دور الأشجار في التنمية الزراعية المستقبلية
إنشاء مزارع للأشجار سوف يصبح أساسياً في التنمية المستقبلية. لأن عدد الأشجار يتناقص في الغابات كل عام، وفى المقابل يتزايد عدد مزارع الأشجار. بمناسبة إطلاق السنة الدولية للغابات من خلال منتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات (UNFF9) في 29 يناير 2011 في نيويورك ، أبرز دينيس جاريتي، المدير العام للمركز العالمي للحراجة الزراعية، على أهمية زراعة الأشجار مع المحاصيل الزراعية، وهى الممارسة المعروفة بالمندمجات الشجرية agroforestry أو الزراعة المختلطة بالغابات.
وقال جاريتي :- " أكثر من مليار هكتار من الأراضي الزراعية، (أى ما يقرب من نصف الأراضي الزراعية في العالم) تحتلها الأشجار بنسبة تصل لأكثر من 10 % من مساحتها، كما أن 160 مليون هكتار بها أكثر من 50 % من الغطاء الشجري."
يمكن مزارع للأشجار لتزويد المزارعين بالغذاء والدخل والأعلاف والأدوية، وكذلك إثراء التربة والحفاظ على المياه. بسبب القطع الجائر للغطاء النباتي الطبيعي والغابات واستبدالها بالمحاصيل الزراعية المربحة، يمكن استدامة الفوائد التي توفرها الأشجار عن طريق إدماجها في الطبيعية المنتجة زراعياً بنظام الحراجة الزراعية والتى تعتبر جسر هام بين الغابات والزراعة.
على مدى العقدين المقبلين، من المتوقع أن يزداد تعداد سكان العالم لأكثر من 100 مليون شخص سنوياً. وأكثر من 95 % من هذه الزيادة تحدث في البلدان النامية، حيث الضغط على الأراضي والمياه حاد بالفعل. ويتمثل التحدي الرئيسي الذي يواجه المجتمع الدولي، لذلك، ضمان الأمن الغذائي للأجيال الحاضرة والمستقبلية، مع حماية الموارد الطبيعية التي نعتمد عليها جميعاً. لذلك، مزارع الأشجار سوف تكون عنصراً هاماً في مواجهة تلك التحديات. في بعض المناطق، مثل جنوب شرق آسيا وأمريكا الوسطى، يتجاوز الغطاء الشجري على الأراضي الزراعية الآن حوالى 30٪ من المساحة.
التحول من الزراعة التقليدية agriculture إلى الزراعة المختلطة بالغابات (الحراجة الزراعية) agroforestry تتم على قدم وساق في جميع أنحاء العالم. وهناك عوامل تتحكم فى هذا التحول، بما في ذلك تغير المناخ، الذى سيسارع من هذا التحول في السنوات المقبلة، لأن النظم الزراعية التى تتضمن الأشجارتتميز بزيادة الإنتاجية والدخل في مواجهة موجات الجفاف المتكررة، وتوفر نظم الزراعة المختلطة بالغابات فرص لموازنة الكربون أكبر بكثير من أي ممارسة أخرى لتخفيف آثار تغير المناخ في الزراعة.
من الواضح الآن في العديد من البلدان، أن مستقبل الغابات سوف يصبح فى المزارع. في بلدان مثل الهند وكينيا، وغيرها الكثير، يتم الحصول على معظم الأخشاب من مزارع للأشجار الخشبية.
الحراجة الزراعية التى تمارس من قبل المزارعين منذ آلاف السنين، تركز على مجموعة واسعة من الأشجار التي تزرع في المزارع وفي المناطق الريفية. ومن بين هذه الأشجار المثبتة للنيتروجين التى تجدد الأرض، وتحسن من حيوية التربة وأشجار الأمن الغذائي؛ مثل أشجار الفاكهة التى تزرع للحصول على الثمار والبذور الصالحة للتغذية؛ والأشجار العلفية التي تعمل على تحسين الإنتاج الحيواني في الحيازات الصغيرة وتوفير مصدر للعلف. وأشجارالأخشاب والحطب لتوفير الحماية ومصدر للوقود. أيضاً الأشجار الطبية لمكافحة الأمراض. والأشجار التي تنتج الصموغ والراتنجات والمطاط.
إعادة إكتشاف الزراعة
الزراعة مستديمة الخضرة هى شكل من أشكال الحراجة الزراعية تتم بدمج الأشجار مع المحاصيل السنوية، وهى الطريق إلى إعادة اكتشاف الزراعة. "فهى رؤية مستقبلية لزراعة الكثيرا من المحاصيل الغذائية تحت مظلة الأشجار.
