اليوم الدولي للمانجروف
فى 26 يوليو 2016 تم لأول مرة الاحتفال باليوم الدولي لحفظ النظام الإيكولوجي للمانجروف International Day for the Conservation of the Mangrove Ecosystem ، للتعريف بالأهمية الخطيرة لأشجار المانجروف فى الأمن الغذائي، وحماية السواحل، والتخفيف من آثار تغير المناخ.
وأكد إعلان المؤتمر العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2015 على أهمية المانجروف باعتباره "نظاما بيئياً فريداً وخاصاً وضعيفاً". وتسرد الشبكة العالمية لمحميات الغلاف الحيوي التابعة لليونسكو 86 موقعاً تتضمن مناطق نمو المانجروف، في حين أن قائمة التراث العالمي تشمل سونداربانس Sundarbans ، وهى أكبر نظام لأشجار المانجروف متصل وغير متقطع في العالم، وتتقاسمه بنجلاديش والهند.
سلطت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا الضوء على خدمات النظم الإيكولوجية التي توفرها أشجار المانجروف، قائلة إنها "توفر الكتلة الحيوية والمنتجات الحرجية وتحافظ على مصائد الأسماك. وهي تسهم في حماية الخطوط الساحلية. وهي تساعد على التخفيف من آثار تغير المناخ والظواهر المناخية القاسية". وتشكل النظم الإيكولوجية للمانجروف، التي تقع في المناطق المدارية، منطقة التحول ما بين البحر والأرض.
يميل علماء البيئة إلى التفكير في الدور البيئي لأشجار المانجروف في الغالب من حيث كفائتها للحماية من العواصف ودورها فى حضانة الأسماك. كلما أدى تغير المناخ إلى زيادة وتيرة وشدة العواصف، توفر أشجار القرم الحماية القوية ضد العواصف. كما توفر جذورها موائل للأسماك والمحار، التى تمثل مصدر الدخل وسبل المعيشة المستدامة للمجتمعات الساحلية. ولكن هذا الدور مجرد بداية، فأشجار المانجروف تقوم بأكثر من ذلك بكثير. في الواقع، أشجار المانجروف هي النظام البيئي الأكثر فائدة على الأرض. وفيما يلي ستة أسباب لذلك:-
1.أشجار المانجروف تخزن المزيد من الكربون أفضل من غابات اليابسة. أشجار المانجروف تساعد الناس على تجاوز آثار تغير المناخ وتساعد أيضا في التخفيف من أسبابه. على الصعيد العالمي، حماية غابات المانجروف يمكن أن يمثل حوالى 30 % من الحل لمشكلة تغير المناخ وذلك بفضل قدرتها على استيعاب وتخزين ثاني أكسيد الكربون، لأن أشجار المانجروف لديها القدرة على امتصاص الكربون من الغلاف الجوي أكثر بكثير من غابات اليابسة؛ على سبيل المثال مساحة من أشجار المانجروف يمكن أن تمتص ما يصل إلى 10 أضعاف الكربون الذى تمتصه نفس المساحة من غابات اليابسة (مرجع).
2.أشجار القرم تمنع إبيضاض الشعاب المرجانية. يعتبر ابيضاض الشعاب المرجانية coral bleaching واحدة من أكثر الآثار الضارة لتغير المناخ. في الواقع هذا الاتجاه يحدث في جميع محيطات العالم، ويتوقع العلماء أنه من المرجح أن يزداد سوءاً مع زيادة امتصاص المحيطات من الكربون. كما أن الشعاب المرجانية هي أساس الحياة البحرية، واحتمال موتها يعتبر كارثة على المحيطات وكائناتها البحرية. يصنف الناس الشعاب المرجانية والغابات الساحلية كنظم إيكولوجية واضحة، إلا أن الطبيعة لا تعترف بهذه الحدود. في الواقع، تنمو الشعاب المرجانية الشابة بين جذور المانجروف، وغابات المانجروف الصحية يمكن أن توفر مأوى لأنواع الشعاب المرجانية المهددة بخطر الانقراض نتيجة ابيضاضها (مرجع). وعلاوة على ذلك، قد تلعب أشجار المانجروف دوراً في الحد من تحمض المحيطات acidification، وهو ما يساعد بدوره فى منع تبييض الشعاب المرجانية (مرجع).
