كيف تحمي الأشجار نفسها من الجروح والآفات
الأشجار قادرة على الدفاع عن نفسها ضد الآفات والأمراض. فهى تمتلك هيكل تشريحى وقائي وعمليات حيوية للحماية على حد سواء ، تماثل في بعض الصفات أنظمة المناعة الموجودة فى الجسم البشرى.
لقد عرفنا منذ فترة طويلة كيف يعمل اللحاء كدرع ضد مسببات الأمراض مثلما تحافظ بشرتنا على منع البكتيريا الضارة للدخول فى الجسم. تحتاج الأشجار إلى "جلد" أو طبقة حماية أكثر سمكًا مما نحتاجه نحن البشر، نظرًا لعدم امتلاكها رفاهية الحركة لتجنب المخاطر. كما تعمل طبقات من الأنسجة الحية وغير الحية على حماية جذوع الأشجار والجذور والفروع من الإصابات الميكانيكية ، والجفاف ، وكذلك من الأمراض.
ولكن عندما يخترق شيء ما خط الدفاع الأول هذا (المسام الموجودة فى طبقة اللحاء) فإن ما يحدث داخل الخشب يكون مميزاً. عندما تحدث إصابة ما، تقوم الشجرة بتحويل بعض السكريات المخزنة إلى مجموعة من المواد الكيميائية الدفاعية. ثم تقوم بتوزيع وإيداع هذه المركبات في نمط محدد داخليًا حول الجرح. كان الدكتور أليكس شيجو من خدمة الغابات الأمريكية أول من وثق هذا النمط (من خلال الأبحاث التي تم إجراؤها من منتصف الستينيات وحتى أوائل الثمانينيات)، والذي سماه CODIT ويعنى به تجزئة أو تقسيم التحلل decay في الأشجار. ومن أجل إحداث CODIT هذا ، تخلق الأشجار أربعة جدران حماية كيميائية مختلفة - اثنان دائريان ، و واحد شعاعي ، وأخر مسطحًا أفقيًا، ووصف هذه الجدران غامض بعض الشيء.
شفاء أو إغلاق الجروح، لا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى التحلل decay الذي سيحدث. كما يعتمد مدى تعفن أنسجة الشجرة rot على مدى فعاليتها في منع العدوى، ويكون الإغلاق جيداً حينما يتوقف نظام الأوعية الداخلية بالشجرة vascular system عن الالتفاف حول الجرح ، لكن إغلاق الجرح لا يحمي من التحلل الداخلي إذا كانت الشجرة ضعيفة جدًا لحماية نفسها كيميائيًا.
يعتمد نجاح هذه الجدران على النوع الشجرى. على سبيل المثال ، يمكن أن يحدث القيقب الصلد Hard maple والبلوط الأبيض white oak استجابة قوية لإحداث CODIT. من ناحية أخرى، بالكاد ينجح الحور والصفصاف في تشكيل جدران كيميائية ، في حين تقوم أنواع مثل البلوط الأحمر والقيقب الناعم soft maple باستجابة متوسطة.
تعتبر حيوية الشجرة بشكل عام عاملاً هاماً آخر. نحن نعلم أننا كبشر إذا كنا مرهقين بشكل مزمن ، أو نعانى من سوء التغذية ، أو من قلة الرطوبة، أو نعاني من الجفاف، فإننا نصبح أكثر عرضة للإصابة بالمرض. حتى القيقب السكرى sugar maple قد لا يكون قادراً على تكوين جدران كيميائية قوية إذا كان في حالة ضعف. أيضاً أشجار المناطق الحضرية تكون أقل حيوية مقارنة بمثيلاتها التى تعيش في الغابات، فشجرة الشوارع تكون أسوأ حالًا حيث تواجه الحرارة المنعكسة والجفاف ومساحة الجذر المحدودة وتلوث الهواء وغير ذلك.
وبالطبع حجم الإصابة يحدث فرقاً، فالشجرة القوية الصحية يمكن أن تنهار دفاعاتها نتيجة لوجود جرح كبير، ونعلم أن الشجرة تخسر في كثير من الأحيان معركتها ضد التحلل.
لا نعرف الكثير عن الطريقة التي تتفاعل بها الأشجار مع الآفات الحشرية. وندرك أن الأشجار تدافع ضد الآفات الحشرية من خلال الكيمياء الداخلية الخاصة بها لتخليق المركبات سيئة الطعم Bad Tasting Stuff لطرد الحشرات. في كثير من الحالات تبدو الأشجار قادرة على تخليق المواد الطاردة الطبيعية ضد آفة معينة بينما المبيدات الصناعية لا تكون مثالية وقد تسبب أضراراً للأشجار والبيئة.
لقد ظهر مؤخراً أن الأشجار لديها نوع من نظام الإنذار المبكر البعيد. يبدو أنه يمكنها من نقل الإشارات لبعضها البعض حول نوع الآفة التي تهاجم من أجل التهام أوراق الشجرة. يحدث هذا الاتصال تحت التربة من خلال هيفات الفطريات النامية على المجموع الجذرى. يعتقد بعض علماء الأحياء أيضًا أن المواد الكيميائية التى تنتقل جواً قد تحمل رسائل تتعلق بالآفات أو الأمراض أيضًا.
بالإضافة إلى ذلك، تحتوي الأشجار على تراكيب وقائية تسمى أطواق الفروع ، تقع في قاعدة كل فرع. أطواق الفروع هذه تكون أكثر تخصصاً من أنسجة الجذع العادية في إنتاج مبيدات الفطريات لتخليق حواجز واقية. عادة ما يكون هذا الطوق عبارة عن حلقة مكبرة قليلاً عند قاعدة الفرع (من الضروري عدم إتلافها أو إزالتها عند التقليم) خاصة على الأخشاب الصلبة.
المرجع:- إضغط هنا