top of page

لماذا التنوع البيولوجى فى الأشجار


1. الشجرة هي الأساس فى الغابة

التنوع الوراثي للأشجار هام للنظم الإيكولوجية للغابات بأكملها - الأشجار هي "نوع الأساس foundation species"، وهى تلعب دورا محورياً في النظم الإيكولوجية والتى لايمكن لأى من الأنواع الأخرى أن تملأه ، وبمعنى أخر لا يمكن أن يكون لدينا نظام إيكولوجي للغابات دون الأشجار.

نتائج البحوث على مدى العقد الماضي تظهر أن تنوع الأنواع فى النظام الإيكولوجي للغابات يعتمد على التنوع الوراثي للأنواع الرئيسية (Whitham and others 2006). وهذا يعني أن ما يتم فقدانه من التنوع الجيني لأنواع الأشجار الرئيسية، والأنواع الأخرى،(على سبيل المثال أنواع الحشرات والفطريات ، التي ترتبط تحديدا مع الأشجار التي لديها التركيبة الجينية المعينة) يؤدى هذا لاختفائها أيضا، وترك النظام الإيكولوجي للغابات كله فقيراً من الناحية البيولوجية.

2. آسيا الوسطى - مركز المنشأ والتنوع للعديد من أنواع الأشجار المثمرة

نشأت جميع الأنواع في مكان ما. ويسمى هذا المكان "مراكز المنشأ". في كثير من الأحيان مراكز المنشأ بها درجة عالية من التنوع سواء في أعداد الأنواع ترتبط ارتباطا وثيقا والتنوع الجيني داخل الأنواع، حتى أنها قد تكون "مراكز للتنوع" أيضا. آسيا الوسطى هي مركز المنشأ والتنوع للعديد من أنواع الفاكهة والمكسرات على الصعيد العالمي.

على سبيل المثال، التفاح، يؤكل من قبل المليارات من البشر في جميع أنحاء العالم، وقد نشأ في آسيا الوسطى عدة أنواع من التفاح البري ما زالت تنمو في الغابات الطبيعية من دول آسيا الوسطى مثل أوزبكستان وكازاخستان. واحدة من هذه، هو تفاح sieversii الذى يعتبر، السلف الرئيسي لأنواع التفاح المنزرعة حالياً وقد أدرج من قبل IUCN بسبب أنه أصبح مهدداً من الاستغلال المفرط، لرعي الماشية والضغوط البشرية الأخرى (Eastwood, Lazkov and Newton 2009).

التنوع الوراثي للأنواع البرية وأصناف شبه المنتخبة من التفاح وأنواع الفاكهة والثمار الأخرى التي ما زالت تنمو في المنطقة تعتبر مورد مهم جدا يستخدم من قبل المربين للاستمرار في تحسين نوعية التغذية، والنكهة، ومقاومة الجفاف والآفات و الخصائص الأخرى لهذه المحاصيل.

3. الأشجار كمصادر للغذاء، خشب الوقود وسبل العيش

المليارات من الناس تعتمد على الأشجار للحصول على الوقود والدواء والغذاء والأدوات والأواني والأعلاف للثروة الحيوانية، والظل، وصيانة مستجمعات المياه، ناهيك عن المنتجات الورقية ومواد البناء. على الصعيد العالمي، الآلاف من أنواع الأشجار مفيدة، ولكن في منطقة معينة فإن عدد الأنواع المستخدمة بشكل كثيف يعتبر أقل من اللازم. التنوع الوراثي داخل هذه الأنواع الشجرية القيمة يسمح لهم بالتكيف محليا حتى أنها يمكن أن تنمو على نطاق واسع من الظروف البيئية.

النوعية والكمية المنتجة من أشجار مختلفة من نفس النوع قد تختلف اختلافا كبيرا من شجرة إلى شجرة. وقد سمح هذا للسكان المحليين لاختيار وحماية وزرع أفضل الأشجار المنتجة، ونتيجة لذلك حدث تحسن تدريجى فى نوعية وكمية المنتجات التي تم الحصول عليها. ويجري حاليا تطبيق برامج الاختيار والتربية الحديثة فى العديد من أنواع الأشجار المفيدة سواء في نظم الزراعة المختلطة بالغابات أو الغابات الطبيعية، وهذا يزيد من جودة الأشجار اللمفيدة ويسمح لها بالتكيف مع الظروف المتغيرة والاستمرار منح المنتجات والخدمات التي يحتاجها الناس.

