top of page

هل مايحدث الآن هو "تعويض للكربون"؟


في هذا المقال، سوف نقوم بتحليل تعويضات الكربون، وهي وسيلة تساعد على خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تساهم في تغير المناخ.


فى البداية ما هو "تعويض الكربون"؟ الإجابة ببساطة، أن تعويض الكربون يعنى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة فى مكان ما للتعويض عن الانبعاثات الزائدة التي تتم في مكان آخر من كوكب الأرض. إن شراء تعويض الكربون يتيح للأفراد والشركات من تقليل الآثار الضارة للكربون.


أيضاً يلزم معرفة ما المقصود بالضبط بمصطلح "بصمة الكربون" ؟


الإجراءات اليومية الخاصة مثل التدفئة والتبريد فى المنزل وإرسال الرسائل النصية ومرفقات البريد الإلكتروني تستهلك الطاقة وتنتج غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون. كما ينبعث الكربون أيضاً من الطاقة والمواد المستخدمة في تصنيع المنتجات التي تشتريها. بالإضافة إلى قيادة السيارة، والتحليق بالطائرات، وحتى استخدام وسائل النقل العام. كل تلك الأنشطة تدخل فى حساب بصمة الكربون والتى تقدر بمجموع انبعاثات غازات الدفيئة السنوية الخاصة بالشخص.


يوجد العديد من المنصات على الانترنت تجعل من السهل عن طريق عدد قليل من النقرات على الأزرار. لنفترض أنك تريد تحديد انبعاثاتك السنوية من غازات الدفيئة (التي تبلغ 17.62 طن متري لكل شخص في الولايات المتحدة). يمكنك موازنة تأثيرك من خلال تعويض المبلغ المعادل أو حتى أكثر من ذلك، لتصبح "خاملة" من خلال خدمة عبر الإنترنت.


وأضافت ناتاشا كالدروود، مديرة مشاريع صندوق الكربون من أجل التنمية التابع للبنك الدولي " CI’s Carbon Fund": "من أجل ضمان أن تكون التعويضات قوية وذات مصداقية ودقيقة، يجب أن تثبت المشاريع أن تخفيضات الانبعاثات تفي بمجموعة محددة من المعايير قابلة للقياس والتحقق". وتضيف: "تتم مراقبة المشاريع بصفة مستمرة مع التحقق المستقل للنتائج. وبمجرد شراء تعويضات الكربون، يتم عزلها بعد ذلك في سجل عام، مما يضمن عدم إمكانية استخدامها أو بيعها مرة أخرى. فعلى سبيل المثال، تتوافق مشاريع المؤسسة مع معايير سوق الكربون الطوعية الأكثر اعترافا وصرامة مثل معيار الكربون المعتمد للتحقق من تخفيضات الانبعاثات، ومعايير المناخ والمجتمع والتنوع البيولوجي لضمان تحقيق فوائد اجتماعية وبيئية قوية" .


عند تبادر جهة ما بتعويض انبعاثاتها من خلال إحدى المنصات مثل مبادرة البنك الدولي الخاصة بالكربون من أجل التنمية CI’s projects ، فإنها سوف تساهم في حماية الغابات في مدغشقر وبيرو وكينيا التي تخزن ثاني أكسيد الكربون الممتص من الغلاف الجوي وهو جزء حاسم من الحل لتغير المناخ.


إن حماية الغابات تعني حماية الموائل وكذلك إستفادة البشر أيضا. على سبيل المثال، في تلال تشيولو في كينيا، فإن الإيرادات المتحققة من خلال شراء تعويضات الكربون تدعم توظيف الغابات أو (حراس اللعبة game ranger) وحماية مصدر المياه الحرج لآلاف الناس، وتوفير مرعى للثروة الحيوانية والحياة البرية؛ كما توفر الغابات خدمات اجتماعية محسنة مثل الصحة والتعليم.


