اخضرار الأرض. لماذا يمثل مشكلة
نشرت دراسة جديدة مثيرة للاهتمام فى شهر أبريل 2016 فى دورية Nature Climate Change ، وتوصلت إلى أن الأرض بشكل ملحوظ أصبحت أكثر اخضراراً على مدى 33 عام الماضية. كان السبب الرئيسي هو زيادة ثاني أكسيد الكربون الذى ينتجه البشر في الهواء.
فى هذه الدراسة تم الاستعانة بالأقمار الصناعية البحثية المستخدمة لدراسة نمو النباتات على مر الزمن، على افتراض أن الإخضرار الإضافي يأتى من أوراق النباتات والأشجار. باستخدام نموذج حاسوبي لتقدير نمو الورقة، وجدوا أن التخضير الإضافي يعادل زيادة تقدر بحوالي 18 مليون كيلومتر مربع من الأراضي المزروعة في العالم، وهذا الاستنتاج كان مذهلاً بشكل كبير.
تنمو الأشجار نتيجة لامتصاصها ثانى أكسيد الكربون من الجو والماء من التربة و بواسطة آشعة الشمس تحولهما إلى كربوهيدرات يتم تخزينها فى أنسجتها لحين الحاجة. بمفهوم بسيط المزيد من ثانى أكسيد الكربون يعنى المزيد من الغذاء للنبات (وهذا ما يسمى التسميد بثانى أكسيد الكربون) وبالتالى نمو أكثر.
والخبر السار، يعني أن النباتات قادرة على امتصاص المزيد من الكربون من الغلاف الجوي، أما الأخبار السيئة هي انه لا يكاد يكفي. وقد تم توضيح ذلك من خلال رسم بياني يوضح محتوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، كما تم قياسه في مرصد "ماونا لوا" في هاواي:
كما يتضح، فإن كمية ثاني أكسيد الكربون في الجو ما تزال فى تزايد، حتى مع وجود هذا الغطاء النباتي الإضافي. والأسوأ من ذلك، أن الزيادة من عام 1980 (تقريباً بداية من وقت الدراسة الجديدة) وحتى عام 1995. إذا قمنا بتمديد نطاق هذا الميل slope على المنحنى، سنرى أن الزيادة قد بدأت فى التصاعد منذ عام 1995. وبعبارة أخرى، نحن نطلق المزيد من ثاني أكسيد الكربون سنويا مما كنا عليه قبل 35 عاماً. كل هذا النمو الاضافي للنباتات لا يمكنه مواكبة إمتصاص 40 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون التى يفرغها البشر في الجو كل عام. وبالمناسبة، بعض من هذا الاخضرار يحدث في منطقة القطب الشمالي، وهو عادة ما يكون مغطى بالثلوج والجليد، لكن ارتفاع درجات الحرارة قد يسبب ذوبانها، وهذا ليس بالمكان الذي نتمى أن نراه مكتسياً باللون الأخضر.
الجانب الإيجابي لدور ثانى أكسيد الكربون في تعزيز نمو النبات تم استخدامه من قبل المعارضين، الرافضين لتحقيق تخفيضات في انبعاثات الكربون للتخفيف من آثار تغير المناخ، مماثلة لتلك التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر اجتماع الأطراف بباريس بشأن تغير المناخ (UNFCCC). "والمغالطة في حجة المعارضين ذو شقين. أولاً، الجوانب السلبية العديدة لتغير المناخ، مثل ظاهرة الاحتباس الحراري، وارتفاع مستويات البحر، وذوبان الأنهار الجليدية والجليد البحري والعواصف الاستوائية الشديدة، وغير ذلك. ثانياً، أظهرت الدراسات أن النباتات تتأقلم أو تتكيف، مع ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون وتناقص تأثيره التسميدى بمرور الوقت "، كما يقول الباحث المشارك الدكتور فيليب سيايس، مدير المساعد في مختبر المناخ والعلوم البيئية بفرنسا.
ولكن ، إذا كنا على استعداد لتجاهل ارتفاع مستويات البحر وزيادة تطرف الطقس، وذوبان الجليد القطبي، ونقص الأكسجين في المحيطات، والجفاف، والفيضانات، وتحمض المحيطات وتبييض الشعب المرجانية، والمزيد من موجات الحر، وتشريد مئات الملايين من الناس، فلا غبار أن نصرح بأن المزيد من الاخضرار في حياتنا يعتبر شيئاً عظيماً!!!