تأثير الجزر الحرارية الحضرية
دراسة حديثة أجراها باحثان في جامعة ويسكونسن في ماديسون تقدم واحدة من أكثر السجلات التفصيلية للاختلاف في درجات الحرارة بين المدن والمناطق الريفية المحيطة بها، والمعروفة باسم (تأثير الجزر الحرارة الحضرية).
أراد جيسون كاتس وكريستوفر كوتشريك من معهد نيلسون مجموعة من البيانات التي من شأنها أن تعكس بدقة مدى اختلاف درجات الحرارة في ماديسون على مستوى الأحياء. قام الباحثان بتركيب 151 جهاز استشعار درجة الحرارة على أعمدة الهاتف في مناطق ذات مستويات متفاوتة من كثافة البناء. زتقوم تلك الأجهزة بالقياس كل 15 دقيقة لمدة 18 شهرا بين مارس 2012 وأكتوبر 2013. ثم درس الباحثان ما هي العوامل البيئية التى يمكن أن تؤثر على التباين في درجات الحرارة مابين المناطق الحضرية والريفية.
فهم الظاهرة أصبح أكثر أهمية حيث يتجه الناس بأعداد متزايدة الى المدن وتغير المناخ يقود درجات الحرارة عموما للارتفاع، وفقا لواضعى الدراسة. بحلول عام 2030، ومن المتوقع إنتقال 87% من سكان أمريكا الشمالية للعيش فى المناطق الحضرية، وفقا للبيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية عام 2010. ووفقا للدراسة، والكثير من هذا النمو الحضري من المرجح أن يحدث في المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم.
ووجد الباحثان أن كثافة التنمية الحضرية وعدم وجود الغطاء النباتي كان لهما أكبر تأثير على اختلاف درجات الحرارة. وكان الاحترار داخل المدينة أكثر وضوحاً خلال فصل الصيف، وخاصة في الليل، عند سكون الرياح.
تميل المدن إلى الاحتفاظ بالحرارة أكثر من المناطق الريفية بسبب الأسطح الداكنة التى تمتص الحرارة في النهار والخرسانة التى تتميز بأنها أبطأ بكثير من الغطاء النباتي لتحرير الحرارة ليلاً. في المناطق ذات الغطاء النباتي الكثيف، يساعد تبخر النبات على تبريد الهواء.
افترض الباحثان أن كمية الأوراق الكثيفة للشجرة في فصل الصيف يمكن أن تفسر الاختلافات الموسمية لتأثير الجزر الحرارية بالحضر. كما لعبت العوامل البيئية المتغيرة الأخرى مثل سرعة الرياح، وغطاء السحب والرطوبة الجوية، ورطوبة التربة والغطاء الثلجي دورا في تأثير الاحترار. أيضاً فإن الارتفاع عن سطح البحر وقرب المدينة من المسطحات الماءية كالأنهار والبحار تؤثر فى تغيير درجات الحرارة في مناطق معينة.
من يدرسون التخطيط الحضري لا يحصلون على الكثير من المناهج التى تتعرض للتخطيط البيئي، لذلك كثير من مخططي المدن لا يفكرون في الغابات الحضرية وأهميتها كحل جوهري أو عنصر فعال فى المدن.
يمكن أن تستغرق الأشجار عقودا لتصل إلى مرحلة النضج الكامل، لذلك غرس الأشجار لا يمكن أن يكون حلا سريعا. وحتى مع ذلك، يجب أن يبدأ مخططي المدن والمهندسين ومسئولى الغابات الحضرية للتفاعل بشكل وثيق فيما بينهم والتفكير في أنظمة أكبر للتغلب على تلك المشكلة.
زيادة الغطاء الشجرى ليست الطريقة الوحيدة التى تساعد على الحفاظ على برودة المدن. يمكن خفض درجة الحرارة بالمدن من خلال دمج السطوح العاكسة على أسطح المباني لتفادي امتصاص الحرارة. وفقا لدراسة من معهد جورجيا للتكنولوجيا في أطلنطا (عام 2010)، فإن الزحف العمراني، حتى بالمدن ذات الكثافة السكانية الصغيرة نسبياً ، يؤدي إلى زيادة سريعة في معدل ارتفاع درجة الحرارة مما كانت عليه في المدن المدمجة.
من الجدير معرفة ما هي الآثار التي يمكن أن تترتب على ارتفاع درجة الحرارة. وقال كاتس أن الأبحاث لم لا تأخذ في الاعتبار تأثير الجزر الحرارية، لذلك درجات الحرارة داخل ماديسون يمكن أن تكون أعلى بعدة درجات حرارة مما كان متوقعاً في التقرير. من المهم حقا أن نفهم طبيعة تأثير الجزر الحرارة بالحضر وعواقبها، خصوصا في ظل تغير المناخ.