top of page

العقاقير المخدرة في الثقافات القديمة


تحتدم اليوم المعركة ضد المخدرات وتعاطيها لأسباب وجيه. ومع ذلك مع بالرغم من إلقاء الضوء الدائم على "حرب المخدرات" اليوم، يبدو أن العقاقير المخدرة الأكثر شيوعًا قد تم اكتشافها للتو. على الرغم من أن عملية الإنتاج الرئيسية لهذه المخدرات غالباً ما يقوم بها المزارعون في بعض أرجاء العالم النائية، إلا أن الحقيقة هي أن معظم المخدرات الحديثة قد اكتشفت منذ آلاف السنين.


تُظهر الأدلة الأثرية أن البشر تناولوا الفطر السحري المخدر والأفيون منذ حوالي 10 ألاف عام. يعتقد بعض العلماء أن عددًا قليلاً من اليونانيين مثل فيثاغورس، لم يتمكنوا من التوصل إلى نظرياتهم الفلسفية وفلسفاتهم دون تعاطى أي شكل من أشكال المخدرات. وتشير النصوص من التاريخ القديم إلى أنه قد يكون هناك حقيقة لهذه الادعاءات، لذا تركز هذه المقالة على العقاقير المخدرة المستخدمة في الثقافة القديمة.


1. الحرمل


كان الحرمل أو السذَاب البري Peganum harmala يستخدم عادة من قبل الثقافات الغربية الهندية والإيرانية والأنديز. ومن المثير للاهتمام أنه تم اكتشافه مؤخراً في شعر مومياء رجل بالغ وطفل رضيع عمره عام واحد في شمال تشيلي. تم دفن صناديق وأواني ثمينة مع الرجل البالغ يعتقد أنها قد تكون استُخدمت في استهلاك الدواء. ويعتقد أن البقايا منذ 800 - 1200 عام قبل الميلاد.


الحرمل هو نبات مزهر يمكن تحويله إلى مادة الحرمين harmine الكيميائية من خلال عملية التقطير. تعمل هذه المادة الكيميائية كمضاد قوي للاكتئاب ولديها القدرة على زيادة تأثير مضادات الاكتئاب الأخرى. ويمكن أيضا أن تستخدم في علاج الالتهاب والحمى. تتوفر بذور الحرمل في معظم متاجر البقالة الإيرانية والشرق أوسطية.


2. القنب الهندى


من المؤكد أن هذا المخدر الشهير ليس غريبا على العالم، حيث يتم تعاطيه منذ آلاف السنين ويعتقد أنه تم استخدامه في وسط وجنوب آسيا القديمة. أظهرت مقبرتين عمرهما 7 ألاف عام في غرب الصين أحدث دليل على استخدام مخدر القنب الهندى .Cannabis spp كمؤثر نفسي في العصور القديمة. كما تم العثور علي حوالي 789 جرام من المادة في أحد مقابر الشامان.


كان القنب Cannabis يزرع في الماضي من أجل أليافه ولكنه يستخدم أيضا كعامل مساعد فى التأمل meditation ومسكن للألم من قبل السيخ منذ أجيال عديدة. الصورة المصنعة منه معروفة باسم الحشيش، ويتكون أساساً من غدد الزغب التي يتم جمعها من نفس المواد النباتية. المادة الفعالة الرئيسية في القنب هي المركب الكيميائي العضوي رباعي هيدرو كانابينول والمعروف باسم THC. على الرغم من أن تعاطى القنب لا يزال غير قانوني في غالبية دول العالم، إلا أن هناك حالات من التقنين الطبي لاستخدامه كعلاج للجلوكوما وزيادة شهية الجسم.


3. جوزة الطيب


كانت الثقافات الهندية والآسيوية القديمة تستخدم جوزة الطيب Myristica fragrans من أجل الترفيه والانتعاش. بالرغم من أنها تستخدم اليوم كتابل للطهي، فإن جوزة الطيب nutmeg مفيدة في علاج حالات الربو والقلب كما أنها تعمل بمثابة مهدّئ. وتعتقد العديد من الثقافات القديمة أن هذا التابل له قوى خاصة أو سحرية.


الجرعة الزائدة من جوزة الطيب لها آثار جانبية قوية جدًا، لذا يجدر التذكير بأن الاعتدال فى تناولها هو المفتاح، خاصة أنه يمكن العثور على جوزة الطيب في أي متجر للتوابل أو سوبر ماركت.


