دور الغبار في النظم الإيكولوجية الجبلية
الأشجار النامية فوق جبل الجرانيت العارى بجنوب سيرا فى نيفادا تعتمد على العناصر الغذائية التى تثيرها الرياح فى الغلاف الجوي (أكثر من 50 %)، بالمقارنة مع العناصر الغذائية الموجودة فى التربة.
أجرى باحثون من جامعة وايومنج دراسة حصلت على هذه النتيجة المفاجئة عن طريق قياس نظائر النيوديميوم neodymium في كل من الطبقة السفلية والتربة والغبار وأوراق الصنوبر الإبرية في الأشجار الحية. وباستخدام هذا النظام، تمكنت المجموعة البحثية من الجمع بين البيانات العالمية لإظهار أن هذه الظاهرة لا تقتصر على سييرا نيفادا فقط، وأن الغبار القادم من خارج المنطقة من المرجح أن يسمد النباتات في العديد من المواقع بجميع أنحاء العالم. ويقول كليف رييب، أستاذ في قسم الجيولوجيا والجيوفيزياء "إن الأشجار في سييرا نيفادا تستخدم الغبار كمصدر للحصول على العناصر الغذائية اللازمة لنموها". وكانت الدراسة بعنوان" Global Patterns of Dust and Bedrock Nutrient Supply to Montane Ecoystems"، ونشرت فى ديسمبر 2017 في دورية Science Advances .
أخذت عينات من أوراق الصنوبر الحية في سييرا نيفادا، خلال صيف عام 2015. في وقت لاحق من الخريف، تم تحليل العينات. على وجه الخصوص، إنصب الاهتمام على استخراج النيوديميوم، وهو عنصر على الجدول الدوري المرتبط بالمعادن التي تحمل الفوسفور، والذى هو مصدر هام لتغذية النبات. كما أن التشابه في السلوك الكيميائي بين النيوديميوم والفوسفور يجعل نظائر النيوديميوم نظيراً مفيداً لتتبع امتصاص الفوسفور في النظم النباتية. "في هذه الحالة، تمكن الباحثون من تتبع النيوديميوم من مصدرين هما الغبار الخارجى القادم من آسيا والوادي المركزي لكاليفورنيا، ثم طبقة الجرانيت الصخرية كأساس للتربة.
يقول رييب "لقد استخدمنا بصمتين لتتبع المواد الغذائية، فالغبار لديه بصمة نظائر، وتربة الأساس لديها بصمة نظائر آخر. أظهر تحليل أوراق الصنوبر خليط من بصمتى النظائر، كما تظهر التربة أيضاً مزيجاً من تلك البصمتين". وتشير هذه الملاحظات إلى أن المغذيات المشتقة من الغبار يمكن أن تكون حيوية للنظم الإيكولوجية الجبلية - حتى عندما يكون العناصر المغذية من التربة الجرانيتية كبيراً.
في حين أظهرت دراسات أخرى أن الغبار يمكن أن يزيد من تدفقات العناصر الأساسية في النظم الإيكولوجية، فإن هذه هي أول دراسة لتحديد نقل النيوديميوم، والفوسفور بالوكالة، من الغبار إلى النباتات. وعلاوة على ذلك، فإن التأثير أعلى بكثير مما كان متوقع، ويشير الدراسة أيضاً إلى أن العناصر في الغبار يمكن أن يكون لها تأثيراً أكبر بكثير على النظم الإيكولوجية العالمية مما كان يفترض سابقاً.
وقد حددت العديد من الدراسات السابقة كمية المغذيات المشتقة من الغبار في الطبيعية المستقرة أو التى تتآكل ببطء. إلا أن القليل من الدراسات فقط قد حددت كمية المغذيات المشتقة من الغبار في النظم الإيكولوجية الجبلية التى تتآكل بمعدلات كبيرة.
يقول ريب إن مجموعته البحثية إستعانت بمجموعتي بيانات متاحة (قاعدة بيانات عالمية لمعدلات التعرية جمعت في عام 2011- ونموذج عالمي لتدفقات الغبار التي تم إنشاؤها في عام 2014) لتتبع آثار الغبار في جميع أنحاء العالم. أحد النتائج المفاجئة هو أن الغبار قد يكون أكثر أهمية مما كان يعتقد سابقاً في الكثير من الأماكن، بما في ذلك جبال الآبالاش وأوروبا الغربية. كما يظهر هذا البحث أن الغبار الذي ينتقل في الغلاف الجوي حول العالم هو مصدر هام للعناصر المغذية للنباتات في جميع البيئات، حتى عندما تكون مساهمتها غير واضحة، وتحافظ الأرض على توازنها الغذائى، غالباً بطرق مدهشة".