البكتريا النافعة تساعد أشجار الحور على تنقية المياه الجوفية الملوثة
أجرى باحثون من جامعة واشنطن والعديد من الشركات الصغيرة أول تجربة واسعة النطاق باستخدام أشجار الحور الملقحة بنوع من البكتريا النافعة probiotic لتنقية المياه الجوفية الملوثة بثلاثي كلور الإثيلين (trichloroethylene)، وهو من الملوثات الشائعة الموجودة في المناطق الصناعية والتي تضر بالبشر عند تناولها من خلال الماء أو استنشاقها من الهواء. ونشرت نتائج هذه الداسة في 11 أغسطس 2017 بمجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا.
وقال الباحثان إن التجربة الميدانية الناجحة يمكن أن تكون أداة لتغيير المواقع بسرعة فائقة وفعالية من النفايات الخطرة التى تشكل خطراً على الصحة البشرية والبيئة.
يمكن أن يكون تنظيف المواقع الملوثة بثلاثي كلور الإثيلين وغيره من الملوثات عملية مكلفة عند استخدام الطرق الهندسية مثل الحفر أو ضخ السموم من أسفل التربة، ونتيجة لذلك، تظل العديد من المواقع دون معالجة. وتتيح هذه الطريقة الجديدة التعامل مع المواقع الملوثة بمزيد من الفعالية، وغالبا بتكاليف أقل، مما يعزز من صحة الإنسان.
عمل مختبر دوتي للعثور على أفضل سلالة من الميكروبات التي يمكن أن تهدم بشكل فعال ثلاثي كلور الإثيلين وتعزز نمو الشجرة. وكان "جون ون كانج" قد حصل على خشب الحور من موقع حيث كانت الأشجار تنمو بالفعل في التربة الملوثة بثلاثي كلور الإثيلين. بعد طحن عينات صغيرة من خشب الأشجار وعزل أكثر من مائة سلالة مختلفة من الميكروبات، وضعت كل سلالة في قارورة تحتوي على مستويات عالية من ثلاثي كلور الإثيلين. في نهاية المطاف تم القضاء تقريباً على ثلاثي كلور الإثيلين في قارورة الاختبار بواسطة الميكروب الذي تم اختياره.
يظهر هذا البحث أهمية الاستفادة من عملية الانتقاء الطبيعية، والعثور على أفضل سلالات البكتريا التى اختارها النبات بالفعل ليقاوم الظروف المحيطة به من التلوث.
وقد استخدم ثلاثي كلور الإثيلين على نطاق واسع كمذيب ومزيل للشحوم في المواقع الصناعية. وتشير وكالة حماية البيئة الأمريكية إلى أن ثلاثي كلور الإثيلين واحد من أكثر الملوثات شيوعاً في التربة أو المياه، وتم رصدها في أكثر من 1000 موقع تسردها الوكالة كأولويات للتخلص من هذا الملوث. ثلاثي كلور الإثيلين هو مادة مسرطنة معروفة، يؤثر على الكبد وغالباً ينتقل إلى الرضع من خلال حليب الأم.
وبالنظر إلى انتشار وسمية ثلاثي كلور الإثيلين ، استخدم الباحثون المادة الكيميائية لاختبار قدرة أشجار الحور الملقحة بالميكروبات لتنظيف المياه الجوفية في منطقة للأبحاث في وادي السيليكون في كاليفورنيا. وفي ناسا قام الباحثون بالتنسيق مع قسم البيئة التابع لوكالة ناسا البيئية، بزراعة صفوف من أشجار الحور الصغيرة (تم تلقيح بعضها بالبكتريا المحددة، والبعض الأخر لم يلقح) في حقل فوق منطقة تحتوى مياه جوفية ملوثة بثلاثي كلور الإثيلين.
بعد عام واحد فقط، كانت الأشجار الملقحة بالبكتريا أكبر فى الحجم وأكثر صحة من الحور الذي لم يلقح بالبكتريا. وبعد ثلاث سنوات، كانت الأشجار الملقحة لا تزال أكثر قوة، وكشفت عينة من جذوع الأشجار انخفاض كبير في مستويات ثلاثي كلور الإثيلين داخل أنسجة الأشجار.
عندما تمتص الأشجار الملوثات الكيميائية وتحللها، تسمى هذه العملية بالمعالجة الحيوية phytoremediation، فإنه غالبا ما يأتي على حساب حيويتها. وهذا يتجلى في سرعة النمو، واصفرار الأوراق، وأحياناً الموت لأن الملوث يعيق قدرة الشجرة على البقاء. ولكن عندما يتم إدخال البكتريا المحددة خصيصاً للتعامل مع هذا الملوث، تمكنت الأشجار من تحليل ثلاثي كلور الإثيلين، ونمت بشكل أكثر قوة وزادت معدلات البقاء على قيد الحياة،وهى فوائد واضحة من البكتريا المفيدة.
بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أن عينات المياه الجوفية التي اخذت مباشرة من موقع الاختبار أظهرت مستويات أقل بكثير من الملوث، مقارنة مع مستويات أعلى بعيداً عن منطقة الاختبار. ووجد الباحثون أيضا أدلة على زيادة الكلوريد في التربة حول جذور الحور وهو عنصر طبيعي غير ضار ومنتج ثانوي من ثلاثي كلور الإثيلين بعد تحلله بواسطة البكتيريا داخل الأشجار.
وقد أعرب عدد من المنظمات عن اهتمامها باستخدام هذه التكنولوجيا، وفقاً لما ذكره الباحث المشارك جون فريمان،. ويبدأ ملاك الأراضي الذين يعوقهم ارتفاع التكاليف المرتبطة بأساليب التنقية التقليدية في استخدام هذه التكنولوجيا. وقال فريمان: "من شأن ذلك أن يكون له تأثير كبير على الكثير من المواقع القديمة التي تلوثت فيها المياه الجوفية، بما في ذلك ثلاثي كلور الإثيلين ، وحيث لا يتوفر التمويل حاليا". هذه التكنولوجيا هى بالتأكيد توفر الكثير من التكاليف، ومربحة للجميع لأنها صديقة للبيئة، ومستدامة على المدى الطويل، وتعمل بطاقة الأشجار نفسها.