3. أشجار المانجروف تساعد على مكافحة تغير المناخ لكنها ليست فى مأمن من آثاره. تنمو أشجار المانجروف في المنطقة الحدودية مابين اليابسة والمحيط. فهي تتطلب كمية مثالية من مياه البحر (القليل جدا وجفاف. ثم الكثير جداً وغدق). يتغير ارتفاع مستوى سطح البحر فى الأماكن التى يمكن أن ينمو فيها أشجار المانجروف ، مما يهدد استمرار وجودها في بعض الأماكن التي هي في أمس الحاجة إليها (مرجع).
4. مزارع الجمبري تضر بأشجار المانجروف. تواجه أشجار المانجروف تهديدات وخيمة مع أو بدون ارتفاع مستوى سطح البحر. في أجزاء كثيرة من العالم، يتم قطع أشجار المانجروف لتجهيز أحواض تربية السمك. تربية الأحياء المائية المستدامة، التى معظمها من سرطان البحر والمحار، يمكن إنشاؤها حول أشجار المانجروف، ولكن صب الهياكل الخرسانية أو حتى أكوام التراب المستخدمة في العديد من أحواض السمك تحتفظ بنفايات الأسماك، مما يجعلها غير صالحة للاستعمال بعد بضع سنوات. في الفلبين، حيث تلعب أشجار القرم دوراً هاماً في مرونة المناخ، تغطي أحواض السمك حاليا الكثير من الأراضي الساحلية وأشجار المانجروف (مرجع). ولكن أحواض السمك هي واحدة فقط من الكوارث التي تهدد أشجار القرم. كما يلجأ بعض الأثرياء لقطع أشجار المانجروف حول قصورهم التى تحجب رؤيتهم للمحيطات والبحار.
5. صعوبة زراعة أشجار المانجروف مرة أخرى بسهولة. في الواقع تنمو أشجار المانجروف على الساحل وتعطيه شكله المميز، وبمجرد موتها أو قطعها، تتلاشى الأرض وتعيد تيارات والمد والجزر تشكيل السواحل، مما يجعل من الصعب أو المستحيل على أشجار المانجروف أن تنمو مرة أخرى في مواطنها السابقة.
6. إختلاف أنواع المانجروف. عندما تزرع أشجار المانجروف، من المهم للغاية زراعة النوع المناسب منها. فأشجار المانجروف ليست نوعاً واحداً فهناك حوالى 70 نوع أو أكثر من الشجيرات أو الأشجار التي تنمو في المياه المالحة أو القليلة الملوحة. كل نوع من أشجار القرم هو فريد لمكانته الإيكولوجية، لذلك زراعة النوع الخطأ في المكان الخطأ يعرض النباتات لعدم البقاء على قيد الحياة. بعد أن ضرب إعصار Haiyan المجتمعات الساحلية في الفلبين في شهر نوفمبر عام 2013 ، التزمت الحكومة بزراعة مليون شجرة مانجروف. للأسف، تم زراعة الكثير منها دون النظر إلى إختيار الأنواع المناسبة في المكان المناسب، لذلك مات العديد من تلك الأشجار (مرجع).
تعتبر أشجار المانجروف هي المفتاح الرئيسي لكيفية التصدي لتغير المناخ ومساعدتنا على التكيف مع آثاره وامتصاص الكربون من الغلاف الجوي. في الواقع، مع أخذ كل فوائدها في الاعتبار، فإن أشجار المانجروف تفعل الكثير بالنسبة لنا من أي نظام إيكولوجي آخر على وجه الأرض. نظرا لهشاشتها، وكيف أننا نتغاضى عنها في كثير من الأحيان، فقد حان الوقت للبدء في إعادة الاحترام لغابات المانجروف.