الأمراض يمكن أن تساعد الغابات
تهاجم الأمراض الأشجار والمحاصيل، ويمكن أن تدمر الخشب والإنتاج الغذائي، لكن وجد علماء الأحياء بجامعة يوتا، أن مسببات الأمراض التي تقتل شتلات الأشجار في الواقع يمكن أن تجعل الغابات أكثر تنوعاً. في حين يتم إلقاء اللوم على قلة الأمطار لعدم وجود الأشجار الحساسة للجفاف بالقرب من المحيط الهادئ لقناة بنما، فإن دراسة جديدة حلت لغزاً حول سبب بقاء الأشجار المقاومة للجفاف على قيد الحياة فى تلك المنطقة الرطبة من القناة. كانت الإجابة هى مسببات الأمراض النباتية، وذكر الباحثون في دراستهم التي نشرت بدورية Journal of Ecology فى شهر نوفمبر 2014.
وتقول فيليس كولي، باحثة مشاركة في الدراسة: "لأن شتلات أنواع الأشجار الحساسة للأمراض لا يمكنها البقاء على قيد الحياة في الغابات الرطبة وكذلك أنواع الأشجار الحساسة للجفاف لا يمكنها البقاء على قيد الحياة في الغابات الأكثر جفافاً، فإن هناك أنواع مختلفة من الأشجار تستوطن الغابات الرطبة والجافة في بنما على الرغم من أنها تبعد فقط 30 ميلاً عن القناة". وبعبارة أخرى، مسببات أمراض الأشجار تسهم في حدوث تنوع مذهل للأشجار في الغابات الاستوائية في بنما. يقول المؤلف الرئيسى للدراسة ايرين سبير، "وهذا هو المهم لأن وضع خطط الحفظ والتنبؤات حول كيفية تغير توزيع أنواع الأشجار كاستجابة لتغير المناخ، يتطلب فهم العوامل التي تؤثر حاليا على مناطق نمو الأنواع وبقائها على قيد الحياة". هذا أمر مهم لاسيما في الغابات الاستوائية والغابات الأخرى التي هي تحت التهديد المتزايد بالقطع الجائر. الغابات الاستوائية مهددة ، وخاصة الغابات الاستوائية الجافة، هي الأكثر عرضة للخطر بسبب أن المناخ المشمس الجاف هو الملائم لزراعة معظم المحاصيل. نحو 90 % من سكان بنما يعيشون على منحدرات المحيط الهادئ الأكثر جفافاً.
الغابات ضرورية لتغذية وإيواء الحيوانات، وتوفير عقاقير الأدوية الهامة وتخزين الكربون والماء، والحد من تآكل التربة من خلال تثبيتها ودمج حبيباتها. وتتأثر هذه الوظائف من قبل مختلف الأنواع الشجرية التي تقطن الغابات، لذلك فمن الضروري معرفة لماذا بعض أنواع الأشجار يمكنها البقاء على قيد الحياة في بعض المناطق دون غيرها. والغابات في بنما أيضا مهمة إقتصادياً لأن جذور الأشجار تحد من تآكل التربة في قناة بنما، وضمان مرور سفن الحاويات الضخمة دون مخاطر تذكر. ويعتقد الباحثون أيضا أن الغابات تساعد على الحفاظ على مستويات المياه في القناة بسبب أن تربة الغابات تخزن المياه، وتحررها ببطء خلال موسم الجفاف لتغذية مياه القناة.
تتميز الغابات الاستوائية بثراء تنوعها الحيوى، على سبيل المثال منطقة تبلغ مساحتها 930 ميل مربع تطل على قناة بنما بها أكثر من 800 نوع من الأشجار. وعلى سبيل المقارنة، حوالي نصف مساحة ولاية رود ايلاند (حوالى 610 ميل مربع) عبارة عن غابات، و لايوجد بها سوى 51 نوع من الأشجار. أحد أسباب التنوع الحيوى العالى فى غابات بنما هو أن نهاية المحيط الهادئ من القناة يستقبل أقل معدل سنوي لهطول الأمطار (حوالي 5.9 قدم) بينما نهاية القناة عند منطقة البحر الكاريبي، تستقبل 9.8 قدم من الامطار سنوياً. يقول أستاذ البيولوجيا توم كورسار من جامعة يوتا "في حين أن هناك أدلة كثيرة على أن قلة الأمطار في غابات المحيط الهادئ الأكثر جفافاً، تعني أن أنواع الأشجار الحساسة للجفاف لا يمكنها البقاء على قيد الحياة هناك، فإنه لم يكن واضحاً ما الذي يمنع الأنواع المقاومة للجفاف من المعيشة في الغابات الرطبة. تناولت دراستنا هذا السؤال دون إجابة".
النتائج التي توصل إليها الباحثون تشير إلى أن "جميع الأشجار فى خطر كبير نتيجة التعرض للإصابة والموت بواسطة الكائنات الممرضة في الغابات المطيرة أكثر من مثيلاتها فى الغابات الأكثر جفافاَ. قد يكون هذا بسبب أن البيئة الرطبة فى الغابات المطيرة تساعد مسببات الأمراض للبقاء على قيد الحياة، والمزيد من الأمطار تساعد على انتقال الجراثيم من شجرة إلى آخرى. أجريت الدراسة في غابتين في وسط بنما: أحداهما في الحديقة الطبيعية الضخمة في مدينة بنما على الجانب الجاف من المحيط الهادئ، والأخرى في ملكية خاصة تقع في منطقة "سانتا ريتا ريدج" على الجانب الرطب من المحيط الهادئ. زرعت كلتا الغابتين ببذور الأشجار (بما في ذلك الأنواع التقليدية من الغابات الرطبة والجافة) في 30 موقع بكل غابة.تم زراعة أكثر من 1000 بذرة، ونبت منها 725 فقط. بمجرد زراعة البذور، تم تغطيتها بشبك سلكى لحماية البذور والشتلات من طمسها بواسطة فروع الأشجار أو الحيوانات.
من بين 725 شتلة أشجار التي نبتت، عانى 38 % من الضرر الناجم عن مسببات الأمراض، وهذه النسبة تشمل 11 % من الشتلات الميتة نتيجة الإصابة الشديدة. مقارنة مع شتلات الغابة الجافة، كانت شتلات الغابة المطيرة أكثر عرضة للمعاناة من الضرر الناجم عن مسببات الأمراض بنسبة 74 % وأكثر عرضة للموت من قبل مسببات الأمراض بنسبة 65 %. لكن ما كان لافتاً للنظر بالفعل هو أن الضرر الناجم عن مسببات الأمراض كان مدمراً لشتلات أنواع الغابات الجافة أكثر الغابات من شتلات أنواع الغابات الرطبة بحوالى خمس أضعاف، مما يشير إلى اختلاف أنواع الغابات الرطبة والجافة في قدرتها على مقاومة أو إبطاء العدوى.
يخطط الباحثون حالياً للتعرف على الفطريات والبكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى، وما إذا كانت تختلف في الغابات الرطبة عنها فى الغابات الجافة.
المصدر: إضغط هنا