نوع جديد من البنوك
تقول جماعة "سحب استثمارات الوقود الأحفوري" أنه عندما نستثمر أموالنا فإنها تساعد على التحرك نحو مستقبل أنظف أو أن يصل دعمها للصناعات الملوثة التي تقود لتغير المناخ. تتخذ الوكالات الحكومية الآن هذه الفكرة من خلال التشجيع الاستباقي للاستثمار في مشاريع الطاقة وكفاءة استخدام الطاقة المتجددة.
ماتسمى بـ "البنوك الخضراء" ليست بنوكاً كما نعتقد، فهى عادة لا تقبل الودائع من الأفراد، وهى ليست مؤسسات خاصة. بدلاً من ذلك، البنوك الخضراء التي تديرها الحكومة تهدف إلى الاستفادة من الأموال العامة المحدودة عن طريق جذب رأس المال الخاص في هذه المشاريع.
يقول روب يانجز، مدير برنامج التحالف من أجل رؤوس الأموال الخضراء، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن العاصمة، "حقاً هى أشبه بهيئات التمويل العام، وتستثمر في التمويل الخاص قدر الإمكان". تستخدم البنوك الخضراء أموال الحكومة في المقام الأول من أجل تقديم القروض بدلا من المنح وإعادة تدوير هذه الأموال بشكل فعال عندما يتم سداد القروض.
من خلال تقديم التمويل أو خفض تكلفة التمويل، يمكن للبنوك الخضراء جذب استثمارات القطاع الخاص إلى مجال الطاقة النظيفة. هذا النفوذ أمر بالغ الأهمية لأنه، على الرغم من أن العالم استثمر 286 مليار دولار في مجال الطاقة المتجددة خلال عام 2015 وهو رقم قياسى، إلا أن هذا الاستثمار يجب أن يتضاعف بحلول عام 2020، ويتضاعف ثلاث مرات في نهاية عام 2020 لتحقيق الأهداف الدولية المنصوص عليها في اتفاق باريس، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً من قبل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. وخلص التقرير إلى أن نصيب الأسد من هذه الاستثمارات يجب أن يأتي من القطاع الخاص.
البنوك الخضراء هي فكرة عالمية متنامية، ففي محادثات باريس COP21 في ديسمبر عام 2015، ظهرت شبكة البنوك الخضراء لأول مرة في جميع أنحاء العالم. وكان تحالف يانجز "لرؤوس الأموال الخضراء وراء ذلك، جنباً إلى جنب مع مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية والأمثلة المبكرة من سلطات التمويل العام هذه تشمل بنك كونيتيكت الأخضر، والبنك الأخضر بنيويورك ، وبنك المملكة المتحدة الأخضر للاستثمار و مؤسسة تمويل الطاقة النظيفة في أستراليا، والصندوق الأخضر اليابانى وبرنامج تمويل التكنولوجيا الخضراء فى ماليزيا. الهدف من هذه المنظمة الجديدة هو تبادل أفضل الممارسات لتمويل الطاقة النظيفة، وكنموذج لمصادر مصرفية أكثر إنفتاحاً وتحرراً. وسوف تزيد من التعاون الدولى الذي بدأ في التحالف من أجل رؤوس الأموال الخضراء، التي شاركت فى وضع مقترحات تشريعية للبنك الأخضر الوطني بالولايات المتحدة في عامى 2009، 2014، ومؤخراً فى يوليو من عام 2016.
أصل فكرة البنوك الخضراء
ويمكن رؤية مؤسسات التمويل الجديدة هذه كاستمرارا لحركة مشوشة في وقت سابق، كانت تسمى التعامل البنكى الأخضر green banking ويرجع تاريخها إلى عام 1980 على الأقل مع تأسيس بنك Triodos في هولندا. وخلافاً لسلطات التمويل الحكومي، فإن هذه البنوك الخضراء السابقة هي في الواقع بنوك تعمل كمؤسسات خاصة حيث يمكن للأفراد أن يصدروا شيكات ويمتلكوا حسابات توفير. أما ما يميزها عن البنوك التقليدية هى أنها تقدم قروضاً فقط للشركات والأفراد الذين يلبون قيم ميثاق الأمم المتحدة، مثل الاستدامة البيئية أو تعزيز المجتمع المحلي. وتشتمل على مالا يقل عن 10 بنوك في الولايات المتحدة وكندا، بما في ذلك Vancity في فانكوفر وبنك الموارد الجديد في سان فرانسيسكو.
دفعت الأزمة المالية فى عام 2008 ثلاثة بنوك خضراء في وقت مبكر، بما في ذلك بنك Triodos ShoreBank في شيكاغو وبنك Brac في بنجلاديش لتشكيل "التحالف العالمي للخدمات المصرفية على القيم GABV" من أجل تعزيز نموذجهم المصرفي بشكل ناجح، وكانوا يعتقدون أن البنوك الأخرى إذا اتبعت السياسات التي يعملون بها ربما لن يكون لديهم أزمة مالية. يقع مقر التحالف العالمي للخدمات المصرفية في هولندا، ويشتمل الآن على 36 مؤسسة مالية عاملة في بلدان عدة موزعة على جميع القارات الست. وهى تخدم نحو 25 مليون عميل، ويبلغ مجموع الأصول 110 مليار دولار وتوظف 42 ألف شخص.