4.التنوع الوراثي يجعل الأشجار المقاومة للتلوث وتغير المناخ

الأشجار قادرة على التطور السريع في الاستجابة للتلوث. على سبيل المثال، الصنوبر الأبيض white pines يستوطن أمريكا الشمالية وهو نوع حساس للغاية لثاني أكسيد الكبريت والأوزون. تم تطبيق دراسة ميدانية باستخدام البذور التي تم جمعها قبل وبعد أن أصبح التلوث شديد على نطاق واسع في وسط الولايات المتحدة أظهرت حساسية العديد من الأشجار واستجابتها السريعة حيث مات أكثر من 40٪ من الأشجار في غضون 10 سنوات من تلوث الهواء، ولكن الشتلات التى نبتت من الأشجار الأم التى قاومت التلوث وظلت على قيد الحياة كانت مقاومة للملوثات وراثيا واكتسبت هذه الصفة الوراثية الجديدة.

الشتلات التى نمت من بذور تم جمعها من أشجار الصنوبر الأبيض(قبل بناء المصانع كثيفة التلوث) كان بها نسبة موت عالية، في حين أن الشتلات التى نمت من بذور تم جمعها من أشجار الصنوبر الأبيض (التي قاومت التلوث وظلت حية)، كان بها نسبة موت منخفضة جدا.

وبالمثل لوحظ قبل وبعد تأثير تلوث الهواء في أنواع الحور، وذلك استجابة لمستويات عالية من الأوزون. بدون التنوع الوراثي، فإن أنواع الأشجار لن تكون قادرة على التكيف مع مثل هذه الإجهادات.

التنوع الوراثي للأشجار ضروري أيضا لتكيفها مع تغير المناخ. وعلى الرغم من طول مدة الجيل فى الأشجار بعكس المحاصيل الأخرى فإنه في ظل الظروف المناسبة يمكن أن تتكيف بسرعة مذهلة للتغيرات في الظروف البيئية. وذلك بسبب إنتاجها لكمية هائلة من البذور المتنوعة التي تنتجها كل شجرة على المستوى الفردي وعلى مستوى عال من التنوع الجيني بين الأشجار من نفس النوع (Petit and Hampe 2004). في الواقع، معظم أنواع الأشجار لديها الكثير من القواسم المشتركة مع البشر، والتي لها أيضا التنوع الجيني العالي داخل وبين السكان والآثار السلبية لتجربة زواج الأقارب عندما يكون حجم السكان صغير جدا.

في مجموعة من الأشجار من نوع معين، وعند حدوث الجفاف الشديد فإنه قد يقتل 90٪ من الأشجار. ولكن 10٪ من الأشجار الباقية مع الجينات الصحيحة من أجل البقاء تنتج نسل يتكييف بصورة أفضل مع الجفاف، وبالتالي فإن مجتمع الأشجار هذا يتميز بمرونة حيث يتوازن من جديد بعد إجهاد الجفاف. الأشجار التي تفتقر إلى التنوع في الجينات الهامة لإبقائها على قيد الحياة ضد الظواهر المناخية المتطرفة تفتقر إلى المرونة ومن المرجح أن ستموت.

5. الحمض النووي يمكن استخدامه لاتخاذ اجراءات صارمة ضد قطع الأشجار غير القانوني

الشفرة الوراثية المستخرجة من الخشب يمكن أن تستخدم كأداة الطب الشرعي لاتخاذ اجراءات صارمة ضد قطع الأشجار غير القانوني (Lowe and Cross 2011). قطع الأشجار غير القانوني مشكلة خطيرة في العديد من مناطق الغابات. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 50٪ من الأخشاب المصدرة من الأمازون ووسط أفريقيا وجنوب شرق آسيا وروسيا تحصد بطريقة غير مشروعة. الفاقد السنوى في الإيرادات والأصول، والتي تقدر بما يتراوح بين 10 -15 مليار دولار هي جزء من الصورة. وهناك أيضا عواقب بيئية واجتماعية خطيرة. حقيقة أن البصمة' الوراثية من كل شجرة فردية هي مميزة وفريدة من نوعها بما يعني أنها سجل يمكن "تتبعه" من نقطة المنشأ إلى وجهتها النهائية باعتبارها منتجات تامة الصنع متعددة، ويمكن التحقق من إدعاءات المنتجين في أي خطوة على طول الطريق.

