top of page

تحديد النظام الغذائى لحل التحديات الإنسانية

يشكل تدهور الأراضي، مشكلة بارزة في السنغال وهى السبب الذي يدفع سكان الريف إلى الهجرة



نحن في لحظة هائلة بالنسبة لنظام الغذاء العالمي. يمكننا أن نستمر في مسارنا الحالي لاستهلاك القليل جداً من الطعام، أو الكثير جداً، أو تناول الأنواع الخاطئة من الأغذية بتكلفة غير مستدامة على البيئة والرعاية الصحية والاستقرار السياسي، أو يمكننا تغيير هذا المسار. ومن شأن تحديد نظام الغذاء أن يساعد على حل أكبر التحديات التي تواجه البشرية مثل خلق فرص العمل، والحد من الانبعاثات، وتحسين الصحة.


ومما يبعث على القلق أن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن الجوع في العالم آخذ في الارتفاع مرة أخرى بعد انقطاع طويل الأمد، حيث يعاني حوالي 815 مليون شخص من نقص التغذية الحاد أو المزمن في عام 2016، مقارنة ب 777 مليونا في عام 2015. ويعاني 2 مليار شخص آخرون من نقص العناصر الدقيقة، أو ما يطلق عليه "الجوع الخفي"، والذي يمكن أن يصبح له آثارا ضارة على الحياة. وفي ما يبدو أنه تطور سخيف، على الجانب الأخر هناك 2 مليار شخص آخرين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.


ويشكل انعدام الأمن الغذائي أكبر المساهمين فيما أصبح الآن واحداً من أكثر مشاكل العالم إثارة للقلق ألا وهى مشكلة الهجرة القسرية.


ويثبت القرن الحادي والعشرون أنه عصر النزوح البشري الهائل، مع ترك الناس لمنازلهم وأوطانهم بمعدل أكبر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية. فالصراع والجوع والفقر والزيادة في الظواهر الجوية المتطرفة تلعب جميعها دوراً في تأجيج عدم الاستقرار وقيادة الهجرة القسرية. وفي عام 2015، كان هناك 244 مليون مهاجر دولي (أي أكثر بنسبة 40 % مما كانت عليه في عام 2000). وفي الفترة ما بين عامي 2008 و 2015، نزح ما متوسطه 26.4 مليون شخص سنوياً بسبب الكوارث المناخية أو المتصلة بالطقس، وفي العام نفسه تشرد 65.3 مليون شخص قسراً بسبب النزاع والاضطهاد.


تغيير المسار ليس مستحيلاً، بتضافر جهود الحكومات والمجتمع المدني والشركات والعلماء الذين يعرفون أفضل الظروف التي يكون فيها الحرمان بدرجة أكبر، وعلى ما ينبغي التركيز عليه. ويمكن تسخير التحولات المتزامنة في علم الجينوم والبيانات الضخمة والاتصالات والأسواق وفهم التغذية لصالح الأشخاص الذين هم في أشد الحاجة إليها.


توافر المياه وتحسين إدارة المياه يمكن أن يساعدا أصحاب الحيازات الصغيرة على إنتاج غذاء أفضل. فى الصورة إحدى المزارعات في المرتفعات الشرقية على حدود موزمبيق، حيث تستخدم نظام الرش لري مزرعتها



ومن المستحيل المبالغة في تقدير أهمية الزراعة والأعمال الزراعية كمحرك للنمو ومساهم في الاستقرار. وباعتبارها أكبر رب عمل في العالم، توفر الزراعة سبل العيش لحوالى 40٪ من السكان معظمهم في البلدان النامية وحدها (78٪)، لذلك فإن التقدم في هذا القطاع سيكون له تأثير قوي على الاقتصادات الوطنية وازدهار المجتمعات المحلية.


ومن أجل إطعام عدد السكان المتوقع أن يتجاوز 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050، يقوم علماؤنا بإجراء تحسينات رائدة في المحاصيل والحيوانات والأسماك والأشجار لزيادة الأداء والقيمة الغذائية وكفاءة استخدام الموارد، وزيادة مقاومتها للجفاف والملوحة، والآفات. وفي كل عام، يتم إطلاق حوالي 200 نوع من المحاصيل الجديدة ذات الخصائص المحسنة على الصعيد العالمي من خلال شركاء المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية CGIAR.


فعلى سبيل المثال، صمم باحثو المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية مجموعة أدوات تشخيصية ميدانية لعلاج الالتهاب الرئوي، وهو مرض مميت يسبب خسائر اقتصادية كبيرة فى إنتاج الماعز في أفريقيا وآسيا. وفي مناطق واسعة من جنوب وجنوب شرق آسيا، شهد 5 مليون مزارع كيف تم حماية سبل عيشهم الهشة عن طريق إدخال أصناف الأرز التي تتحمل الفيضانات، بينما يقدر أن اعتماد الذرة المقاومة للجفاف في 13 بلداً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قد حقق منافع إجمالية قدرها 395 مليون دولار أمريكي. كما أن أصناف الغذاء المعززة وراثياً biofortified ، بما في ذلك الكسافا والذرة والبطاطا الحلوة المعززة بفيتامين (أ) فضلاً عن حبوب البقوليات والدخن المعززة بالحديد والزنك والأرز والقمح المعززان بالزنك، تغلبت على مشكلة النظم الغذائية الفقيرة في العناصر الدقيقة التي يمكن أن تسبب ضررا لا يمكن إصلاحه، خلال الثلاث سنوات الأولى من حياة الطفل.


في حين أن الدراسات الحديثة تظهر بلا شك أن أعداد الجياع تسير في الاتجاه الخاطئ، إلا أن هناك إمكانات قوية لعكس هذا الاتجاه. ويمكن للعلم أن يعطى حلولاً لتحديات الجوع والفقر، ولذلك فمن المهم دعم الابتكار والبحوث التي يمكنها أن تسخر التقدم العلمي فى العالم لمواجهة التحديات المحلية. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تؤدي أعمال المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية وشركائها إلى قلة عدد الجوعى بمقدار 150 مليون نسمة، وأن يقل عدد الفقراء عن 100 مليون نسمة (50 % منهم على الأقل من النساء) ويتحسن نحو 190 مليون هكتار من الأراضي لتصبح أقل تدهوراً. ويترجم هذا إلى آفاق حقيقية تحد من تزايد عدد الفقراء الذين يعانون من سوء التغذية، وتقدم لهم الأمل في مستقبل لائق دون مغادرة أوطانهم.


المصدر: إضغط هنا

bottom of page