استراتيجية: الحد من المخاطر
بالنسبة للبنوك الخضراء الجديدة، يعتبر الحد من المخاطر هو استراتيجية أساسية. وعلى الرغم من أن الاستثمار في الطاقة المتجددة بلغ مستويات قياسية جديدة في عام 2015، إلا أن مشاريع البنية التحتية الخضراء لا تزال تواجه عوائق تحد من الاستثمار الخاص.
وقال يانجز "على سبيل المثال، على الرغم من الانخفاض السريع في تكلفة تكنولوجيا الطاقة الشمسية والرياح خلال السنوات القليلة الماضية، مازالت التكلفة تميل إلى أن تكون أعلى من المصادر التقليدية بسبب أن السياسات البيئية الضعيفة فشلت في تسعير التلوث". أيضاً المستثمرين فى القطاع الخاص يكونوا أقل دراية بخيارات الطاقة المتجددة ويفتقروا إلى معلومات موثوقة عنها. هذه العوامل تضيف ما يصل الى المخاطر المتوقعة، والتي غالباً ما تترجم إلى ارتفاع أسعار الفائدة لاستثمارات رأس المال مقدماً".
توفر البنوك الخضراء الجديدة مشروع معلومات للمستثمرين المحتملين، واستخدام أدوات مالية مختلفة لتخفيف المخاطر. وتشمل هذه طرح ضمانات إضافية للحصول على قرض، لتصبح المستثمر الوحيد عن طريق شراء كتلة محددة من الأسهم، أو تجميع عدد من المشاريع الصغيرة في استثمار واحد لجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين من القطاع الخاص. وقال يانجز "ونظرا لتكلفة الاكتتاب، فإنه سيكون أمراً مكلفاً اكتتاب مجموعة مشاريع بتكلفة 500 ألف دولار. ولكن إذا كان المشروع بحوالى 50 مليون دولار سيكون أكثر جاذبية".
عن طريق الحد من المخاطر، يمكن للبنوك الخضراء أن تساعد مشاريع الطاقة المتجددة فى الحصول على التمويل بأسعار فائدة منخفضة، وبالتالي تقليل التكاليف مقدما. وقال يانجز "البنوك الخضراء قادرة على الذهاب حيث تخشى المصارف التقليدية. وأنه يمكنها أن تذهب إلى منطقة لم يتطرق إليها أحد من قبل".
في كندا، تعمل وزارة أونتاريو للبيئة وتغير المناخ على إنشاء بنك أخضر بتمويل من برنامج الحد الأقصى والتجارة ، وهو جزء من خطة العمل بشأن تغير المناخ بكندا. قال جاري ويلر، المتحدث الرسمي للوزارة "يجري إعداد التفاصيل للتحضير لخطة عام 2017. لأن الانبعاثات من المباني تشكل 24 % من التلوث الغازى المسبب للاحتباس الحراري في أونتاريو، وسيقوم البنك بالاستثمار في مشاريع رفع كفاءة الطاقة بالمباني وفقاً لخطة العمل التى تشمل استبدال غلايات الغاز، وسخانات الألواح الكهربائية وأفران النفط بالألواح الشمسية، والمضخات الحرارية الهوائية، وأنظمة طاقة الحرارة الأرضية، ونظم الطاقة المركبة والشبكات ونظم تخزين الطاقة".
وقال ويلر "يخطط البنك لتقديم المنح وغيرها من الحوافز لأصحاب المنازل لإجراء التحسينات المنزلية الموفرة للطاقة، ويمكن في بعض الظروف تقديم مساعدة في تأمين التمويل. سيقوم البنك أيضاً بجعل التمويل بأسعار معقولة للمشاريع التجارية والصناعية في المقام الأول من خلال تجميع مشاريع للحد من المخاطر". إيرادات الحد الأقصى والتجارة سوف توفر رأس مال البنك، والذى سيمول 1.8 – 2.3 مليار دولار (وفقاً لتقديرات الحكومة) أو ما يقرب من 25 % من إجمالي القيمة المقدرة للسوق للحد الأقصى والتجارة.
سوف ينضم بنك أونتاريو إلى الأعداد المتزايدة في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى الستة التي أسست شبكة البنوك الخضراء، فإن سويسرا لديها الآن بنك أخضر، وكذلك هاواي وكاليفورنيا ورود آيلاند ونيو جيرسي ومقاطعة مونتجومري في ولاية ماريلاند ومدينة مسدر في دولة الإمارات العربية المتحدة.
المصدر: إضغط هنا