top of page

هل تعدل مزارع الكربون من ظاهرة الاحتباس الحراري؟


دراسة حديثة أجراها باحثون ألمان تقدم إمكانية "زراعة الكربون" كبديل أقل خطورة من التقنيات الأخرى لالتقاط الكربون وتخزينه. وتقترح أن نسبة كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من المحتمل أن يتم التخلص منها عن طريق زراعة ملايين الأفدنة من شجيرة صغيرة تعرف باسم الجاتروفا في المناطق الجافة والساحلية. ولكن خبراء آخرين أثاروا الشكوك حول التوقعات الطموحة لتلك الدراسة، متسائلين عما اذا كانت الجاتروفا ستكون قادرة على النمو بشكل جيد في التربة الصحراوية الرملية وامتصاص كمية الكربون التى تم التنبؤ بها؟.


يقول الباحثون أن مزارع الجاتروفا يمكن أن تساعد على التخفيف من الآثار المحلية لظاهرة الاحتباس الحراري في المناطق الصحراوية، مما يتسبب في انخفاض متوسط درجات الحرارة وزيادة في هطول الأمطار. إذا تم زراعة مساحة كبيرة من الأرض بمزارع الكربون، فإنه يمكن لهذه الآثار المحلية أن تصبح كونية وتؤثر على مناخ كوكب الأرض، وتمتص مابين 17- 25 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار سنويا على مدى 20 عاما.


وقال المؤلف الرئيسي كلاوس بيكر من جامعة هوهنهايم في شتوتجارت، بألمانيا "كل التقنيات الأخرى التى نعرفها تمنع الانبعاثات فقط، ولا شيء آخر، فقط النباتات هى التى تقدر على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو." وتقرر الدراسة التي نشرت في مجلة Earth System Dynamics ، أنه إذا تم تخصيص 730 مليون هكتار من الأراضي (حوالي ثلاثة أرباع مساحة الولايات المتحدة) لهذا الأسلوب من زراعة الكربون، فإن الاتجاه الحالي لزيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي يمكن أن يتوقف. وقال الباحثون ان مزارع الكربون لا تتنافس مع إنتاج الغذاء إذا تأسست في المناطق الساحلية الجافة.


هل يمكن أن تغير المزارع الضخمة أنماط الطقس؟


تنص الدراسة على أن الجاتروفا مناسبة بشكل فريد لتنمو في مناطق وعرة وتنتج بذورغير صالحة للأكل والتي يمكن استخدامها لتخليق وقود الديزل الحيوي، وتنمو في درجات حرارة تزيد عن 100 درجة فهرنهايت. كما يمكنها تحمل مستويات عالية من التلوث في التربة، مما يجعل مياه الصرف الصحي مصدراً محتملاً آخر لأغراض الري. ينمو النبات بسرعة ويعطى جذوراً ضخمة تحت التربة، وهى مهمة لتخزين الكربون.


ويقدر الباحثون وجود حوالي 1 مليار هكتار من الأراضي الصحراوية في المناطق الساحلية التي يمكن أن تستخدم لمزارع الجاتروفا، ، وتقع في بلدان مثل المكسيك وناميبيا والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان. إذا استخدمت مجمل هذه الأرض لزراعة الكربون، فيمكن خفض ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنسبة 17.5 جزء في المليون على مدى عقدين من الزمن، أو 16.6 % من زيادة ثاني أكسيد الكربون منذ بداية الثورة الصناعية. يتوقع الباحثون أن مزارع على مساحة 100 كيلومتر في سلطنة عمان وصحراء سونوران بالمكسيك يمكن أن تسبب انخفاض في درجات الحرارة بأكثر من 1 درجة مئوية. وشهد هذا النموذج أيضا زيادة هطول الأمطار من 11 مم سنويا في عمان و 30 مم سنويا في سونوران.


وأوضح وولفماير، أن المزارع تكون أكثر قتامة من الصحراء المحيطة بها، وتحتفظ بالمزيد من الحرارة أثناء النهار. ونتيجة لذلك، يتطور نظام الضغط المنخفض على مزرعة الكربون، مما يسبب تغيرات في أنماط الرياح التي تسمح بتكون الغيوم وهطول أمطار غزيرة. وقال "التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري على نطاق محلي يجب أن يكون حافزا كبيرا للدول لدعم الزراعات الكبيرة. هذه التكنولوجيا متاحة للقيام بذلك، لكنها تحتاج إلى بعض الحماس وبعض المثالية والمزيد من المعرفة قبل تطبيقها ".


تؤكد هذه الدراسة أن تكلفة زراعة الكربون مماثلة للتكاليف المرتبطة بتقنيات التقاط الكربون وتخزينه. يقدر الباحثون أن التكلفة الإجمالية للمزرعة ستكون حوالي 55- 85 دولارا للطن الواحد من الكربون. وتتفاوت التكلفة التقديرية لتكنولوجيا التقاط الكربون على نطاق واسع، ولكن مركز غير ربحي لحلول المناخ والطاقة قدرها ما بين 36- 81 دولار تبعاً لمصدر الانبعاثات.


وشدد وولفماير أن زراعة الكربون يمكن أن تكون "قيمة رائعة للسكان المحليين" إذا كانت أسواق الكربون الدولية تشجع التنمية الريفية والانفتاح إمكانية الزراعة الإضافية حيث تتحسن نوعية التربة حول تلك المزارع.

وقال بيكر انه يهدف الى الشراكة مع الحكومات أو الشركات الخاصة وإنشاء مزرعة تجريبية لاختبار جدوى دراستهم. لكنه متفائل بالفعل بالنتائج. وشدد على بساطة الفكرة، قائلا ان خطر تسرب الكربون، كما هو الحال مع تقنيات التقاط الكربون الأخرى ليست ذات أهمية مع زراعة الكربون. واضاف ان "عزل ثاني أكسيد الكربون بواسطة النباتات هو أمر بسيط، وقد ثبت إستدامته على مدى مئات الملايين من السنين، فلماذا لا نستخدم هذا الأسلوب؟"


أيضا، قال فان نوردفيك، "حتى مع وفرة المياه، فإن محتوى العناصر الغذائية في التربة الرملية الصحراوية منخفض جداً، وتوفير هذه العناصر الغذائية لدعم معدلات النمو المرتفعة يزيد من تكاليف الطاقة خاصة إذا تم استخدام الأسمدة الآزوتية". وأضاف: "إن سعر الكربون المقدر لهذا الخيار يشير بالفعل أن هناك فرصاً أفضل بكثير للحد من الانبعاثات الجارية من استخدام أراضي الخث وإزالة الغابات."


المصدر: إضغط هنا


19 views0 comments
bottom of page