الأفراد الذين يختارون تعويض انبعاثات الكربون الخاصة بهم يعملون في ما يسمى بـ "سوق الكربون الطوعي voluntary carbon marketplace" وهذا يعني أنهم يقررون بأنفسهم تحمل المسؤولية عن الانبعاثات الخاصة بهم بالرغم من عدم وجود قانون ينظم القيام بذلك. بعض الشركات تعمل في هذا السوق الطوعي أيضاً، من أجل المسؤولية الاجتماعية للشركات أو لأسباب تحسين السمعة. على سبيل المثال، تسمح "الخطوط الجوية المتحدة" للركاب بتعويض البصمة الكربونية المرتبطة بسفرهم الجوي ودعم مشروع الكربون "ألتو مايو" لحماية الغابات في شمال غرب بيرو.


ومع ذلك، هل تلتزم الشركات والحكومات بشراء تعويضات الكربون من أجل الامتثال للقواعد المفروضة على انبعاثات غازات الدفيئة؟ ففي الاتحاد الأوروبي مثلا، يطلب من الشركات التي تنبعث منها غازات الدفيئة خفض انبعاثاتها أو شراء أسهم الإزاحة من السوق.


تقول كالدروود: "تغير المناخ قضية عالمية معقدة، وغالبا ما يبدو أن هناك مجالاً ضئيلاً للعمل الفردي". "من الواضح أن المقاصة وحدها ليست الوسيلة النهائية لمعالجة تغير المناخ. انها جزء واحد من حل المشكلة، ولكنه جزء يمكن للأفراد والشركات أن يضعونه في مكانه الصحيح ليكون جزءاً من الحل ". في حين أنه من الأهمية بمكان للأفراد والشركات أن يفعلوا ما في وسعهم للحد من انبعاثاتهم، فإنه من الصعب بالنسبة للكثير منهم تقليل هذه الانبعاثات إلى الصفر. ويتيح إجراء المقاصة اتخاذ إجراءات مناخية في أجزاء من العالم قد لا يتوفر لها الوسائل اللازمة للقيام بذلك. وقالت كالديروود: "يجب أن ننتقل إلى مسار إنمائي منخفض الكربون بأسرع ما يمكن، وأن يتواجد دور للأفراد والحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية لكى تؤديه في المساعدة على تحقيق ذلك". واضاف "لكن تعويض الانبعاثات الذي لا يمكن تجنبه هو ايضاً خطوة حاسمة".


ووفقاً لتقرير اتجاهات الغابات لعام 2016، تم شراء 1.1 مليار طن متري من مخلفات الكربون في السوق الطوعية منذ عام 2005. وفي عام 2016 وحده، دفع المشترون الطوعيون 191.3 مليون دولار أمريكي لتعويض 63.4 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد. ومع ذلك، انخفض هذا الرقم بنسبة 24 % عن عام 2015، ولم يتبق سوى كمية مماثلة تقريباً من التعويضات غير مباعة؛ في الوقت نفسه، كانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية في عام 2016 حوالي 32 مليار طن متري، لذلك لا يزال هناك طريق طويل لكى نقطعه فى هذا المضمار.


وتشير بعض التطورات إلى ارتفاع محتمل في عمليات شراء التعويضات. فعلى سبيل المثال، شرعت منظمة الطيران المدني الدولي في وضع مخططها الخاص للتعويضات لتوجيه شركات الطيران لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات وزيادة كفاءة استهلاك الوقود. وبالإضافة إلى ذلك، ومع سعي الشركات إلى الوفاء بالتزاماتها للحد من إزالة الغابات في سلسلة التوريد الخاصة بها، فإنها قد تتحول إلى شراء التعويضات عندما تتخذ تدابير أخرى لتقليل آثار الكربون. تزايد الوعي العام حول الحد من الانبعاثات الفردية لغازات الدفيئة، والمقاصة الطوعية قد تلعب دوراً أكبر في جهود السياسة الدولية بالمستقبل القريب للمساعدة في الحد من الاحترار العالمي.


وقالت كالديروود: "إن المقاصة هي فرصة للبلدان والشركات والأفراد للالتقاء وتوسيع نطاق جهود التخفيف من آثار تغير المناخ". وقالت "ان دعم المشروعات التى تحقق منافع اجتماعية وبيئية الى جانب خفض انبعاثات الكربون يمكن ان يكون له اثر ايجابى فورى على الارض، والاهم من ذلك هو مساعدة جهات الانبعاثات الزائدة على سد هذه الفجوة بين التخفيضات الداخلية والوفاء بالتزاماتها الدولية".

bottom of page