الجمع بين الأشجار المثبتة للعناصر الغذائية مع تقنيات الحفاظ الزراعية يضاعف عائدات محاصيل الحبوب بحوالى 2-3 أضعاف في أجزاء كثيرة من القارة الأفريقية. الأشجار المثبتة للنيتروجين مثل Faidherbia - Acacia albida ، تزيد محصول الذرة غير المخصب في ملاوي وزامبيا وتنزانيا وإثيوبيا وفي العديد من البلدان الأخرى. ويجري الآن زراعة هذه الأنواع على ملايين الهكتارات من أراضي المحاصيل في جميع أنحاء النيجر، بكثافة تصل إلى 200 شجرة في الهكتار الواحد، وتحقق ثلاثة أضعاف العائد في زراعة المحاصيل تحتها. إنتاج المحاصيل الغذائية مثل الذرة والذرة الرفيعة والدخن تحت هذه الغابات الزراعية يزيد بشكل كبير من تحمل المحاصيل للجفاف في سنوات القحط، بسبب تهيئة هذه الحراجة الغاباتية لأنظمة إيجابية لرطوبة التربة، ومناخ أفضل.
مكافحة المجاعات وزيادة الإنتاجية
زراعة الأشجار التي توفر الأسمدة الطبيعية في المزارع ذات التربة الفقيرة تساعد المزارعين على استعادة خصوبتها وزيادة المحصول. تثبت شجيرات Gliricidia النيتروجين الجوي في جذورها وتعمل كمصدر للأسمدة الطبيعية الخضراء، فتضاعف محصول الذرة في مزارع ملاوي بحوالى ثلاثة أضعاف ويتم تغذية الحيوانات بنواتج التفليم. تقلل الشجيرات أيضا من خطر تدهور المحاصيل خلال فترات الجفاف وتمنع تشبع التربة بالمياه عند غزارة الأمطار. في زامبيا تزيد شجرة Faidherbia المثبتة للنيتروجين محصول الذرة الذى لم يسمد بحوالى أربع أضعاف. لذلك تزرع هذه الشجرة على مساحة أكثر من 5 ملايين هكتار من أراضي المحاصيل في النيجر.
التخفيف من الفقر
وقد سمح زراعة أشجار الفاكهة في الكاميرون من زيادة دخل صغار المزارعين بحوالى خمس أضعاف. يزرع الآلاف من المزارعين في تنزانيا أشجار ألانبلاكيا Allanblackia ويربحوا من بيع بذورها التي تحتوي على زيت يمكن تحويله إلى السمن.
الأشجار التي تزرع في المزارع المنزلية، في الأحراج وعلى أراضي المشاع تمثل مصدراً هاماً للحصول على الخشب وغيره من المنتجات. في المناطق الرطبة لدول غرب أفريقيا، بوروندي، ورواندا، وأوغندا على وجه الخصوص، و تلبي الأشجار التي تزرع في الحدائق المنزلية معظم الاحتياجات من الحطب والخشب. في كثير من نظم المحاصيل النقدية، تزرع الأشجار لتوفير الظل وفي نهاية المطاف يتحصل منها على الخشب - مثال لذلك الجريفيليا Grevillea robusta التى تزرع في مزارع الشاي في كينيا. في السودان، تنتشر زراعة الأكاسيا السنغالى Acacia senegal إلى حد كبير في نظم الزراعة المختلطة بالغابات وهى مصدر للصمغ العربي.
تراكم الكربون
الاستثمارات في الحراجة الزراعية على مدى السنوات 50 المقبلة يمكن أن يزيل 50 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون الإضافي من الغلاف الجوي. معظم أنشطة إزالة الغابات في أفريقيا وأجزاء من آسيا، ناجمة عن التوسع الزراعي، إلى حد كبير من قبل المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. أنشطة الحراجة الزراعية تحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عن طريق إبطاء عملية تحويل الغابات إلى أراض زراعية وحبس الكربون في أشجار هذه المزارع. تطوير الزراعة الغاباتية لصغار ملاك الأراضى التي لا تصنف كغابات يمكنها أن تلتقط 30-40 % من الانبعاثات ذات الصلة بتغير استخدام الأراضي. تشجيع المزارعين على زراعة الأشجار يعمل على زيادة دخلهم، ويعزل المزيد من الكربون ويفيد التنوع البيولوجي.
الحراجة الزراعية هي واحدة من أفضل الآمال البشرية لخلق الزراعة الذكية، وزيادة الأمن الغذائي، والتخفيف من الفقر في المناطق الريفية، وتحقيق التنمية المستدامة. وبالتالي، ضمان الحفاظ على غابات العالم في المستقبل.
المصدر:- إضغط هنا