تجزئة الغابات يحرر الكربون المخزون بكميات أكثر مما كنا نعتقد
تم تفتيت غابات الأرض إلى حوالي 50 مليون قطعة، يصل طول حوافها لحوالى ثلث المسافة مابين الأرض والشمس، مما يزيد من انبعاثات الكربون الاستوائية السنوية الناتجة عن إزالة الغابات بنسبة 31٪. هذا، وفقا ًلدراسة جديدة نشرت مؤخرا في دورية " Nature Communications " التي تكشف عن أن تجزئة الغابات قد يكون أكثر تدميراً بكثير مما كان يعتقد من قبل.
قبل مئات السنين، كانت معظم الغابات الاستوائية ممتدة بمساحات شاسعة. ولكن منذ ارتبطت الصناعات الزراعية والصناعات الاستخراجية بالغابات، تم إفساح المجال لمراعي الماشية وحقول الصويا، ومزارع زيت النخيل. اليوم، وبسبب الضغوط البشرية أساساً، أصبحت العديد من الغابات المدارية في العالم كمجموعة من الآطلال. وغابات الأطلسي هي مثال على تلك الحالة، حيث يقدر بعض الباحثين أن 3.5٪ فقط من مساحتها ماتزال قائمة ومعظمها تحول إلى شظايا متناثرة تتخللها مساحة من المراعي والأراضي الزراعية.
وقد أظهرت الدراسات أن تجزئة الغابات يمكن أن يكون له آثار وخيمة على الحياة البرية، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الانقراض بالمقارنة مع تقليل مساحات الغابة على أن تكون قطعة واحدة متصلة فيتيح للحياة البرية بالمعيشة بشكل أفضل. ولكن كيف يؤثر تجزئة الغابة على انبعاثات الكربون؟ هذا التساؤل لم يتمكن العلماء من فهمه حتى الآن.
شارك باحثون من مركز هيلمهولتز للبحوث البيئية مع جامعة ميريلاند، واستندوا إلى دراسات سابقة أظهرت أن موت الأشجار في الغابات الاستوائية تتأثر بشكل كبير بالأماكن التي تنمو بها الأشجار، حيث أن الأشجار النامية على حواف الغابات تتضاعف فرص موتها في سنة معينة. وذلك لأن الغطاء النباتي عند الحواف يتعرض لظروف أشد مثل الرياح القوية والإشعاع الشمسي الأكثر شدة والرطوبة الأقل من الأشجار النامية في المناطق الداخلية من الغابات. وأظهر البحث أن هذا لا يؤثر فقط على الأشجار المحيطية، بل أيضا الأشجار النامية بعمق يصل إلى مئات الأمتار داخل الغابة.
وقال اندرياس هوث من مركز هيمهولتز، المشارك فى تأليف الدراسة التى نشرت فى 2017 "ان الاشجار الكبيرة تعاني اكثر من هذا التطور لانها تعتمد على الامدادات الجيدة من المياه".
ولكن ما هو مدى تأثير حافة التجزؤ هذه في انبعاثات الكربون، وبالتالي الاحترار العالمي؟ لمعرفة ذلك، قام هوث وزملاؤه بتطوير برامجهم الخاصة لتحليل بيانات الأقمار الصناعية وتحديد عدد الحواف الحرجية التي خلقها النشاط التدميرى البشري.
وتبين أن حوالي 50 مليون كيلومتر من الحواف لهذه الشظايا الغاباتية إذا ربطت ببعضها، فسوف تمثل حوالي ثلث المسافة من الأرض إلى الشمس. ووفقاً لنتائج الدراسة، 19٪ من الغابات الاستوائية في العالم هي حالياً 100 متر أو أقل من حافة الغابات.
التقديرات الحالية لحجم انبعاثات الكربون من إزالة الغابات الاستوائية تصل لنحو 1.1 مليار طن متري سنوياً. وباستخدام البيانات الميدانية ونمذجة الحاسوب، قام الفريق باحتساب 340 مليون طن متري أخرى من الكربون يمكن أن تتحرر على مستوى العالم بسبب تأثيرات "حافة الغابة forest edge effects ". وبعبارة أخرى، توصلت الدراسة إلى أن تجزئة الغابات قد يساهم بنسبة 31٪ أكثر من الكربون في الغلاف الجوي من التقديرات السابقة.
وقال هوث "ان التفتيت يلعب دوراً هاماً فى دورة الكربون العالمية وعلى الرغم من هذه الحقيقة، لم يؤخذ هذا الأثر بعين الاعتبار على الإطلاق في تقارير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ حتى الآن". وهو برنامج يهدف إلى الحفاظ على الغابات المدارية في الأرض وبالتالي امتصاص الكربون من الغلاف الجوي من خلال توفير حوافز مالية للبلدان النامية التي تأوى تلك الغابات. ويأمل الباحثون أن يؤخذ تأثير تجزئة الغابات على انبعاثات الكربون في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بسياسات وبرامج تغير المناخ.
يقول الباحثون "تظهر الدراسة أن تجزئة الغابات يزيد انبعاثات الكربون مقارنة بتلك الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات كلياً.وعلى الرغم من أننا نتوقع أن تستند دراستنا على الافتراضات المحافظة conservative assumptions ، فإن الانبعاثات كانت بالفعل كبيرة بما فيه الكفاية لتسليط الضوء على دور تجزئة الغابات في التوازن العالمي للكربون".