السير فى الطبيعة يحسن العقل
في الأشهر القليلة الماضية، تم إضافة العديد من الدراسات عن الفوائد النفسية والجسدية لقضاء بعض الوقت في الهواء الطلق. أحدث هذه الدراسات تبين أن قضاء فترات قصيرة فى تأمل الطبيعة له تأثير صحى ويجدد حيوية العقل وزيادة مستويات الانتباه وأيضا بالنسبة للأطفال الذين يدرسون بمدارس بها مساحات خضراء فإنهم يؤدون أفضل في الاختبارات المعرفية.
فى دراسة لعلم الأعصاب المعرفي cognitive neuroscience ، من خلال مسح المخ نشرت في دورية الاكاديمية الوطنية للعلوم. كان هناك 38 شخص يعيشون في مناطق حضرية، ولا يوجد لديهم تاريخ من الاضطراب العقلي، تم تقسيمه إلى مجموعتين - وطلب منهم المشي.نصف هذا العدد يمشى لمدة 90 دقيقة خلال مناطق طبيعية بالقرب من الحرم الجامعي فى ستانفورد، والنصف الأخر يمشى لنفس المدة خلال طرق شديدة الازدحام بوسط مدينة بالو ألتو بكاليفورنيا.
قبل وبعد المشي، أجاب المشاركون على استبيان لقياس ميلهم نحو "الاجترار rumination " ، وهو نمط سلبي في كثير من الأحيان، والتفكير الموجه إلى الداخل والتساؤل الذي تم ربطه بزيادة مخاطر الاكتئاب، والتي يتم تقييمها مع استبيان العناصر مثل "غالبا ما يتركز اهتمامي على جوانب نفسي" و "كنت أتمنى لو توقفت عن التفكير"، و "أهدرت وقتاً كبيرا في التفكير فيما مضى من لحظات محرجة أو مخيبة للآمال".
أيضاً، قبل وبعد المشي، تم عمل مسح ضوئى لمخ المشاركين. لفحص منطقة في الدماغ تسمى قشرة الفص الجبهي subgenual التي أثبتت الدراسة أنها تكون نشطة بشكل خاص خلال التأقلم maladaptive والفكر الانعكاس الذاتى self-reflective thought والانسحاب السلوكي behavioral withdrawal التي تحدث أثناء الاجترار. وكانت النتيجة أن الأفراد الذين مارسوا المشى لمدة 90 دقيقة سيراً على الأقدام خلال مناطق طبيعية أظهروا انخفاضا في الاجترار.كما أظهر المسح انخفاضاً فى نشاط قشرة الفص الجبهي subgenual (منطقة الدراسة). وهذا يوفر نتائج قوية بأن التواجد فى الطبيعة، ولو لفترة قصيرة، يمكن أن يقلل هذا النمط من التفكير الذي يرتبط مع بداية الإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب.
مسح الدماغ سمح بدراسة الآلية المحتملة للطبيعة فى المساعدة فى الحالات الذهنية.ودون هذا الدليل، كان الباحثون يتكهنون فقط بما يحدث داخل المناطق الفعلية من الدماغ. وبعبارة أخرى، يقدم هذا البحث نوعا جديداً من الأدلة التي تتوافق مع وتعضد العديد من الأبحاث حول فوائد التعرض الطبيعة. حدد الباحثون دراستهم في سياق الاتجاهات الحديثة بأن الناس الذين يعيشون في المدن أصبح عددهم أكبر من أي وقت مضى وهناك ارتباط مثبت بالفعل بين التحضر ومشكلات الصحة النفسية، مثل الاكتئاب والقلق حيث يعيش 50 % من البشرية في المناطق الحضرية ومن المتوقع أن يرتفع إلى 70 % بحلول عام 2050.
السؤال الرئيسي هو، كيف تتفاقم البيئة الحضرية أو على الأقل، تفشل في حماية السلوك العقلي مثل الاجترار؟ المعيشة بالمجتمعات الحضرية ترتبط بالعديد من الإجهادات سواء كانت الضجيج أو زيادة التفاعل الاجتماعى أو الزحام وحركة المرور والتى تؤدى إلى زيادة معدل الاجترار rumination والقلق. ومع ذلك، فإنه من المنطقي. مجرد التفكير في الاستيقاظ على صوت شاحنة لجمع القمامة في الصباح وكيف أن تراكم مثل هذه الامور يمكن أن يؤدي إلى انعكاسات سلبية على نفسيات البشر. وفي الوقت نفسه، يعتقد الباحثون أن البيئات الطبيعة تسمح بالانحرافات الإيجابية التي تعمل على منع أو مواجهة هذه العمليات الذهنية السلبية. يقول الباحثون أن الاجترار هو (التركيز الداخلى ، والمقدرة على اختيار اتجاه لفت الانتباه ) وفى هذا الشأن فإن الطبيعة تعطي فرصة بديلة لتركيز الإنتباه.
كما ربط الباحثون نتائجهم بمزايا النظام الإيكولوجي ، مثل امتصاص الكربون أو تنقية المياه، والتى تمنحها البيئات الطبيعية. وتشير الدراسة إلى أنه على رأس هذه الفوائد، قد يكون هناك أيضا ماتمنحه من خدمات نفسية.