الطفرة فى الغابات الأحادية وأشجار الوقود الحيوى
اللجنين، هو المادة التي تعطي الصلابة للنباتات والأشجار، ويعتبر واحد من أكبر العقبات التي تحول دون استخراج السليلوز، وهو ضروري في عملية تصنيع الوقود الحيوى. يعتبر إزالة اللجنين دائماً تحدياً كبيراً لشركات الورق التي تستخدم الخشب كمادة خام. حيث عادة مايضيفوا مواد سامة شديدة التلوث إلى الخشب للتخلص من اللجنين التى تصرف فى التربة وتصل للماء الآرضي. يمثل اللجنين ما بين ربع إلى ثلث الكتلة الجافة للخشب، ويمكن تكسيره بواسطة أنواع معينة من البكتيريا والفطريات.
ليس من المستغرب أن يستثمر هواة الوقود الحيوي السليلوزي وشركات إنتاج الورق في الأشجار المعدلة وراثيا التى تتميز بمحتوى أقل من اللجنين. تعتبر الشركة الامريكية ArborGen هى الزعيم بلا منازع في تطوير الأشجار المعدلة وراثيا، وفي أغسطس 2007 قامت بشراء مشاتل أربعة من منافسيها، لتصبح بذلك أكبر شركة في عالم شتلات الأشجار، ولها فروع في مواقع مختلفة مثل نيوزيلندا والبرازيل.
تعتبر ArborGen جزءاً من التحالف المسئول عن تسلسل الجينوم فى شجرة الكافور منذ عام 2007. يشمل هذا التحالف شركاء من أمريكا اللاتينية مثل المؤسسة البرازيلية للبحوث الزراعية (EMBRAPA)، والجامعة الكاثوليكية في برازيليا والشبكة البرازيلية لأبحاث جينوم الكافور، كما يعرف هذا التحالف أيضا باسم مشروع Genolyptus.
تسلسل جينوم الكافور يساعد على التغلب على العديد من العقبات أمام مستقبل مستدام للطاقة، وإنتاج أشجار متفوقة فى النمو وتنتج أخشاباً مثالية فى كتلتها الحيوية. هذا المشروع الضخم سوف يطور من استراتيجيات التربية لإنتاج مصدر للإيثانول السليلوزى كما يسهم في التحسينات البيئية في إنتاجية وصناعة الغابات العالمية.
تقوم Arborgen البرازيل حاليا بإجراء التجارب الميدانية لإنتاج الأشجار المعدلة وراثيا منخفضة المحتوى من اللجنين. ووفقا "للحركة العالمية للغابات المطيرة"، فقد دشنت الشركة عملياتها في كامبيناس، بولاية ساو باولو في عام 2004 وبدأت في العام التالي تجاربها على الأشجار المعدلة وراثيا في البلاد. حصلت ArborGen في عام 2007 على موافقة من السلطة التنفيذية البرازيلية (CTN-Bio) لإجراء اختبار لدورة نمو كاملة للكافور المعدل وراثياً، وتتوقع الشركة الحصول على ترخيص بغرض الإنتاج التجاري.
استخدام الأشجار للحصول على الوقود تعني وجود زراعات الأشجار الأحادية واسعة النطاق مثل الموجودة بالفعل في شيلي وأوروجواي والبرازيل لتوريد أخشاب لصناعة لب الورق. هذا النموذج يؤدى لتدمير التنوع البيولوجي كما يدمر أيضا المراعي، ولذلك يواجه معارضة من جماعات المجتمع المدني والشعوب الأصلية، التى أصبحت أرزاقها على المحك ومعرضة للخطر. كما يرى المعارضون أن الزراعات الأحادية أيضا تستنزف موارد المياه، وتشرد المجتمعات الريفية والسكان الأصليين، وتستنزف الأموال العامة وتضر بالاقتصادات المحلية.
في كل البلدان التي نفذت هذه الزراعات الأحادية، كانت النتائج متشابهة، وهى زيادة الثروة والسلطة لبضع مؤسسات محلية وأجنبية وجلب المزيد من الفقر للمجتمعات المحلية. تزداد المعارضة لهذا النموذج الاجتماعي والبيئي الشائن على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والذي من شأنه أن يزيد من مناطق "الصحاري الخضراء".
