لماذا تزرع هذه المدينة غابة كلما ولدت فتاة؟
قديماً كانت النساء اللاتى يلدن طفلة يخفن من رفض أزواجهن لهذه المولودة، بسبب الاعتقاد السائد أن الجنس الأنثوي يتميز بالضعف ويعني نهاية إرث العائلة. ومع ذلك، فقد كافحت النساء وشقت طريقها بعيدا عن كونها "الجنس الثاني" بالسعى إلى التعليم، وأن يمتلكن دور تحويلي أكثر ثورية.
هذا المفهوم أدركه جيداً سكان Piplantri، وهي بلدة صغيرة تقع في ولاية راجستان بالهند، حيث كل طفل يولد هو نعمة. لذلك، يحتفل المجتمع بنفس الفرح، ويتم تسليط الضوء على هذه القدرة لميلاد حياة جديدة في احتفال خاص جدا، وعندما تولد طفلة، يزرعوا أكثر من 100 شجرة.
هذا يبدو مشهد مثير للضحك تقريبا إذا اعتبرنا أن جنس الإناث في بعض البلدان التقليدية (وغالبا أيضا في الغرب) لا تزال تؤمن بالملكية الخاصة أو الشخصية والتى يعترف بها للرجل فقط.
ولكن، سكان Piplantri لديهم خلفية أعمق من ذلك بكثير: فإن الغابات المزروعة المملوكة للنساء تسمح لهن أن يكبرن، كما يمكن استخدام ثمار تلك الأشجار فى التغذ1ية أو التجارة.
وبالإضافة إلى عمليات الإجهاض الانتقائية بسبب جنس الجنين التى تحدث في كثير من الأحيان في العائلات الفقيرة التى لا تحصل على مساعدات مادية، عندما تصل لسن الزواج لا تجد "المهر" الذى تدفعه عائلة البنت لزوج المستقبل كشرط لعقد الزواج. على الرغم من أن القانون الهندي منذ عام 1961 يحظر دفع المال عن طريق والدي العروس لعائلة الزوج، فإنه ما زال شائعاً حتى الآن. وبالتالي، فإن هذه المبادرة التي وضعتها بلدية المدينة ، تعاملت ليس فقط مع جفاف الأرض، ولكن أيضا كوسيلة لدعم المرأة الهندية. تقول إحدى النساء من القرية "نحن نرعى الأشجار كجزء من عائلتنا. لأنها ثمرة من الأرض وهذا سيتيح لنا أيضا ثمرة لرعاية بناتنا".
بالإضافة إلى الزراعة، يوفر المجتمع مبلغ صغير من المال للفتاة. وفي الوقت نفسه، الآباء والأمهات ملتزمون بتقديم وديعة ثابتة لمستقبل أبنائهم ويجب أن يوقع على شهادة ملزمة بعدم تزويجها في وقت أقرب مما يسمح به القانون، حيث إنه وفقا لتقرير اليونيسيف، أكثر من ربع الإناث تزوجن قبل 15 عاما. أيضا، أنها يوافق الآباء على إرسالها إلى المدرسة ورعاية أشجارها حتى تكبر وترعاها بنفسها. حتى حول كل شجرة يوجد العديد من النباتات مثل صبار الألوى الذى يستخدمه الآباء والأمهات كمادة خام لمستحضرات التجميل الطبيعية والحصول على مصدر دخل خاص متنامى. من هذا النشاط، نظم سكان المدينة التعاونيات العمالية.
ويتم التعبير عن تلك العلاقة الخاصة القائمة بين الفتيات والطبيعة من خلال الأشجار، فعندما يبلغن خمس أو ست سنوات، يبدأن فى ربط الحبال الملونة حول جذوع الأشجار.
اليوم هناك بالفعل أكثر من 285 ألف شجرة منتشرة على مساحة 2000 هكتار، مما يجعل هذه التجربة قصة أمل تمثل بذرة صغيرة في مجتمع أبوي وتقليدي للغاية.