خطة الصين للحفاظ على الغابات
استثمرت الصين موارد أكثر من أي بلد آخر في مكافحة إزالة الغابات وإعادة زراعة الأشجار. غير أنه بالنظر إلى الحجم الكبير لهذه البرامج، كان من الصعب تحديد أثرها على الغطاء الحرجي. تظهر نتائج دراسة نشرت فى مايو 2017 أن الكثير من الغطاء الشجري الجديد في الصين يتكون من زراعات متناثرة أشجارها منخفضة بالمقارنة مع مساحات أخرى من الغطاء الشجري الكثيف الممتد والأشجار المرتفعة. يمكن أن تساعد نتائج الدراسة واضعي السياسات على تتبع العائدات من الاستثمار في زراعة الأشجار وتحديد البيئات المناسبة للتشجير في المستقبل، والمساعدة في الجهود الرامية إلى عزل الكربون، ومنع تدهور التربة، وتعزيز التنوع البيولوجي.
سلطت الفيضانات المدمرة في عام 1998 الضوء على مخاطر إزالة الغابات، فسارعت الصين بفرض حظر صارم على قطع الأشجار في الغابات الأولية، التى تعتبر الامتداد الهائل في احتياطيات الغابات، ووضع برامج تشجير بمليارات الدولارات. وقالت Antje Ahrends من الحديقة النباتية الملكية ادنبره ومعهد كونمينج للعلوم النباتية والمؤلفة الرئيسية لهذه الدراسة : " بلا شك كان لهذا النهج تأثير كبير على الحد من فقدان الأشجار في الصين". "أنفقت الصين أكثر من 100 مليار دولار أمريكي على زراعة الأشجار على مدى العقد الماضي وحده. ومع ذلك، وعلى الرغم من النجاحات العديدة التي حققها هذا البرنامج، فإن فوائد وعائدات زراعة الأشجار ليست هي نفسها التي تمنحها الغابات الطبيعية".
معدل الفقد فى الغطاء الشجرى (ذو حد أدنى 50٪ من غطاء التاج) والضغط السكاني. (أ) التوزيع التاريخي المتوقع للغطاء الشجري في الصين (حوالي 8000 قبل الميلاد؛ تبعاً لملاءمة المناخ). (ب) الغطاء الشجرى في عام 2000 والخسائر والمكاسب الحالية. (ج) الغطاء الشجري العالمي في عام 2000 مظللاً بالكثافة السكانية
في معركة الصين لوقف فقدان الغطاء الشجري، قامت Ahrends وزملاؤها بتحليل الخرائط عالية الدقة المستمدة من بيانات الأقمار الصناعية باستخدام تعريفات مختلفة لـ "الغابات". وبموجب التعريف الواسع النطاق، الذي استخدمته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، أضافت الصين 434 ألف كيلومتر مربع إلى مساحة الغطاء الحرجي بين عامي 2000 -2010 (وهى أكبر من مساحة ألمانيا وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورج مجتمعة)، ومع ذلك يشمل هذا التعريف المزارع المتناثرة أو الحديثة الزراعة أو المتقزمة التي تتكون غالبا من نوع واحد أو حتى هجين واحد، والذي من المرجح ألا يوفر نفس الفوائد التي توفرها مساحات واسعة من الغابات الكثيفة والعالية.
أنواع مختلفة من الغطاء النباتي، والتي يمكن تصنيفها جميعا على أنها غابات. (أ، ب) التعريفات القائمة على استخدام الأراضي تشمل أيضا الأراضي غير المروية، المخصصة لاستخدام الغابات. فى هذه الصورة: إزالة غابات طبيعية وتجهيزها لمزارع المطاط. (ج) زراعة الأشجار ذات الأغراض الخاصة في المناطق الهامشية. (د) الأشجار ذات الغطاء التاجي بأكثر من 10٪ وأقل من 20٪. (هـ) الأشجار ذات الغطاء التاجي أكثر من 20 % وأقل من 50 %. (و) الأشجار ذات الغطاء التاجي لأكثر من 50 %.
وقال المؤلف المشارك شو جيانشو من المركز العالمي للحراجة الزراعية : "نحن نريد أن نرى كيف يمكن لهذه الصورة أن تتغير إذا كنا ننظر على وجه التحديد للحصول على مساحات واسعة من الأشجار المرتفعة، وذات الغطاء الشجرى الكثيف نسبياً. إن معرفة نوع الغطاء الذي وضعته برامج التحريج أمر بالغ الأهمية لفهم آثار هذه المشاريع على صحة التربة والتنوع البيولوجي وعزل الكربون". وكانت النتائج مختلفة بشكل كبير: ففي ظل التعريف الأكثر صرامة، توسعت غابات الصين بنسبة تقل عن عشر التقديرات السابقة ( 33 ألف كيلو متر مربع وهي مساحة أصغر من حجم هولندا).
كما تشير الدراسة إلى التحديات العملية التي تواجه برامج زراعة الأشجار في الصين: حيث يجب على الصين أن تطعم شعبها البالغ خمس سكان العالم على مساحة أقل من عشر الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، وأن اقتصادها المتنامي يعني أن الأراضي المنزرعة بالأشجار يزداد عليها الطلب فى إنتاج الطعام والبناء والاستخدامات الصناعية.
يقول المؤلف المشارك Peter Hollingsworth : "يوضح تحليلنا أهمية كل من التعاريف والرصد على نطاق واسع لفهم التغيرات في الغطاء الشجري". واضاف "انه يوفر فهما معززاً لمكان نجاح برامج زراعة الاشجار، وما اذا كانت هذه البرامج تؤدي الى وجود غابات كثيفة او شجيرات متباعدة بشكل ضئيل".
ويتناول التقرير أيضا الاتجاهات العالمية: فقد وجد الباحثون أن ما يقرب من نصف الغطاء الحرجي في العالم قد فَقِد على مدى ال 10 ألاف عام الماضية، وأن الغطاء الشجري يتناقص في البلدان المنخفضة الدخل بمعدل حوالي ألف25 كيلومتر مربع سنويًا. ومع ذلك، وجد الباحثون أيضا أدلة على أن العديد من البلدان التي فقدت الكثير من غاباتها في الماضي قد تتحول إلى حماية الغطاء الشجري المتبقي.