تساعد على تكوين بنية التربة، وتوفر مخزون العناصر الغذائية، وتزيد من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء.
المصدر:- إضغط هنا