هل يمكن لأشجار المانجروف الحد من تحمض المحيطات ؟
حرق الوقود الأحفوري، والتوسع الزراعى على نطاق هائل ساهمت في ارتفاع كبير في تركيز الكربون في الغلاف الجوي، وفي النهاية يؤثر سلباً على المحيطات التي استوعبت ما يقرب من ثلث الكربون الناتج عن البشر. عندما يذوب ثاني أكسيد الكربون في الماء، فإنه يزيد من درجة الحموضة ويقلل من درجة القلوية في عملية تسمى تحمض المحيطات. هذا التحمض يضر النظم الإيكولوجية الموجودة مثل الشعاب المرجانية وحيوية العوالق النباتية phytoplankton ، التى تعتبر مصدر الغذاء لكثير من الحيوانات البحرية. بسبب أن المحاليل القلوية يمكن أن تعادل المحاليل الحامضية، لذلك أجبرت ظاهرة تحمض المحيطات العلماء للاهتمام بالمسارات المختلفة المنتجة للقلوية. ويعتقد أن غابات المانجروف هى أحد النظم البيئية على وجه الخصوص، التى تتسبب فى زيادة القلوية. من خلال دورة بيولوجية- جغرافية- كيميائية لاحظ العلماء أن أشجار المانجروف تزيد من قلوية المياه المحيطة بها.
في إحدى الدراسات الحديثة، تحقق Sippo وآخرون إلى أى مدى يمكن لأشجار القرم مواجهة تحمض المحيطات. ودرس العلماء المحتوى من الكربون الذائب غير العضوي، والقلوية، وثاني أكسيد الكربون الذائب في مياه ستة جداول محاطة بغابات المانجروف البكر على طول السواحل الشمالية والشرقية، والجنوبية من أستراليا. جمع الباحثون عينات من المياه التي تم جمعها بالقرب من المياه الساحلية لمعرفة ما إذا كانت القلوية من مياه غابات المانجروف لها تأثير في المنطقة المحيطة بها. دورة الكربون فى وجود نباتات، مثل أشجار المانجروف، تعني أن هذه النباتات تزيل الكربون من الجو وتحوله إلى كتلة حيوية. كما أن المناطق ذات الإنتاجية العالية من غابات المانجروف وموقعها الفريد مابين الأرض والمحيطات، يجعلها خزان كبير من الكربون المحبوس فى التربة.
باستخدام طريقة المعايرة لقياس القلوية في مياه غابات المانجروف، قدر العلماء الكربون الذائب غير العضوى، والقلوية، وثانى أكسيد الكربون الذائب المنتقلة من أشجار القرم الساحلية إلى المحيط. في المتوسط، أشجار المانجروف التى تم دراستها كانت تطلق 59 ملليموز لكل متر مربع من الكربون الذائب غير العضوى باليوم الواحد في المياه الساحلية المحيطة بها. تصعيد نطاق هذه التقديرات على المستوى العالمى يؤدي إلى إطلاق أكثر من 2.5 × 109 مول من الكربون سنوياً. قدر الباحثون أيضاً أن غابات المانجروف الحالية يمكن أن تصدر الى 4.2 تيرا مول من القلوية سنوياً.
وعموما، فإن تأثير القلوية والكربون الذائب غير العضوي الناتج عن أشجار القرم تسبب زيادة معقولة لدرجة الحموضة والقلوية pH. ويعتقد الباحثون أن هذه الزيادة في درجة الحموضة والقلوية من أشجار المانجروف من المرجح أن يكون لها تأثير أكبر في المناطق التي تغطيها أشجار المانجروف بمساحات شاسعة وممتدة. هذا التأثير الموضعي قد تكون له آثار هامة على غيره من النظم الإيكولوجية الاستوائية الساحلية مثل الشعاب المرجانية.
وفقاً للمؤلفين، تعد هذه الدراسة واحدة من أكثر التقييمات شمولا لمساهمة أشجار المانجروف فى زيادة قلوية المحيط حتى الآن. وبالإضافة إلى الوظائف الإيكولوجية الهامة، تظهر هذه الدراسة أن أشجار القرم واحدة من أكبر مصادر القلوية الطبيعية بسواحل المحيطات الاستوائية. ولذلك، قد تتصدى جزئيا لتحمض السواحل في المياه الاستوائية المتاخمة لها.