ارتفاع ثاني أكسيد الكربون يجعل النباتات في العالم أكثر حكمة للمياه
تظهر الأبحاث اليوم أن النباتات البرية تستوعب 17٪ من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي الآن أكثر من 30 عاماً مضت. وبالمثل، فإن إحدى الدراسات تبين أيضا أن الغطاء النباتي لا يكاد يستخدم أي مياه إضافية للقيام بذلك، مما يشير إلى أن التغير العالمي يتسبب في نمو النباتات في العالم بطريقة أكثر كفاءة في استخدام المياه.
المياه هي أغلى الموارد اللازمة لنمو النباتات، وتشير الأبحاث إلى أن الغطاء النباتي أصبح أفضل بكثير في استخدام المياه مع استمرار زيادة مستويات ثانى أكسيد الكربون في الغلاف الجوى (مرجع). إن نسبة امتصاص الكربون إلى فقدان المياه بواسطة النظم الإيكولوجية هي ما نسميه "كفاءة استخدام المياه"، وهي واحدة من أهم المتغيرات عند دراسة هذه النظم الإيكولوجية.
إن التأكيد على الاتجاه العالمي لزيادة كفاءة استخدام المياه هو من الأخبار السارة النادرة عندما يتعلق الأمر بعواقب التغير البيئي العالمي. وسيعزز الدور الحيوي للنباتات كبالوعات للكربون، وتحسينها لإنتاج الغذاء، كما يمكن أن يعزز توافر المياه لرفاه المجتمع وعالم الطبيعية. ومع ذلك فإن استخدام المياه بشكل أكثر كفاءة من قبل النباتات في العالم لن تحل مشاكلنا الحالية أو المستقبلية المتعلقة بندرة المياه.
التغيرات العالمية في امتصاص الأرض من ثاني أكسيد الكربون، وكفاءة استخدام المياه، والبخر- نتح في النظام الإيكولوجي خلال الفترة 1982-2011.
يمكن للنباتات التي تنمو اليوم في ظروف أعلى من ثاني أكسيد الكربون أن تمتص المزيد من الكربون أو ما يسمى "تأثير التسميد بثانى أكسيد الكربون" وهذا هو السبب الرئيسي في أن الغلاف الحيوي الأرضي قد استهلك أكثر من 17٪ من الكربون خلال السنوات الثلاثين الماضية. ويتسق امتصاص الكربون المعزز مع الاتجاه العالمي للتخضير greening الذي ترصده الإقمار الصناعية، وتزايد بالوعات الكربون الأرضية التي تزيل نحو ثلث انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية.
للسماح بامتصاص ثانى أكسيد الكربون، فإن النباتات تفتح مايسمى بالثغور وهى مسام موجودة على سطح الأوراق الخضرية، والتي بدورها تسمح للماء بالخروج من خلالها فيما يسمى بعملية النتح. وبالتالي تحتاج النباتات إلى تحقيق توازن بين امتصاص الكربون لبناء أنسجة جديدة، مثل الأوراق والسيقان والجذور، مع تقليل فقدان المياه من خلال هذه العملية. وقد أدى ذلك إلى تكيفات متطورة سمحت للعديد من الأنواع النباتية بأن تغزو وتستوطن مجموعة من البيئات القاحلة.
أحد هذه التكيفات هو إغلاق الثغور قليلاً للسماح لثانى أكسيد الكربون با لدخول مع خروج كميات أقل من المياه من خلال هذه الثغور. وفي ظل زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فإن النتيجة الإجمالية هي زيادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون مع عدم زيادة استهلاك المياه. هذا هو بالضبط ما وجدته الدراسة الجديدة على نطاق عالمي. في الواقع، ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى جعل النباتات في العالم أكثر رشداً مع مخزون المياه، في كل مكان تقريبا، سواء في المواقع الجافة أو الرطبة منها.
ووجد أن الغابات الشمالية والغابات المدارية في جميع أنحاء العالم جيدة بشكل خاص في زيادة كفاءة استخدام النظام البيئي للمياه واستيعاب غاز ثاني أكسيد الكربون. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تأثير التسميد بثانى أكسيد الكربون والزيادة في المساحة الإجمالية من سطح الأوراق. والأهم من ذلك أن هذين النوعين من الغابات حاسمان في الحد من ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. تزيل الغابات المدارية السليمة المزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أكثر من أي نوع آخر من الغابات (مرجع)، وتخزن الغابات الشمالية في أقصى كوكب الأرض كميات هائلة من الكربون خاصة في التربة العضوية (مرجع).
وفي الوقت نفسه، بالنسبة للنظم الإيكولوجية شبه القاحلة في العالم، زيادة وفورات المياه هي صفقة كبيرة. النظم الإيكولوجية الأسترالية، على سبيل المثال، يزيد امتصاصها من الكربون، وخاصة في السافانا الشمالية. وقد لا يكون هذا الاتجاه ممكناً بدون زيادة كفاءة استخدام المياه للنظام الإيكولوجي. وأظهرت الدراسات السابقة أيضاً كيف أن زيادة كفاءة استخدام المياه تخضر المناطق شبه القاحلة (مرجع) وربما أسهمت في زيادة احتجاز الكربون في النظم الإيكولوجية شبه القاحلة في أستراليا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية (مرجع).
الاتجاهات في كفاءة استخدام المياه خلال الفترة 1982-2011
وستكون لهذه الاتجاهات نتائج إيجابية إلى حد كبير لكل من النباتات والحيوانات وأيضاً البشر الذين يستهلكونها. إن إنتاج الأخشاب والطاقة الحيوية والنمو المحصولي سوف تكون أقل كثافة في استخدام المياه في ظل تغير المناخ مما هو عليه دون زيادة كفاءة استخدام المياه في الغطاء النباتي. ولكن على الرغم من هذه الاتجاهات، فإن ندرة المياه ستظل مع ذلك تقيد بالوعات الكربون وإنتاج الأغذية والتنمية الاجتماعية- الاقتصادية.
وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن وفورات المياه يمكن أن تؤدي أيضا إلى زيادة الجريان السطحي وبالتالي توفر المياه الزائدة. أما بالنسبة لأستراليا الجافة، فإن أكثر من نصف (64٪) من الأمطار التي تعود إلى الغلاف الجوي لا تمر من خلال الغطاء النباتي، ولكن من خلال التبخر المباشر للتربة (مرجع). وهذا يقلل من الفائدة المحتملة من زيادة كفاءة استخدام مياه الغطاء النباتي وإمكانية تدفق المزيد من المياه إلى الأنهار والخزانات. في الواقع، أظهرت دراسة حديثة أنه في حين أن المناطق شبه القاحلة في أستراليا تخضر، فإنها تستهلك أيضا المزيد من المياه، مما يؤدي إلى انخفاض تدفقات الأنهار بنسبة 24-28٪. وتؤكد الأبحاث أنه من المرجح أن تستفيد النباتات في جميع أنحاء العالم من هذه الزيادة في وفورات المياه. ومع ذلك، فإن مسألة ما إذا كان هذا سيترجم إلى مزيد من توافر المياه للحفظ أو للاستهلاك البشري هو أقل وضوحاً بكثير، وربما تختلف على نطاق واسع من منطقة إلى أخرى.