top of page

هل يمكن للأشجار أن تخفض حرارة المدن؟


في المدن غالبا ما تزرع الأشجار بغرض السيطرة على ارتفاع درجات الحرارة والتخفيف من آثار الجزر الحرارية. ولكن على الرغم من تسمية الأشجار "مكيفات الهواء الطبيعة،" فإن العلماء غالبا ما يجدون صعوبة للتدليل على خصائص التبريد لها.


إن الطريقة الأكثر وضوحا لقياس تأثير التبريد للأشجار يكون بمقارنة درجة حرارة الهواء في الحدائق ومقارنتها بدرجة الحرارة في الشوارع المجاورة. ولكن هذه الطريقة غالبا ما تأتي بنتائج مخيبة للآمال: حتى في الحدائق المورقة الكبيرة، لأن درجة حرارة الهواء في النهار عادة ما يكون أقل بمقدار 1 ° م مما هى عليه في الشوارع ، بينما في الليل يمكن فعلا أن تكون درجة الحرارة في الحدائق أعلى من ذلك. لتفسير هذا التناقض، علينا أن نفكر بشكل أكثر وضوحاً حول فيزياء تدفقات الحرارة (الانتقال الحرارى) في مدننا، وحجم القياسات التي نتخذها.


نظرياً، يمكن للأشجار أن تساعد على التبريد بطريقتين: عن طريق توفير الظل، وأيضاً من خلال عملية تعرف باسم النتح. الأشجار توفر أكثر من تأثير التبريد عن طريق التظليل. الدفء الذى نشعر به يعتمد بدرجة أقل على حرارة الهواء المحيط، وبدرجة أكبر على مقدار الإشعاع الكهرومغناطيسي المتبادل فيما بيننا وبين الهواء المحيط. لذا تعمل تيجان الأشجار كالمظلة، وتمنع حوالى 90٪ من أشعة الشمس، التى تزيد من إحساسنا يالحرارة.


الظل الذى توفره الأشجار يمكن أن يقلل من درجة حرارة أجسامنا بنسبة تتراوح بين 7-15 درجة مئوية، اعتمادا على خطوط العرض للموقع المنزرعة به. لذلك ليس من المستغرب أنه في ذروة الصيف، يلجأ الناس إلى ظل الأشجار البارد بالحدائق، بالشوارع.


لأشجار يمكنها أن تبرد المباني أيضا - وخاصة عندما تزرع فى جهة الشرق أو الغرب كما أن ظلها يمنع أشعة الشمس من اختراق النوافذ، أو تسخين الجدران الخارجية. وقد أظهرت التوقعات ودراسات النمذجة في الولايات المتحدة الأمريكية أن ظل الأشجار يمكن أن يقلل من تكاليف تكييف الهواء في المنازل بنسبة 20٪ إلى 30٪.


ويمكن أيضا أن تستخدم الأشجار لمعالجة مشكلة أكبر وهى الجزر الحرارية الحضرية urban heat island. خلال فترات سكون الرياح، والطقس المشمس، يمكن أن تزيد درجة حرارة الهواء في المدن عن المناطق الريفية المحيطة بها بنسبة تصل إلى 7 °م ، خصوصا في الليل. في المدن، الطبقات الإسفلتية والطوب الصلب، تكون داكنة اللون فتمتص تقريبا كل إشعاع الموجات القصيرة من الشمس الساقطة عليها ، وترفع درجة الحرارة إلى ما بين 40 - 60 درجة مئوية، وتخزن تلك الطاقة الحرارية ثم يتم بعد ذلك إطلاقها في الهواء خلال فترات الليل.


يمكن للأشجار الحضرية مواجهة هذه العملية عن طريق اعتراض الإشعاع قبل أن يصل إلى الأرض، واستخدام الطاقة فى عملية النتح. يحدث النتح عندما تصل أشعة الشمس لتيجان الأشجار، مما يسبب تبخر المياه من الأوراق. ويعمل على تبريد تلك الحرارة الإشعاعية (تماما مثل التعرق الذى يبرد الجلد صيفاً) مما يقلل من كمية الطاقة المتبقية لتسخين الهواء.


آثار التبخر يمكن قياسها بطريقتين. أولا: بقياس درجة حرارة تاج الشجرة، والذي هو عادة ما يكون أكثر برودة من الأسطح البنائية بالمدينة (فقط 2 - 3 °م أعلى من درجة حرارة الهواء. للأسف، لا يمكننا الإدعاء أن هذا الفرق في درجة الحرارة هو دليل على قدرة التبريد للشجرة. لأن أوراق الأشجار تكون أكثر برودة من الأسطح البنائية حتى لو لم تفقد المياه بالتبخر، لأنها تبرد بشكل أكثر فعالية بواسطة ظاهرة الحمل الحراري.


ثانياً: أفضل طريقة لحساب تأثير تبريد الشجرة مباشرة، عن طريق قياس كمية المياه التى تفقدها. يمكن القيام بذلك عن طريق قياس تدفق النسغ الواصل إلى الساق ، أو تقدير فقد الماء من الأوراق الفردية. تظهر هذه الأساليب أن تيجان الأشجار يمكنها تحويل أكثر من 60٪ من الإشعاع بداخلها إلى النتح. غالباً الشجرة الصغيرة (بارتفاع 4 أمتار) يمكن أن تعطى حوالي 6 كيلو وات من طاقة التبريد، والتى تعادل اثنين من وحدات تكييف الهواء الصغيرة.


ومن الصعوبات النهائية في وضع قوة التبريد الأشجار هي تحديد مقدار النتح للشجرة المعينة سوف الذى يقلل درجة حرارة الهواء. نحن بحاجة إلى وضع الأشجار بواقعية في النماذج المناخية الإقليمية المفصلة، ​​التي يمكن أن تحاكي التغيرات اليومية المعقدة من الهواء والطاقة خلال أجواء المدينة. عندها فقط يمكننا تحديد الفوائد الإقليمية للغابات في المناطق الحضرية، والعمل على كيفية استخدام الأشجار لجعل مدننا أكثر برودة ومكان ممتع للعيش.

 
 
 

Comments


© 2014 - 2024 by M Hesham Khamis 

Horticultural Research Institute

    Agriculture Research Center

                       Egypt 

  • Facebook Clean Grey
  • Twitter Clean Grey
  • LinkedIn Clean Grey
bottom of page