أكثر مدن العالم تلوثاً
قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية الجديدة لتلوث الهواء في جميع أنحاء العالم تقيس التلوث بتحديد تركيز كل من الجسيمات الدقيقة PM10 والجسيمات المجهرية PM2.5 ، ونتيجة لذلك فإن مدينتان إحداهما في إيران والأخرى في نيجيريا يمكن أن يطلق عليهما أكثر المدن تلوثاً في العالم.
ويأتي ذلك نتيجة لقياس تركيز الجسيمات الدقيقة (PM) في الهواء. هذه الجسيمات يبلغ قطر حبيباتها ما بين 2.5 -10 ميكرون ، أى أصغر بحوالى 30 ضعف من قطر شعرة الإنسان. وتشمل الجسيمات الأكبر حجماً الغبار الذي تثيره السيارات على الطرق والرياح، والسناج من الحرائق المفتوحة والكربون المحترق جزئيا نتيجة لحرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والخشب. هذه الجزيئات صغيرة بما يكفي لاستنشاقها عميقا داخل الرئتين. ولكن هناك جزيئات غاية في الدقة تعرف باسم PM2.5، لاترى إلا بالمجهر ويتم إنتاجها من جميع أشكال الاحتراق. وهي صغيرة بما يكفي لكى تنتقل من الرئتين إلى الدم وربما تكون أكثر فتكا لأنها تؤثر على الجهاز القلبي الوعائي.
العديد من المدن في البلدان النامية تراقب مستويات جسيمات PM10 فقط. ولكن ينظر إلى التلوث بالجسيمات المجهرية PM2.5 على نحو متزايد باعتبارها أفضل مقياس لمدى تلوث الهواء الفاسد من أجل صحة الإنسان. وعادة ما تكون مستويات الجسيمات المجهرية PM 2.5 أعلى فى البلدان الغنية ، في حين أن البلدان المنخفضة الدخل تكون مستويات الجسيمات الدقيقة PM10 بها هى الأعلى. تقر منظمة الصحة العالمية أن كلا النوعين من الجسيمات تعتبر قاتلة.
اونيتشا Onitsha هى الأعلى فى تركيز جسيمات PM10
في عام 2013، توفي شخصان من الإجهاد الحراري بعد توقفهما لست ساعات متواصلة على جسر فوق نهر النيجر بالمدينة. السيارات والشاحنات على الطريق الرئيسي تطلق عوادم من حرق الوقود منخفض الجودة (وقود الديزل)، والهواء غالبا ما يكون مشبعاً بنواتج حرق النفايات من مقالب القمامة، وحرق السفن القديمة على النهر وملوثات ورش المعادن.
ولكن لم يتوقع أحد أن تكون اونيتشا بولاية انامبرا على الضفة الشرقية لنهر النيجر، مدرجة فى قائمة المدن الأكثر تلوثا في العالم. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، لرصد نوعية الهواء هناك تسجيل 594 ميكروجرام في المتر المكعب من الجسيمات الدقيقة PM10 ، و 66 ميكروجرام في المتر المكعب من الجسيمات المجهرية PM2.5 الأكثر فتكا. بيانات اونيتشا هي تقريباً أسوء بمعدل مرتين عن المدن الملوثة المعروفة مثل كابول وبكين وطهران وأسوأ من لندن بمعدل 30 ضعف.
ويقول الأكاديميين أن اونيتشا هى مثال حي لمخاطر التحضر السريع دون تخطيط أو توفيرالخدمات العامة والاعتداء المستمر على المياه والهواء.كمدينة استوائية بها ميناء ، تضاعف عدد سكانها إلى أكثر من مليون شخص في غضون بضع سنوات، وكثيرا ما تكتسى بأعمدة الدخان الأسود الناتج من حرق الديزل بالسفن القديمة. وليس لديها محطات حرق النفايات بصورة صحيحة؛ كما أن مواقع البناء وورش العمل تطلق سحب من الغبار وحركة المرور الكثيفة بها حيث تعتبر هى الأسوأ في نيجيريا. مستوى التلوث في اونيتشا يزداد خطورة على نحو متزايد. وقالت منظمة الصحة العالمية أن بيانات التلوث من أونيتشا لم تكن موثوقة بالضرورة لأنها جاءت من محطة مراقبة واحدة، ومن الصعب للحصول على قياسات دقيقة في أفريقيا، لأنه ينبغي أن تتم بشكل مثالي على مدار العام لتشمل الفصول وأوقات اليوم المختلفة.
زابول: هى الأعلى فى تركيز جسيمات PM2.5
زابول، هي مدينة بشرق إيران على الحدود مع أفغانستان، وكانت في قلب الحضارة الفارسية العريقة. لكن المدينة الآن أصبحت منطقة مهملة إلى حد كبير وتعاني من الفقر والتلوث.
كل صيف، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات مذهلة لحوالى 40 درجة مئوية أو أعلى من ذلك، فى زابول بواسطة ما يعرف محليا باسم "120 يوما من الرياح"، وهبوب العواصف الترابية القاسية من الشمال إلى الجنوب. لكن اختفاء منطقة هامون وهى من الأراضي الرطبة في وقت مبكر من عام 2000 ، أدى إلى تفاقم الوضع إلى حد لم يسبق له مثيل. على مدى قرون كانت الأراضي الرطبة هامة لتنمية المنطقة، وكانت بمثابة مبرد طبيعى. أما الآن فقد جفت وأصبحت مصدرا رئيسيا للغبار في الهواء. في السنوات الأخيرة، العواصف الترابية الخانقة التي تجتاح زابول عطلت مرارا وتكرارا الحياة وأدت لإغلاق المدارس والمكاتب الحكومية. واضطر المسؤلون فى العام الماضى لتوزيع أقنعة مجانية بمعدل 40 ضعف أكثر من المعتاد حتى أصبحت جزءا من الحياة اليومية.
التلوث في زابول يختلف عن ذلك الذى في طهران أو بكين، حيث يرتبط بالصناعة. وتواجه زابول وضعاً حرجاً في وموسم الرياح المستمر لحوالى 120 يوما يفاقم من العواصف الترابية في كل عام. إن جفاف هامون هو السبب الرئيسي وراء هذا المستوى من التلوث ولكن عوامل أخرى ساهمت في هذا الوضع مثل سوء إدارة الموارد المائية في الماضي. اختفت أكثر من 700 ألف فرصة عمل بسبب الوضع في الأراضي الرطبة . وفقا لتقرير نشرته صحيفة يومية ، ويتم تشخيص أكثر من 500 شخص مصاب بالسل في زابول سنوياً بسبب تلوث الغبار، وهو معدل غير عادي في البلاد. أجبرت أزمة هامون على نزوح سكان ما يقرب من 300 قرية في المحافظة.
واصل الإيرانيون تطوير البنية التحتية دون قلق حقيقي حول الآثار البيئية على المدى الطويل من خططها التنموية، والتي تفتقر عادة لتقييم الأثر البيئي بشكل جاد. تلوث الهواء والعواصف الترابية والبحيرات والأنهار والتجفيف، وانخفاض مستويات المياه الجوفية، وهبوط الأراضى، وإزالة الغابات، والتصحر على قائمة الأضرار البيئية الناجمة عن التنمية غير المستدامة. بعض المشاكل، لم تنشأ نتيجة الظروف المحلية. فالصراعات العابرة للحدود حول نهر هلمند أو (هرمند) مع أفغانستان، أدى إلى نقص المياه واشتداد العواصف الترابية التى أثرت بشكل كبير على حياة أولئك الذين يعيشون في جميع أنحاء أراضي Hamouns الرطبة .