الجفاف والتصحر وتجنب مشكلة نقص الغذاء العالمي المقبلة
خلال العام الماضي دمر الجفاف الشديد والفيضانات المحاصيل وترك ما يقرب من 100 مليون شخص في جنوب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية يواجهون نقصاً في المواد الغذائية والمياه، كما أن استمرار الجفاف لفترات طويلة يؤدى لتداعيات خطيرة على الأرض.
أحد الأسباب الرئيسية التى تسبب القلق بالنسبة للمزارعين هو التصحر، والذي يقدر حاليا 30 - 35 ضعف المعدلات التاريخية كما أنها تتزايد بمعدلات سريعة. وتظهر مشكلة التصحر نتيجة التدهور المستمر في النظم الإيكولوجية للأراضي الجافة الناتج عن التغيرات المناخية والأنشطة البشرية. الطريقة الوحيدة لضمان الأمن الغذائي في المستقبل هي ضمان مرونة الأرض، وبالتالى نحن بحاجة للتأكد من أن صغار المزارعين لديهم الموارد التي يحتاجونها للحد من التكاليف المترتبة على تغير المناخ .
ما يقرب من ثلث سكان العالم في عام 2007، يعيشون فى مناطق الأراضي الجافة والتى تحتل ما يقرب من نصف مساحة اليابسة على الأرض. عندما تظهر ندرة المياه، فإنها تحد من إنتاج المحاصيل والأعلاف، والأخشاب، وغيرها من الخدمات التى توفرها النظم الإيكولوجية لصغار المزارعين. يعتبر تغير المناخ من أهم التحدىات التى يتعرض له 500 مليون مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة في العالم لا يمكن التغاضي عنهم، كما أن التصحر هو المسؤول عن خسارة 12 مليون هكتار من الأراضي التي تفقد سنوياً، وهو ما يعادل 20 مليون طن من إنتاج الحبوب.
التصحر هو ظاهرة تعد من بين أكبر التحديات البيئية في عصرنا. ومع ذلك، هناك مجموعة متنوعة من المفاهيم الخاطئة حول هذه الظاهرة. عندما نسمع مصطلح التصحر يتجه التفكير مباشرة إلى الصحارى ومساحات الكثبان الرملية الخالية من الحياة، وهذا ليس دقيقا تماما، لأن الكثبان الرملية يمكن أن تكون أحد النظم الإيكولوجية الغنية للغاية والتي تعتبر كاملة الحياة. التصحر ليس فقط الزحف الصحراوي، بل هو أيضا التدهور المستمر للأراضي الجافة سواء المناطق القاحلة أو شبه القاحلة، فهي قيمة للغاية: حيث تعتبر نقاط ساخنة للتنوع البيولوجي والتربة الزراعية الخصبة، ومستنقع لاحتجاز الكربون ومأوى لبني البشر والحيوانات .
لا توجد قارة، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، هى في مأمن من ظاهرة التصحر. تمتلك أفريقيا 37 % من المناطق الجافة في العالم، وتواجه التحدي الأكبر، حيث 66% من أراضيها إما أراضى جافة أو صحراء قاحلة. كذلك أستراليا وتشيلي وكولومبيا والإكوادور وإيطاليا ولاوس ونيبال، وإسبانيا جميعها تمتلك أراضي جافة تعانى من خطورة التصحر. هذا الوضع يجعل نهج إبطاء التصحر في غاية الأهمية، لزيادة الإنتاج العالمي من الغذائي وخفض الفقر في المناطق الريفية. القضاء على الفقر في الريف ليس ممكنا من دون معالجة إدارة الموارد الطبيعية واستخدام الأراضي. المزيد من التصحر ليس أمراً حتمياً، ويمكن تغيير ممارسات الزراعة وجعلها أكثر استدامة وكذلك إدارة الأراضي والتربة بشكل أفضل.
على سبيل المثال، هناك تقنيات الطاقات المتجددة التي يمكن أن تحل محل الحطب، وبالتالي تقليل الضغط البشري على الطبيعية والغابات. أيضا، الجفاف يمكن الآن توقع أماكن حدوثه ومدى الخسائر التى يمكن أن يحدثها، والتخطيط وفقاً لذلك، ومع التدخلات المناسبة في الوقت المناسب، يمكن وقف التصحر، وأحيانا استصلاح الأراضي.
قام صندوق "إيفاد IFAD " بالاستثمار بشكل كبير في المشاريع التي تدعم تحسين إدارة الأراضي والمياه والجفاف لمساعدة صغار المزارعين على التكيف مع تغير المناخ.
ففي سهول سوريا، والمعروفة باسم البادية، هناك 10 مليون هكتار من الأراضي التي يقطنها 12 مليون حيوان، والتي تعتبر متدهورة بشدة. من خلال العمل المكثف والتعاون الوثيق مع الرعاة والمزارعين المحليين، تمكن مشروع "إيفاد IFAD " من استعادة الغطاء النباتي إلى ما يقرب من ثلث المراعي. من خلال الجمع بين تقنيات مثل إراحة التربة، والحد من الرعي، ونثر البذور، وغرس الشجيرات، وتعزيز الأنواع المحلية، وتحسين الري ، وقد نجح المشروع فى وقف زحف التصحر في المنطقة واستصلاح أكثر من مليون هكتار من الأراضي.
في النيجر، أدت إزالة الغابات إلى فقدان التربة الخصبة. تم تطبيق مشروع لاستعادة 100 ألف هكتار من خلال حماية الأرض من الرعي الجائر وإزالة الغابات، فضلا عن إعادة زراعة الأشجار. وأصبح هناك الآن حوالي 50 شجرة جديدة في الهكتار الواحد بعد أن كانت هذه الأراضى جرداء.
يتطلع الصندوق للعمل على نطاق واسع لاستصلاح المزيد من الأراضي، والمساهمة في تمكين المزارعين من الإدارة المستدامة لأراضيهم حتى يتمكنوا من إطعام أسرهم للأجيال القادمة والخروج من الفقر من أجل الخير.