الأشجار لها أنماط من التنوع الجيني عبر الفضاء الجغرافي، وعادة الأشجار التي هي قريبة جغرافيا من بعضها البعض تكون أكثر تماثلاً من تلك الأبعد. وهذا يعني أنه حتى الأشجار التي لم تحدد بصماتها بشكل فردي من قبل أن يتم حصادها يمكن تتبعها، من خلال بصمات جغرافية متميزة. وعلاوة على ذلك، فكل نوع له DNA مميز، يمكن استخدام الشفرة الوراثية لتحديد أنواع الخشب من أنواع الأشجار التى ترتبط بها ارتباطا وثيقا. ولكن هذا الأسلوب يمكن أن يكون مشكلة عند حظر قطع الأشجار لأحد الأنواع الشجرية في مجموعة ترتبط ارتباطا وثيقا مع أنواع أخرى، يسمح بقطعها.

6. الاستدامة تزيد الإنتاج من خلال استخدام التنوع الجيني للأشجار

على مدى السنوات 60 عام الماضية، تم تعظيم تحسين الأشجار باستغلال التنوع الجيني لأنواع الأشجار ذات القيمة التجارية بغرض زيادة إنتاج الخشب في الهكتار الواحد. على سبيل المثال، Pinus radiata أدخل إلى نيوزيلندا من الولايات المتحدة، وكان النمو سريعاً ولكن شكل الساق كان سيئاً. وقد بدأ برنامج اختيار وتربية مكثف، وبعد جيل واحد فقط، وكانت الأشجار بشكل موحد تقريباً وسيقانها نامية بشكل جيد (Burdon and others 2008). وكان هذا ممكنا لأنه في هذه الأنواع والصنوبريات الأخرى، يتم التحكم جيداً فى شكل جذع عن طريق عدد قليل من الجينات.

حتى لو كان معظم أشجار لها شكل سيئ poor form ، فقد أثبتت التجربة في نيوزيلندا وأماكن أخرى أنه عندما يتم اختيار نسبة صغيرة من الأشجار المستقيمة وتهجن، فإن نسلها يكون له ساق مستقيمة وساق ذو شكل جيد بالأجيال التالية. وهذا وحده قد حسن كثيرا من قيمة بعض أنواع الأشجار التي تم جلبها فى زراعات مكثفة لإنتاج الأخشاب.

والسمة الأخرى التي هي نقطة تركيز مشترك مع الاختيار والتربية هي النمو: فإنتاج حجم الخشب على مدى فترة معينة من الزمن. لم يعطى نتائج مرجوة وسريعة كما هو الحال مع الشكل - ففي كثير من الأحيان كانت الزيادة تتراوح10-15٪ في الجيل الأول وحوالي ضعف ذلك بحلول نهاية الجيل الثاني. وذلك لأن العديد من الجينات تتشارك في عملية النمو، وكذلك الظروف البيئية تلعب دورا كبيرا. ومع ذلك، فأشجار الجيل الثاني أو الثالث التي تنتج في برنامج التربية تنمو عادة أسرع بكثير من أقاربها بالغابات الطبيعية.

هناك اهتماما متجددا في استخدام أنواع الأشجار المحلية لاستعادة النظام الإيكولوجي وللحصول على فوائد تنوعها البيولوجي. زيادة أنواع الأشجار المحلية في نظم الإنتاج (مثل زراعة الغابات والزراعة الكفافية) أيضا تضمن وظائف المناظر الطبيعية ودعم سبل كسب العيش للبشر landscape. تحقيق هذه الفوائد الكاملة يتطلب النظر في جوانب الوراثية التي غالبا ما تهمل، مثل ملاءمة المادة الوراثية إلى الموقع، نوعية وكمية التجمع الجيني المستخدمة وإمكانات التجدد وفهم مدى وطبيعة تدفق الجينات عبر تشتت النظم الإيكولوجية الزراعية المهم أيضا لاستعادة النظام الإيكولوجي بشكل ناجح.

114 views0 comments
bottom of page