النباتات يمكن أن تسيطر على الطقس
لقد ولت الأيام التي كان يعتقد فيها أن النباتات هي مجرد كائنات خاملة. ففي وقت سابق من هذا العام، وجد الباحثون أن النباتات يمكنها أن تتواصل من خلال آليات كيميائية. يقول العلماء الآن أن النباتات يمكن أن تفعل شيئا ربما أكثر غرابة ألا وهو التحكم في الطقس. وفقا للباحثين في الاتحاد الاسكتلندي للعلوم البحرية وجامعة مانشستر، الطحالب البنية brown seaweed ، وعشب البحر kelp ، لديها القدرة على خلق أجواء ملبدة بالغيوم على شواطئ البحار. ولكن لماذا تريد النباتات إلى أن تغير أنماط الطقس؟ على ما يبدو، لأن الأجواء الغائمة ملائمة لها وتجعلها أكثر راحة.
عندما تكون السماء ملبدة بالغيوم وينحسر المد تكون الظروف مثالية لنمو عشبة البحر kelp ، لقدرتها على البقاء رطبة حتى يعود المد مرة أخرى. لكن في الأيام المشرقة ، فإنها تجف. وبزيادة الجفاف يزيد الإجهاد على النباتات وتبدأ فى إطلاق غاز اليود والذى يتصاعد، يجبر السحب على الكثف وتكوين مظلة تحمي عشبة البحر من أشعة الشمس الضارة لها.
عشب البحر Kelp يلعب دوراً هاماً في مكافحة التلوث وإزالة الأوزون القريب من سطح الأرض. يوضح Frithjof Küpper ، بالاتحاد الاسكتلندي لعلوم البحار، والذي قاد فريق البحث، أن الفائدة متبادلة. يوديد يمكن معادلة الأوزون في الغلاف الجوي، ويتصاعد للطبقات العليا، ويكون بمثابة نواة للتكثيف حول الغيوم التى تتشكل. وبالتالي نحصل على جو صحي ويحصل عشب البحر أيضا على ما يريد ألا وهو الظل.
هذا الاكتشاف يكشف أحد أكبر الأسرار الرائعة فى المملكة النباتية. بالنسبة لمعظم علماء التاريخ، والبشرية بشكل عام، تعتبر النباتات كائنات خاملة مع عدم وجود وسائل تواصل فيما بينها. ولكن الأبحاث فى وقت سابق من هذا العام كشفت أن العديد من النباتات في الواقع تستطيع 'الدردشة' بشكل لا بأس به عبر الشبكات الخاصة بها.
وجد الباحث Josef Stuefer في جامعة Radboud في نيميجن Nijmegen أن النباتات تملك خاصية "الدردشة" فيما بينها لتحذير بعضها البعض، مما أدى إلى استنتاج العلماء أن النباتات ليست كما كان يعتقد من قبل بأنها كائنات ساكنة وخاملة غير متفاعلة. في الواقع، العديد من النباتات تشكل شبكات اتصالات داخلية وقادرة على تبادل المعلومات بكفاءة. النباتات العشبية مثل الفراولة، والبرسيم، وحشائش reed تشكل بطبيعة الحال شبكات وتبقى النباتات الفردية مرتبطة مع بعضها البعض لفترة معينة من الزمن عن طريق المدادات. هذه الاتصالات تتيح للنباتات تبادل المعلومات عبر القنوات الداخلية بطريقة مشابهة جدا لشبكات الحاسوب. ولكن ماهو نوع المعلومات التى تتبادلها النباتات فيما بينها؟
كان Stuefer وزملاؤه أول من أثبت أن نباتات البرسيم تحذر بعضها البعض عن طريق هذه الروابط الشبكية فى حالة وجود خطر أو تهديد في مكان قريب. على سبيل المثال، إذا كان أحد النباتات تعرض لهجوم من قبل اليرقات، فإنه سيتم تحذير أعضاء الآخرين في الشبكة عن طريق إشارة داخلية. تقوم النباتات الأخرى السليمة بعد حصولها على الإنذار، بتعزيز نفسها فوراً والاستعداد كيماوياً وميكانيكياً بحيث تكون أقل جاذبية لهذه اليرقات المعتدية، ويعتبر هذا نظام للإنذار المبكر يسمح للنباتات بالبقاء وكسب خطوة واحدة قبل أعدائها. وقد كشفت البحوث التجريبية أن هذه الاتصالات تحد بشكل كبير من الأضرار التي تلحق بالنباتات.
ومن المعروف أيضا أن النباتات لها مايشبه "القيم العائلية"، وذلك فى بحث جديد يكشف أن النباتات لديها القدرة على التعرف على الأقارب من أجل مساعدة بعضها البعض والبقاء على قيد الحياة. القدرة على إخبار الأهل بوجود الغرباء صفة معروفة في المملكة الحيوانية، والتى تسمح لأفراد النوع للتعاون وتقاسم الموارد. ومع ذلك، فإنها مفهوم جديد نسبيا أن النباتات تمتلك أيضا المهارات الاجتماعية لتكون قادرة على التعرف والتواصل مع أقرانها.
في وقت سابق من هذا العام، Susan Dudley Amanda File من جامعة ماكماستر في أونتاريو، كندا، إستطاعتا ولأول ، إثبات أن النباتات يمكنها التعرف على أقاربها. وأظهرت أبحاثهما أنه على الرغم من نقص الإدراك والذاكرة، فإن النباتات مع ذلك قادرة على التفاعلات الاجتماعية المعقدة نسبياً.
ووجدت الدراسة أن النباتات من نفس النوع للأزهار البرية لنبات beach-dwelling ، على سبيل المثال، تنمو بقوة وغزارة الى جانب جيرانها من الأنواع الأخرى، لكن كانت أقل انتشاراً ومنافسة عند المشاركة مع أقرانها من نفس النوع . بعض الباحثين يعتقد أن النباتات تتواصل من خلال جذورها، وتعريف أنفسها باستخدام بصمات كيميائية محددة لعائلة كل نبات. ولكن كيف تحدد النباتات أي من جيرانها هم أشقاء لها من نفس النوع؟ هذا السؤال لا يزال لغزاً. في حين التعلم والذاكرة هي عوامل هامة للتعرف على الأقارب في الحيوانات، فمن الواضح أن النباتات لديها بديل مماثل للتعرف على غيرها.
هذا البحث، جنبا إلى جنب مع غيره من الدراسات النباتية الناشئة، يكشف أن المفهوم الحالي عن النباتات من المحتمل ان يكون انعكاسا بسيطاً جداً للحقيقة التى لم تكتشف بعد، والعلماء حريصون على اكتشاف المزيد حول كيفية تواصل النباتات والتفاعل مع بيئتها.