4. أوراق الكوكا


أوراق نبات الكوكا Erythroxylum coca var. coca كانت تمضغ ويصنع منها شاي يشرب من قبل شعب المايا بسبب آثاره التحفيزية القوية. كان هذا قبل وقت طويل من اكتشاف فكرة تقطير النبات في فنجان قهوة ليعطى تأثيراً قوياً. الدواء قوي جداً حيث يحتوي 100 جرام فقط من أوراق نبات الكوكا على المعدل اليومي الموصى به من الفيتامينات والحديد والفوسفور والكالسيوم. يمكن العثور على أوراق الكوكا في مناطق عديدة من أمريكا الجنوبية.


5. فطر البسييلوسيبين


تم استخدام فطر البسييلوسيبين .Psilocybin spp من قبل القدماء في الصحراء الكبرى Saharan Desert وكذلك في جميع ثقافات أمريكا الوسطى والجنوبية. يُعرف أيضًا باسم "عيش الغراب السحري" ، وتم العثور عليه في جدران معابد بشمال إفريقيا عمرها 9-7 ألاف عام قبل الميلاد. ومن المعروف أن تناول الفطر السحري يسبب الغثيان والهلوسة، وحرص الأقدمون على تناوله، لأنهم اعتقدوا أنه يتيح لهم الوصول إلى مستويات أعلى من الذكاء. ويعتقد على نطاق واسع من قبل طلاب تاريخ المخدرات أن الهلوسة الناجمة عن الفطر السحري أدت إلى بعض من التطورات الدينية والثقافية الأكثر شهرة.


هناك أنواع مختلفة من هذا الفطر في جميع أنحاء العالم ولكن أحد الطرق السريعة التي يحصل عليها المستخدمون اليوم هو تنميتها على روث الماشية. بعض المحلات التجارية في هولندا وبعض أجزاء بلجيكا معروفة ببيع عيش الغراب السحري كذلك.


6. الأفيون


يطلق عليه الخشخاش أو أبو النوم Papaver somniferum ، ولا شك أن الأفيون opium هو المخدر الأكثر استخدامًا في التاريخ القديم. إن تاريخ الأفيون طويل ومعقد ، لكن العلماء يعتقدون أنه قد زرع لأول مرة من قبل السومريين في عام 3400 قبل الميلاد. ومن بين المتعاطين القدماء لهذا المخدر، الرومان واليونانيين والهنود والمصريين والأشوريين والسومريين. الأفيون مستخرج من المادة اللبنية latex الموجود في كبسولة زهرة الخشخاش. هذا اللاتكس يحتوي على المورفين وهو العنصر النشط في الدواء. تاريخياً، كان المخدر يستخدم لتخفيف الألم وتشجيع النوم ، وعلاج الإسهال وحتى تحسين الرغبة الجنسية.


يتم اليوم معالجة المخدر صناعياً وتحويله إلى مشتقات مثل المورفين والكودايين والناركوتين (نوسكوبين) والبابافارين، ومن المورفين يحضر الهيروين، في حين أن الزهور يمكن أن تشرب كشاي قوي. أفغانستان هي أكبر منتج لخشخاش الأفيون. وظلت مستويات الإنتاج مرتفعة حتى مع معتقدات مكافحة المخدرات الحالية والاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط.


للأفيون قصة مثيرة ومحزنة مع الصين فقد أدخل للصين منذ حوالي ألف عام بعد الميلاد و احتكر تدخينه طبقة الصفوة في البلاد، وكان نبات الخشخاش يزرع في الهند و يهرب إلى الصين عن طريق كانتون. واحتكرت شركة الهند الشرقية زراعة وتجارة الأفيون الذي كان مصدر ربح عظيم للشركة وللتجار الأوربيين والصينيين. وعندما انتشر إدمان الأفيون بين الشعب الصيني عين الإمبراطور حاكماً جديداً لكانتون و قام الحاكم الجديد عام 1838 م بإغراق وإتلاف كل الأفيون الموجود على السفن الإنجليزية. وفي مرة واحدة أتلف 2,640,000 رطل وقد تسبب ذلك في خسارة شركة الهند الشرقية، وأدى إلى قيام حرب الأفيون بعد عام واحد، حيث تمكنت القوات البريطانية بمساعدة أقوى أسطول بحري في العالم في ذلك الوقت من هزيمة 350 مليون صيني، وتنازل الإمبراطور للإنجليز عن جزيرة هونغ كونغ، وأعطاهم تعويضات كبيرة، كما تمتعوا بحقوق عريضة من التجارة وبالذات تجارة الأفيون. وبعد عشر سنوات أخرى قامت حرب الأفيون الثانية حيث أُخضعت الصين تماماً لنفوذ الأوروبين، وراح الشعب الصيني ضحية إدمان الأفيون إلى أن تنبه الوطنيون إلى ذلك وحاربوا الأفيون حتى قضوا عليه تماماً بعد الحرب العالمية الثانية.


