رؤية قلب الأشجار بالموجات الصوتية
يمكن أن تتحلل الأشجار الحية من الداخل، تاركة الجذع أجوف ومفرغ. يمكن أن يسبب فساد الخشب الداخلى في الأشجار الحية تقديرات مبالغ فيها لحجم مخزون الكربون العالمى، ومعدل فقدان الأخشاب في الغابات، وسوء الحالة الصحية للأشجار. معرفة تعفن الخشب في الغابات يشكل مصدر قلق خاصة في المناطق المدارية بسبب أن الغابات الاستوائية تأوى حوالى 96٪ من التنوع الشجرى في العالم وحوالي 25٪ من الكربون الأرضي، مقارنة مع ما يقرب من 10٪ من الكربون الذي المخزن في الغابات المعتدلة. ولكن كيف يتمكن الحراجيون والباحثون من معاينة الأشجار الحية لتقدير تعفن أخشابها من الداخل؟
في مقالة نشرت فى مايو 2016 فى دورية "تطبيقات علوم النبات"، قام فريق من الأساتذة والطلاب بوضع أساليب لاستخدام تكنولوجيا الموجات الصوتية تسمى التصوير المقطعي الصوتي sonic tomography. وقد استمدوا أسلوبهم من قياس أكثر من 1800 شجرة حية ضمن 173 نوع من أشجار الغابات المطيرة الاستوائية في جمهورية بنما.
يقول جريج جيلبرت، المؤلف الرئيسي لهذه المقالة، من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز:- "اننا لا نعرف حتى الآن حيث الفساد الداخلي ومستوى الضرر المسبب لموت الأشجار". "معظم تحلل الخشب غير مرئى، لكن التصوير المقطعي يسمح لنا الآن معرفة عدد الأشجار التى تبدو صحيحة فى الظاهر ولكن خشبها متحلل فعلياً في الداخل".
يرسل جهاز التصوير المقطعي (PiCUS 3 Sonic Tomograph; Argus Electronic GmbH, Rostock, Germany) موجات صوتية خلال جذوع الأشجار. وكلما تأخر اجتياز الموجات الصوتية للجذع، دل على شدة فساد الخشب. وبناءاً على سرعة الصوت، يقوم هذا الجهاز برسم صورة كودية للمقطع العرضي من الجذع (انظر الشكل).
وقد ركز الاستخدام السابق للتصوير المقطعي الصوتي في مجال الغابات على قياسات الأشجار ذات الجذوع الأسطوانية. ومع ذلك، فالأشجار الاستوائية غالبا ما يكون لها نتوءات ضخمة على الجذع وجذوعها تكون غير منتظمة الشكل، والجذور الدعامية تمتد بطول الشجرة. تصف الدراسة الجديدة الوضع الأمثل للمجسات لتجنب نتائج التصوير المقطعي الشاذة بالنسبة للأشجار ذات الأشكال غير النموذجية التي تعيش في المناطق المدارية وتفاصيل كيفية تحليل الصور المقطعية لتحديد مساحات الخشب المتحللة والتالفة.
تسبب الفطريات تعفن الخشب عن طريق تغلغلها لجذع الشجرة فتسبب تدهور الخشب من الداخل الى الخارج، وتحرير الكربون المخزن فى الخشب إلى الجو. ويوضح جيلبرت أنه بدون وجود طريقة يمكن الاعتماد عليها للكشف عن الخشب المتدهور، لا يمكن أن نفهم كيف تساهم الأشجار في زيادة أو تقليل مستويات الكربون في الغلاف الجوي العالمي، أو كيف تستجيب الغابات والأشجار التى تبدو صحيحة للتغيرات في المناخ.
دراسة جيلبرت مبنية على دراسة كبيرة لمعرفة كيف أن مسببات الأمراض والأمراض تتحكم فى انتشار أنواع الأشجار الاستوائية. ويقول جيلبرت "وضعت الفرضية على أساس أن الأنواع الأكثر عرضة لمرض عفن القلب الفطرى عادة ستكون نادرة الوجود في الغابة، بينما سيتواجد فقط تلك الأنواع التي تقاوم المرض". ثم قام مع زملائه بقياس وتتبع الأشجار الاستوائية في غابة مرصد الأرض على جزيرة بارو كولورادو على قناة بنما.
سيستمر العمل في المستقبل من أجل التحقق من صحة تكنولوجيا التصوير المقطعي الصوتي لأنظمة الأشجار الاستوائية باستخدام الأشجار المقطوعة أو الميتة. تتميز الأشجار الاستوائية بالتنوع الشديد في كل من الشكل والوظيفة، وهى بذلك ربما تكون متميزة في متطلباتها من أجل التصوير المقطعي الصوتي. على سبيل المثال، لا يعمل هذا الأسلوب على أنواع النخيل أو أنواع الأشجار التي تستخدم الأنسجة الداخلية فى تخزين المياه.
تستفيد الغابات في المناطق الحضرية أيضا من التصوير المقطعي الصوتي. يتعاون جيلبرت وزملاؤه من معهد سميثسونيان للبحوث المدارية مع مدينة بنما من أجل استخدام التصوير المقطعي لتقييم المخاطر التى تتعرض لها الأشجار فى بنما الحضرية والتي يمكن أن تتهاوي وتتعرض للتدمير نتيجة الأعاصير العاتية وهطول الأمطار الغزيرة.