top of page

ثاني أكسـيد الكـربون واستخدام الماء في الغـابات


في دراسة نشرت بدوريّة «نيتشر»، أورد كينان وزملاؤه أن كفاءة استخدام الغابات للماء قد ازدادت في العشرين سنة الأخيرة، ويخلصون الى أن هذه الزيادة في الكفاءة هي نتيجة للزيادات في تركيز ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي. وتدعو هذه النتائج إلى إعادة تقييم نماذج دورة الكربون الأرضية.


المعلوم أن تركيز ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي في تزايد بمعدلات غير مسبوقة. ففي شهر مايو من العام 2013، وصل هذ التركيز 400 جزء في المليون، أي أنه يزيد بنسبة 43% عن مستواه في عصر ما قبل الصناعة عند 280 جزء في المليون، حدث الجزء الأكبر من هذه الزيادة في العقود الأخيرة، حيث تجاوز معدل الزيادة في العشرين سنة الأخيرة 25%. كان ينبغي لهذه الزيادة العنيفة في ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي أن تنشط إنتاجية النبات بجميع أنحاء العالم، لأننا نعرف من التجارب أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون المتصاعدة تزيد معدل البناء الضوئي، وتقلل استخدام الماء في النبات، مثل هذه التأثيرات أساسية في فهمنا الحالي لدورة الكربون، فمثلًا، تفسر معظم نماذج دورة الكربون الأرضية الحوض الأرضي الحالي للكربون بافتراض أن مستويات ثاني أكسيد الكربون المتزايدة قد عزَّزت إنتاجية النبات.


استخدم المؤلفون هذه البيانات لتحليل التغيرات طويلة المدى في كفاءة استخدام الماء على مستوى النظام البيئي. تفقد النباتات الماء عن طريق البخر (النَّتْح) عندما تفتح مسامها لتستقبل ثاني أكسيد الكربون من أجل عملية البناء الضوئي، كما أن فعالية استخدام الماء هي مقياس لمعدل استبدال النبات الكربون، بدلًا من الماء. ويُتوقع أن يكون هذا المقياس مؤشرًا جيدًا لتأثير تركيزات ثاني أكسيد الكربون المتصاعدة على الغطاء النباتي. ولأن مستويات ثاني أكسيد الكربون المتصاعدة تزيد امتصاص الكربون بواسطة النبات وتخفض استخدام النبات للماء، ينبغي أن تكون تأثيرات المستويات الأعلى من ثاني أكسيد الكربون على كفاءة استخدام الماء أكبر وأكثر اتساقًا من التأثيرات على اكتساب الكربون أو على استخدام الماء منفردين. وأورد كينان وزملاؤه أن فعالية استخدام الماء في أجواء الغابات في النصف الشمالي من الأرض (الشكل المرفق) في العقدين الأخيرين تُظْهِر اتجاهًا تصاعديًّا لافتًا. كان الاتجاه متسقًا بدون نقصان في أي من الواحد والعشرين موقعًا قيد الدراسة. كما كانت معدلات الزيادة في كل المواقع كبيرة (بمتوسط سنوي 3%)، وبدلالة إحصائية كبيرة.


ولإثبات أن هذه الزيادة تعود الى مستويات ثاني أكسيد الكربون المتصاعدة بالغلاف الجوي، نظر كينان وزملاؤه في مجموعة من العوامل المربكة (المتداخلة) المحتملة. ووجدوا أنه بامتداد الواحد والعشرين موقعًا، ليس هناك أنماط أو وتائر ملحوظة في المتغيرات الجوية (هطول الأمطار والثلوج، وسرعة الرياح، ودرجة الحرارة، والرطوبة) أو في الخصائص البنيوية لأسطح الغطاء النباتي (مساحة الورقة، ومحتوى الورقة من النيتروجين، وخشونة السطح النباتي) يمكنها تفسير الزيادة الملحوظة في كفاءة استخدام الماء. ويخلص المؤلفون الى أن هذا الاتجاه في كفاءة استخدام الماء يتسق تمامًا مع تأثير التخصيب الكبير لثاني أكسيد الكربون المتزايد. ربما تثير هذه النتائج المبنية على المشاهدات جدالًا واسعًا وأبحاثًا أكثر، فرغم أن الاتجاه المسجَّل مقنع، إلا أن مقدار الاتجاه أكبر كثيرًا مما يمكن التنبؤ به، اعتمادًا على معرفتنا القائمة باستجابة النبات لثاني أكسيد الكربون. وكانت تجارب تحت السيطرة ـ على مدى عقود ـ قد وجدت بشكل متسق أن تركيز ثاني أكسيد الكربون بين الخلايا (Ci) في النسيج الذي يقوم بالبناء الضوئي يتناسب (طرديًّا) مع تركيز ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي (Ca)، مما يعني أن النسبة بينهما Ci/Ca قيمة ثابتة. بيد أن الاتجاه الذي حدده كينان وزملاؤه يعني ضمنًا أن ثاني أكسيد الكربون بين الخلايا ظل ثابتًا، أي أن قيمة نسبة Ci/Ca تناقصت بشدة مع التركيزات المتزايدة لثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي.


وبتعبير آخر.. وجدت تجارب تحت السيطرة أن تأثير مستويات ثاني أكسيد الكربون المتزايدة بالغلاف الجوي في كفاءة استخدام الماء يتناسب طرديًا تقريبًا مع الزيادة في ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي. وعلى نقيض ذلك.. ووفقًا لحساباتنا، تبلغ زيادة كفاءة استخدام الماء التي توصل اليها كينان وزملاؤه في بيانات التغاير الدوامي تزيد تقريبًا بستة أضعاف على الزيادة المناظرة لها في ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي. وبناء على ذلك.. أظهر المؤلفون أن النماذج الحالية لدورة الكربون الأرضية لا تستوعب مقدار الاتجاه الناجم عن استخدام تقنية التغاير الدوّامي. وكان ينبغي توقع هذا، لأن النماذج تطورت من بيانات ومعطيات تجارب تحت السيطرة وتتسق معها.


2 views0 comments
bottom of page