top of page

لا يمكن استبدال الغابة الطبيعية بالغابات المنزرعة


لماذا لا يزال الكثير من الناس، بمن فيهم بعض علماء البيئة، يعتقدون أن مزارع الأشجار التى تزرع على نطاق واسع والتي يتم رشها بكميات كبيرة من المواد الكيميائية مرغوبة أو حتى مستدامة؟


والواقع أن مزارع الأخشاب لها تأثير سلبي على المجتمعات والاقتصادات المحلية والتنوع البيولوجي. وهذه المزارع ليست حلاً لتغير المناخ أو لفقدان التنوع البيولوجي. فهي ببساطة مصدر قلق كبير وتسبب مشاكل في بلدان عديدة.


وعلى الرغم من ذلك، تتوقع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة زيادة كبيرة في مزارع الأشجار الأحادية: حيث سيتم زراعة ما بين 40 - 90 مليون هكتار بحلول عام 2030. ولا يشمل هذا العدد المناطق التى يحدث بها توسع في مزارع نخيل الزيت.


ومما يؤسف له أن التعريف الحالي للغابات الذي تستخدمه الأمم المتحدة يمثل مشكلة. وهي تشمل هذه المزارع، وتسمىها "الغابات المزروعة"، وبالتالي تعزز توسعها. ولكن وصف زراعات الأشجار بأنها "غابات" هو مثل وصف حمام سباحة كبير بأنه "بحيرة". وبالتالى مزارع الأشجار ليست غابات.

الغابة نظام معقد وغني بالتنوع البيولوجي، ولها القابلية على التجدد الذاتي، وتتألف من التربة والمياه والمناخ المحلي، ومجموعة واسعة من النباتات والحيوانات في تعايش متبادل. وتستضيف الغابات أكثر من 70 % من التنوع البيولوجي الأرضي. ويعتمد نحو 1.6 مليار نسمة على الغابات، بما فيهم 60 مليون نسمة من السكان الأصليين الذين يعتمدون اعتماداً كاملاً على سبل معيشتهم وطعامهم وأدويتهم وخامات البناء. كما أن لهم حقوق نحتاج إلى احترامها وتقويتها وتعزيزها.


لا يوجد التنوع البيولوجي في المزارع الأحادية كما تتطلب تدخلاً بشرياً مستمراً بما في ذلك التسميد، والتخلص من الأعشاب الضارة ومقاومة الآفات الحشرية والبكتيرية والفطرية برش مبيدات الأعشاب ومبيدات الآفات. وعلاوة على ذلك، فإن المزارع لا تقدم شيئا للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية بل تفقد ماتملكه من الأراضي والموارد عندما تبدأ هذه المزارع. وقد أصبحت مزارع الأشجار شكلاً جديداً من أشكال الاستيلاء على الأراضي. فالعديد من الشركات متعددة الجنسيات تبدأ المزارع في بلدان أجنبية التى غالباً ماتكون نامية، ثم تتوسع عملياتها تدريجياً لتشمل مساحات شاسعة من الأراضي. وتقوم بتسجلها وتستولى على مواردها الحرجية ومواردها المزروعة بالأشجار ومراقبتها وإدارتها، مما يحرم المجتمعات المحلية من سبل عيشها. وعادة ما تؤثر سلباً على التنوع الثقافي والبيولوجي للمنطقة. وغالبا ما تعاني المجتمعات التي لا تنضم إلى مشاريع المزارع من الترهيب. كما حدث في قضايا الاستيلاء على الأراضي فى كولومبيا وإندونيسيا.


غالبا ما تحل الغابات المزروعة على نطاق واسع محل الغابات، وبالتالي فهي السبب المباشر لإزالة الغابات. وهناك عدد قليل نسبياً من الحالات التي أنشئت فيها مزارع الأشجار على نطاق واسع في الأراضي المتدهورة. وتظهر القرائن ودراسات الحالة أن المزارع لها آثار خطيرة جدا على السكان المحليين والبيئة. وهي تفشل في الوفاء بوعود خلق فرص العمل، والتنمية المستدامة، والتخفيف من آثار تغير المناخ، وحماية التنوع البيولوجي.

ومن الواضح أن شركات تصنيع مبيدات الآفات "الستة الكبار" في العالم وهى (باسيف – باير – داو – دوبون – مونسانتو – سينجنتا) تكون سعيدة إذا ما اعتقدنا أن مزارع الأشجار الكبيرة، التي يتم رشها بكميات كبيرة بمبيداتها، هي "غابات مستدامة" حتى تستمر مبيعاتها الضخمة وأرباحها فى تزايد. ومن الصادم أن أكثر من 98 % من المبيدات الحشرية و 95 % من مبيدات الأعشاب لا ترش على العوائل المستهدفة، بل تصل إلى الأنواع غير المستهدفة والهواء والماء والتربة والغذاء.


الشركات الست الكبرى هي من بين العديد من الشركات العابرة للقارات التي تؤثر بشكل متزايد على صنع القرار الوطني والدولي. وبموجب هذه الحقيقة، فإن العديد من الحكومات ووكالات الأمم المتحدة، التي تتأثر بشكل غير ملائم بمصالح الشركات، تشجع الحلول الكاذبة والمضللة التي تفيد الشركات على حساب الناس والكوكب. وهو مايدعى بالتأثير غير المبرر لاستيلاء الشركات على المؤسسات ذاتها المكلفة بتعزيز حقوق الشعوب، بما في ذلك الحق في بيئة نظيفة وآمنة.


بالتأكيد لا نريد مجموعة الستة الكبار أن ننفذ الحلول الحقيقية التي نحتاج إليها على وجه السرعة لمعالجة أزمة المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث أن هذه الحلول لا تشمل المزارع الواسعة النطاق ولا المواد الكيميائية الخطرة التي تستخدمها على نطاق واسع في تلك المزارع والمواد الكيميائية المرتبطة بها تحتاج المجتمعات ببساطة إلى إدارة الغابات المتبقية بشكل صحيح، وتطبيق علم البيئة الزراعية (أي تطبيق المبادئ الإيكولوجية على إنتاج الأغذية والوقود والألياف والمستحضرات الصيدلانية وإدارة النظم الإيكولوجية الزراعية).


نحن نعلم أن المطلوب هو إدارة المجتمع بشكل مستدام، والحق في الغذاء الصحي، المنتج بيئياً، والحد من الاستهلاك والطلب على اللب والورق على وجه الخصوص. وهذا ما يطالب به المتخصصون في 21 سبتمبر، وهو اليوم الدولي لمكافحة مزارع الأشجار الأحادية. وستواجه مجموعات أصدقاء الأرض تحدياً ضد توسع مزارع أشجار النخيل المخصصة لإنتاج الوقود الزراعي، ومكافحة مزارع الأشجار الأحادية المزروعة لإنتاج أخشاب التصدير، وفضح الاستهلاك المفرط.


المصدر:- إضغط هنا

1 view0 comments
bottom of page