أهمية الأشجار الكبيرة
نحن نعلم أن الغابات غنية بالتنوع البيولوجي، ونعلم أيضاً أنها توفر خدمات للنظم الإيكولوجية الأساسية، مثل تنظيم تدفقات المياه والتأثير على أنماط الطقس. أحد خدمات النظم الإيكولوجية التى يتم مناقشتها في هذه الأيام هو دور الغابات في مساعدة تنظيم كمية غازات الدفيئة، وثاني أكسيد الكربون، في الغلاف الجوي. توضح دراسة جديدة في دورية Nature ، أن الاشجارا لكبيرة والناضجة تلعب دورا هاما في هذا الدور.
تخزن الغابات كميات كبيرة من الكربون التي من شأنها أن تسهم بشكل آخر مع تغير المناخ. حيث تخزن ما يقرب من 300 مليار طن من الكربون في أنسجتها المختلفة (الكتلة الحيوية) وهو ما يوازى حوالى 30 ضعف كمية الانبعاثات من حرق الوقود الأحفوري السنوي. ولكن عند تدهور أو تدمير الغابات، يتم تحرير هذا الكربون إلى الغلاف الجوي.
كان يعتقد أنه الأشجار الصغيرة فقط هى التى تحبس الكربون من الجو أثناء مراحل نموها بينما الغابات العتيقة أو المسنة دورها فقط فى الاحتفاظ بالكربون المخزن بداخلها والتى امتصته عندما كانت صغيرة فى العمر. ومع ذلك، فقد أظهرت العديد من الدراسات الحديثة الآن أن الغابات العتيقة أيضا لها القدرة على امتصاص الكربون من الغلاف الجوي وبكميات عالية (Stephens et al. 2007)، وبالتالى يمكن أن تساعد هذه الدراسة الجديدة فى توضيح كيفية استمرار الغابات القديمة في حبس الكربون.
وقد وجد الباحثون أن امتصاص الكربون بواسطة الأشجار (مقاساً بمعدلات النمو) يزيد بشكل مستمر مع حجمها بسبب الزيادات فى مساحة الورقة الكلى أثناء نمو الشجرة. وهذا يتيح أشجاراً أكبر لاستيعاب المزيد من الكربون من الغلاف الجوي. وبالتالي، فإن أقدم الأشجار في الغابة تلتقط الكربون من الغلاف الجوي بكمية أكبر من الأشجار الصغيرة.
الأهم من ذلك، أن تلك الأشجار القديمة هي أيضا أكثر قيمة للتنوع البيولوجي من الأشجار الأصغر لأنها تدعم مجموعة واسعة من الأنواع الأخرى على سبيل المثال، الأشجار المجوفة توفر الموائل للطيور لبناء أعشاشها.
تفيد الدراسة، أن ديناميكيات الغابات معقدة: الأشجار الكبيرة تخضع لمعدلات موت أعلى من الأشجار الصغيرة وكثافة الأشجار فى الغابة الشابة تكون أعلى (عدد الأشجار منسوبة إلى وحدة المساحة). هذه العوامل قد تعوض زيادة نمو الأشجار العتيقة في الغابة. مع ذلك، بات واضحا الآن أن الاشجارالكبيرة أو العتيقة هي عناصر هامة للغاية فى الغابات القديمة، من حيث التنوع البيولوجي وعلى حد سواء امتصاص الكربون وتخزينه.
القطع الانتقائى في الغابات عادة ما يزيل الأشجار الكبيرة، وتؤكد هذه الدراسة الجديدة الضربة المزدوجة من إزالة هذه الأشجار: تحرير الكربون المخزن بها في الغلاف الجوي وبالتالى تساهم في زيادة الاحتباس الحرارى، وأيضا إزالة بالوعة هامة من شأنها أن تمتص الكثير من انبعاثات الكربون البشرية من الغلاف الجوي.
- تقدر الكتلة الحيوية العالمية للغابات بحوالى 289 جيجا طن كربون (UN FAO Global Forest Resource Assessment, 2010)، في حين تقدر انبعاثات الوقود الأحفوري بنسبة 9.5 جيجا طن / سنة لعام 2011 (IPCC Working Group 1, 2013).
- Stephens et al. 2007. Science 316: 1732-1735; Luyssaert et al. 2008. Nature 455: 213-215; Lewis 2009. Nature 457: 1003-1007.
مواضيع متعلقة: