زهرة الأسبدسترا تخدع الحشرات
تم العثور على الزهور الغامضة لنبات الأسبدسترا Aspidistra elatior في جزيرة كوروشيما اليابانية الجنوبية. حتى وقت قريب، كان العلماء يعتقدون أن نبات الأسبدسترا له وسيلة تلقيح أكثر غرابة بين جميع النباتات المزهرة، حيث يتم تلقيحه من قبل الرخويات ومزدوجات الأرجل amphipods. ومع ذلك، كشفت الملاحظة المباشرة للنظام البيئي الخاص بهذا النبات أنه يتم تلقيحه أساساً من قبل حشرة الفطر fungus gnats ، وربما بسبب تشابهها مع فطر عيش الغراب.
زهرة الأسبيديسترا Aspidistra elatior تزهر وهى شبه مدفونة بالتربة
وقد تم هذا الاكتشاف بواسطة الأستاذ المشارك سيتسوجو كينجي من (كلية الدراسات العليا في جامعة كوبي للعلوم) وكبير الباحثين سويوشي ماساهيرو من (مجموعة علم الغابات، مركز أبحاث كيوشو) ونشرت النتائج في نوفمبر 2017 في دورية البيئة.
الأسبدسترا هو نبات مشهور يزرع بالمنازل، والمعروف باسم "نبات الحديد الزهر" لقدرته على الصمود ضد ظروف الإهمال. ويمكن العثور عليه بجميع أنحاء العالم، ولكنه ينتمي إلى الجزر اليابانية الجنوبية. أزهاره الأرجوانية، السمينة تتفتح مباشرة فوق سطح التربة، وتختبئ إلى حد ما في التربة وغالبا ما تخفيها مخلفات الأوراق المتحللة. وقد تمت مقارنة مظهرها مع فطر عيش الغراب (أحد الأطعمة المفضلة لحشرة الفطر fungus gnats التي تزور هذه الزهور). زهور الأسبدسترا ذات الشكل الغريب هي على الارجح وسيلة استراتيجية ذكية من النبات لمحاكاة فطر عيش الغراب من أجل خداع الحشرة لتلقيح أزهاره.
تعتبر الحشرات الطائرة مثل نحل العسل والنحل الطنان هي الملقحات الأساسية لكثير من النباتات، ومع ذلك، تستخدم بعض النباتات حيوانات أخرى للتلقيح. على سبيل المثال، بعض أنواع الموز تستخدم الخفافيش، وهناك نوع من الأشجار يسمى بانكشيا Banksia يستخدم حيوان الأوبوسوم. أجريت دراسات عن تلقيح الرخويات لزهور الأسبدسترا منذ أكثر من 100 سنة مضت، عندما لوحظ أن الرخويات تزور النباتات في أوروبا. هذه النظرية لا تزال مقبولة على نطاق واسع وظهرت في العديد من الكتب ومع ذلك، فإن الملاحظة يشوبها عيب وهو أنها لم تتم في الموئل الطبيعي للنبات. وعلاوة على ذلك، فإن زيارة الحيوان للنبات لا تعني أنه يعمل كملقح. على العكس من ذلك، فالرخويات معروفة بشراهتها فى أكل الأوراق والزهور، وأنها قد تضر النباتات.
في عام 2009 كانت هناك دراسات رصدت زيارة حشرة fungus gnats لزهور الأسبدسترا. ولكن هذه الملاحظة أجريت أيضا خارج الموطن الأصلي للنبات، وكانت دراسة وحيدة فقط لا تكفي لإثبات قطعى على أن التلقيح تم بواسطة حشرة الفطر.
هذه المرة اتخذ فريق البحث نهجاً مختلفاً حيث تابعوا لمدة عامين الحيوانات التي زارت هذه الزهور في موطنها الأصلي، بشكل مستمر، ليلاً ونهاراً. واكتشفوا أنه لا توجد رخويات قد زارت الزهور، كما توجد صعوبة لزيارة البراغيث الشاطئية لها، وكان الكائن المرشح والذي ظهر كملقح فعال هو حشرة الفطر التي بمجرد زيارتها للنباتات سرعان ما تغوص في وسط الزهور، ويلتصق بأجسامها كمية كبيرة من حبوب اللقاح، ثم تحلق بعيداً. وشاهد الفريق أيضا حشرة الفطر التي تصل إلى زهور الأسبدسترا حاملة حبوب اللقاح من زهور أخرى، ولاحظوا أن الزهور التي زارتها أنتجت ثماراً. وقد أثبتت هذه الملاحظة أن حشرة الفطر هي الملقحات الحقيقية لزهور الأسبدسترا.
يقول الأستاذ سيتسوجو: "نحن نعتقد أن المظهر المماثل لزهور الأسبدسترا وفطر عيش الغراب قد يساعد على جذب حشرة الفطر، بالإضافة إلى أن زهور الأسبدسترا تنبعث منها رائحة قوية، لذلك يمكن أن تنخدع حشرة الفطر بتلك المحاكاة البصرية والكيميائية".
وقد تحولت هذه النتائج لنظرية مقبولة على نطاق واسع، وأوضحت أنه مثل معظم النباتات، فإن تلقيح زهور الأسبدسترا يحدث أساساً بالحشرات الطائرة. وبعبارة أخرى، هذا النبات، على الرغم من غموضه، قد لا يكون غريباً جداً بعد هذا التوضيح.
المصدر: إضغط هنا