إعادة تدوير المياه من خلال الأشجار والغابات
إقترح المؤلفان لهذا المقال أن الحوار العالمي حول الأشجار والغابات والمناخ يحتاج إلى أن ينقلب رأساً على عقب: الآثار المباشرة لهطول الأمطار والتبريد قد تكون أكثر أهمية من الآثار المدروسة جيداً من خلال توازن الكربون العالمي.
ومع ذلك، تعترف سياسة المناخ الحالي بهذا الأخير. بينما يدرك الفلاحون أن الأشجار تبرد منازلهم وحظائر الثروة الحيوانية والمحاصيل، وكان عليهم أن يتعلموا ماهى الغازات المسببة للاحتباس الحراري ومخزونات الكربون إذا أرادوا أن يصبحوا جزءاً من جهود تخفيف آثار تغير المناخ.
في هذا المقال، الذي نشر في دورية التغير البيئي العالمي خلال شهر مارس 2017، ذكر 22 مؤلف أمثلة عن فوائد تبريد كوكب الأرض بواسطة الأشجار. ووجد العلماء أدلة على الاعتقاد الشائع بأن الأشجار والغابات أيضا تؤثر على تساقط الأمطار. وعلى هذا النحو، يؤكد المقال على أن الماء، وليس الكربون، ينبغي أن يصبح الدافع الرئيسي لزراعة والحفاظ على الأشجار في الطبيعية.
"تنحية الكربون هو أحد العوامل المشاركة في صالح إعادة تدوير هطول الأمطار وقوة تبريد الأشجار. ويقول الدكتور ديفيد اليسون، المؤلف الرئيسي للدراسة "أن الأشجار تمتص وتعيد توزيع المياه، وفى الوقت ذاته تبرد أسطح كواكب الأرض".
لا تزال المناقشات مستمرة بين العلماء من تخصصات وخلفيات مختلفة حول بعض التفاصيل الأكثر دقة عن الكيفية التي تؤثر بها الغابات على الأمطار. ولكن الصلة المباشرة للأشجار والغابات فى حماية وتكثيف الدورة المائية والتبريد المرتبط بها، وتبادل الرطوبة في الغلاف الجوي مع مواقع اتجاه الريح تعتبر معقولة دون شك.
تعتبر الأشجار مكيفات هواء عملاقة دون وجود فواتير كهرباء. فهى تستخدم الطاقة الشمسية لتحويل الماء إلى بخار، وبالتالي تبرد المناطق المحيطة بها. في اليوم الحار تتشابه درجة حرارة سطح الغابة مع سطح بحيرة قريبة منها، في حين تزداد حرارة المرعى الجاف أو الطريق المعبد بأكثر من 20 درجة مئوية عن ذلك. طاقة التبريد لكل 100 لتر ماء تعادل حوالي 70 كيلو واط ساعة ، وهى تشابه وحدتين تكييف هواء منزلى.
ولأنها تبرد الأرض، فالأشجار أيضا تعزز هطول الأمطار. هناك عاملين يؤثران على هطول الأمطار هما:- 1) بخار الماء في الغلاف الجوي التي تسهم الأشجار والأراضي الرطبة فيه إسهاماً كبيراً وفي الكميات التي يمكن قياسها، 2) نقطة انطلاق لتكثيف بخار الماء إلى قطرات الغيوم وقطرات المطر. الأشجار هي مصدر المركبات المتطايرة volatile compounds التي يمكن أن تصبح نواه للسحب المتكثفة والأشجار هي أيضاً مصدر للبكتيريا التي تشكل نواة الجليد.
يقول الدكتور سيندي موريس، وهو أحد المشاركين في الدراسة: "في الهواء النظيف والخالي من الغبار، قد تنخفض حرارة قطرات السحاب إلى -40 درجة مئوية، وتتصاعد عالياً في الجو، قبل حدوث التجمد عند وجود نواة جليد القادرة على تحفيز التجميد". واضاف "لكن الأشجار والغابات تطلق" نوى الجليد "في الغلاف الجوي بما في ذلك بعض الجراثيم الفطرية، وحبوب اللقاح والبكتيريا التي يمكن أن تحفز هطول الأمطار في درجات حرارة أكثر دفئا (أحيانا دافئة مثل -4 درجة مئوية). وهذا يعني أن بدء المطر يمكن أن يحدث بسهولة أكبر في السحب المتكونة على ارتفاعات منخفضة ".
مثلما تعدل الغابات وتسهم في تدفقات الغلاف الجوي من الهواء الرطب فإنها تؤثر على هطول الأمطار. في حين أن السواحل تستمد معظم أمطارها من تبخر مياه المحيطات فإن هطول الأمطار على السطوح القارية تعتمد بشكل متزايد على مصادر الرياح العكسية الأرضية للرطوبة الجوية. في المتوسط 40٪ من الأمطار على سطح الأرض يعاد تدويرها نتيجة البخر-نتح على سطح الأرض.
وقد تم توثيق أمثلة هامة من تبعيات المسافات الطويلة بين حوض نهر الكونغو وشرق أفريقيا والتى توفر الأمطار إلى المرتفعات الإثيوبية ومنطقة الساحل. وكذلك أمطار دعم الأمازون في شمال غرب الأرجنتين. وأراضى اليابسة فى جنوب شرق آسيا التى تغذى الغلاف الجوي بالرطوبة التى ستهطل أمطاراً على الصين. في كل هذه الحالات، يمكن للتغييرات الكبيرة في الغطاء الشجري كسر هذه السلسلة والحد من هطول الأمطار في أحواض اتجاه الريح.
يقول الدكتور ماين فان نوردفيك، الباحث المشارك ورئيس العلماء فى المركز العالمي للحراجة (ICRAF). "لأن معظم دراسات المياه تركز على "المياه الزرقاء" في الأنهار و"المياه الخضراء" التي تستخدمها النباتات ومياه الغلاف الجوي فإنها تعرف الآن بـ"مياه قوس قزح". ويلزم تهيئة الساحة السياسة على التكيف مع فكرة أن هطول الأمطار ليست مجرد نتيجة لحركة كتلة الهواء فقط، ولكن الأهم أنها تعتمد على كيفية رعاية دول الجوار فى عكس اتجاه الريح لغاباتها".
الأمطار الموثقة في المناطق الداخلية القارية من أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وكذلك في مواقع اتجاه الريح الأخرى، قد تعتمد فى الحفاظ على استمرارها نسبياً على وجود الغطاء الشجري على السواحل عكس اتجاه الريح. الجغرافيا السياسية لهذه العلاقات يمكن أن تصبح مصدراً للصراع، ولكن يمكن أن تؤدي أيضا إلى أنواع جديدة من التعاون.
مع هذه وأكثر رائعة "رؤى باردة" والأدلة من البحوث، يشير المؤلفون إلى أن هناك أساساً قوياً للسياسة المائية المناخية والتي تتضمن على الغابات والأشجار. وقد تكون هذه السياسة على نطاق أوسع بكثير مما يجرى حتى الآن من تشكل الفهم العلمي لغازات الاحتباس الحراري التى تسيطر على المناخ وتدرج في الاتفاقات الدولية.
ويختتم المقال بصرخة لإنجاز فعل إيجابى مع الغابات والمياه والمناخ: "سياسة المناخ يجب أن تأخذ فى الاعتبار معالجة المياه والتبريد وآثار تخليق الأمطار بواسطة الأشجار والغابات بشكل أكثر وضوحاً." المراجعة الهامة للاستراتيجيات الوطنية والإقليمية والقارية من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه يجب أن تكون عاجلة كخطوة مقبلة.