قال فريق دولي من خبراء البيئة في خطاب مفتوح إلى اتفاقية التنوع البيولوجي التابعة للأمم المتحدة في عام 2006 "أن الأشجار الأقل فى محتوى اللجنين (والعالية المحتوى من السليلوز) تكون أكثر عرضة للإصابة بالآفات، واحتمال تزايد معدل سقوطها بفعل الرياح، وتحلل خشبها بمعدل أسرع، كما تغير تركيبة التربة وتساهم فى إطلاق ثانى أكسيد الكربون فى الجو بسرعة أكبر، وبالتالي يؤدى كل ذلك إلى تغير المناخ. تحلل أخشاب الغابات توفر الموائل الضرورية لتنوع واسع من النباتات والحيوانات، وبالتالى فإن حدوث تغير فى مستويات التحلل سيكون له تأثير خطير على أعداد هذه الأنواع، التي لم يتم دراستها نتائجها حتى الآن ".
واحدة من أخطر مشاكل الأشجار المعدلة وراثيا هي أنها تتكاثر وتنتشر بذورها دون حسيب ولا رقيب، وهي ظاهرة تعرف باسم "التلوث الجيني". "هذا التلوث يشكل خطراً خاصة في حالة زراعات الأشجار المستخدمة على نطاق واسع، مثل الكافور والتي لديها القدرة على إنتاج هجن وبالتالي يمكنها التلقيح بسهولة مع الكافور المعدل وراثياً. هناك أيضا نفس الخطر في حالة الأنواع الأخرى، مثل الصنوبر والحور وأشجار السنط. تعتبر الصين هى البلد الوحيد التي زرعت الأشجار المعدلة وراثيا على نطاق تجاري، وبالفعل تم توثيق تلوث أشجار الحور الأصلية. اقترح العاملون بمجال التكنولوجيا الحيوية، تقييد الاستخدام الجيني لمعالجة مشكلة التلوث الجيني (يطلق عليها تكنولوجيا النهي Terminator technology من قبل منتقديها)، سواء للأشجار أو المحاصيل المعدلة وراثياً. تحذر منظمات المجتمع المدني من أن هذا الحل هو حل كاذب وينطوي على مخاطر اجتماعية وبيئية غير مقبولة. وقد فرضت الامم المتحدة حظراً مؤقتاً على "تكنولوجيا النهي" رغماً عن صناعة التكنولوجيا الحيوية.
فى البرازيل: المرأة تتخذ إجراءات ضد مزارع الأشجار الأحادية
خلال اجتماعات اتفاقية التنوع البيولوجي وبروتوكول السلامة الأحيائية في كوريتيبا، بالبرازيل، في مارس 2006، احتفلت النساء من فيا كامبيسينا اليوم العالمي للمرأة من خلال تدمير مختبر ومشتل أشجار الصنوبر المستنسخة من شركة أراكروز احتجاجا غزو مزارع الأشجار.
بعد ذلك بعامين، احتفلت حوالي 900 امرأة من Via Campesina باليوم العالمي للمرأة فى مزرعة تبلغ مساحتها 2100 هكتار مملوكة من قبل شركة ستورا إنسو السويدية-الفنلندية لصناعة اللب والورق ، في ولاية جنوب ولاية ريو جراندي دو سول بالقرب من الحدود مع أوروجواي. ونددت النساء بالتوسع المدمر لزراعة الأشجار الأحادية (ذات المحصول الواحد ) والعمل غير القانوني للشركة، كما يحظر القانون البرازيلي على الأجانب امتلاك الأرض على مسافة لاتقل عن 150 كيلومترا من الحدود. وطالبوا الحكومة بمصادرة المزارع ووضع برنامج للإصلاح الزراعي. ردت حكومة الولاية عن طريق نشر لواء عسكري لاجلاء النساء بعنف، مما اسفر عن اصابة نحو 50 منهن. تم اعتقال العديد من المتظاهرات ورفض وصول أصواتهن إلى الصحافة أو محامي للدفاع.
المرجع: إضغط هنا