7. اللوتس الأزرق


كانت زهرة اللوتس الأزرق أو البشنين Nymphaea caerulea هى المفضلة لدى المصريين القدماء. وكانت الزهرة المقدسه فى مصر القديمة , فقد ارتبطت بعلم نشأة الكون وهو أقدس العلوم عند المصريين القدماء , لأنه العلم الذى يساعد الانسان على استعادة الذاكرة الروحية (الكونية) التى فقدها عندما حلت روحه الخالده داخل الجسد المادى الفانى الذى يعتريه النقص و المرض و الألم و الموت. جاء فى ثامون الأشمونيين و هو احدى نظريات نشأة الكون الخمسه الرئيسيه فى مصر القديمة أن أول ما خرج من “نون” (مياه الأزل) كانت هى زهرة اللوتس. و المتامل لمشاهد القرابين فى الفن المصرى القديم يجد أن زهور اللوتس كانت تحتل مكانه عظيمة فى تلك المشاهد , فلا يكاد يخلو مشهد قرابين من زهور لوتس , و كانت توضع دائما على رأس مائدة


و قد حفلت مقابر النبلاء بالعديد من مشاهد استنشاق زهور اللوتس الأزرق , حيث نرى فى كثير من الجداريات و اللوحات الحجرية شخصا أو مجموعة أشخاص يجلسون و فى يد كل منهم زهرة لوتس أزرق يقربها من أنفه و يستنشق عبيرها فى هدوء و سكينة. أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن لزهرة اللوتس الأزرق تأثيرا ايجابيا على الحالة النفسية و العقلية (Psycho-Active Properties) على من يستنشقها , و أن تناول زهور اللوتس الأزرق عن طريق المضغ له تأثير مهدئ, بل انها تساعد فى تحفيز DNA و تهيئ الانسان للدخول فى حالة من حالات الوعى الأعلى تساعده على تذكر الماضى البعيد جدا , الذى قد يتعدى حدود العالم المادى الى عالم الروح . لذلك يقال عن زهرة اللوتس الزرقاء أنها هى زهرة الذاكرة الروحية , لأنها تساعد الانسان على استعادة ذاكرة الروح التى يفقدها عندما تحل روحه داخل الجسد المادى الكثيف الثقيل .


يميل هذا المخدر إلى جعل المتعاطين في حالة أكثر تحمساً واسترخاءاً بل وحتى في بعض الحالات يثير المزاج. على الرغم من أن حديثى التعاطي يشيرون إلى نومهم الهادئ، مما يجعله أحد الأسباب الرئيسية لشعبيته. الطريقة الرئيسية لتعاطيه هى بتخمير الزهور في الشاي أو الكحول، مما يعزز من قوة المواد الفعالة في زهرة اللوتس. ومن المعروف أن هذا المخدر يسبب حالة من التعب النفسي كما ألمح إليها "هومر" في الأوديسة لأنه عندما استهلك أوديسيوس النبات، فقد رغبته في محاربة الآلهة اليونانية ومواصلة رحلته إلى إيثاكا. قد يكون اللوتس الأزرق هو الأكثر شيوعًا في قائمة العقاقير المخدرة، حيث يمكن شراؤه من خلال آلاف المواقع المختلفة عبر الإنترنت.


هذه ليست سوى نماذج قليلة من العقاقير المخدرة التي كانت موجودة منذ آلاف السنين. وهناك احتمالات بأن تظل موجودة لآلاف السنين أيضا.


المصدر: إضغط هنا

1,821 views0 comments
bottom of page