لماذا تحتاج المدن للحياة البرية
يمكن للمدن أن تعضد التنوع البيولوجي والمساحات الخضراء الواسعة. المدن الحديثة التي تضم أكثر من نصف سكان العالم، فى الواقع تعتبر لكثير من الناس بمصدر التنوع البيولوجي الوحيد الذي سوف تراه أعينهم. وينظر الآن إلى المساحات الخضراء الحضرية باعتبارها عنصرا أساسيا في تخطيط المدن التي توفر عدد لا يحصى من خدمات النظم الإيكولوجية للسكان والحياة البرية التي تعيش في الأماكن الحضرية. المساحات الخضراء تلعب العديد من الأدوار؛ باعتبارها وسيلة لتنظيم المناخ، وحجز الملوثات ، وتشتيت الضوضاء، وملاذ للحياة البرية والنباتات، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض وللأغراض التعليمية أو الترفيهية. وغالبا ما ترتبط الصحة النفسية والجسدية بشكل وثيق مع وجود المناطق الطبيعية.
العديد من المدن في مختلف أنحاء العالم تحافظ على مناطق كبيرة بها كمساحات خضراء حضرية تتراوح مساحتها ما بين 20-30٪ من مساحة المدينة، ويصل نصيب الفرد من المساحات الخضراء حوالى 15 – 25 متر مربع. تحدد منظمة الصحة العالمية مبادئ توجيهية بشأن الحد الأدنى للمساحة الخضراء المتاحة للفرد، وتشير إلى أن كل فرد يجب أن يكون يصل نصيبه 9 متر مربع على الأقل من المساحات الخضراء على الرغم من أن البلدان المتقدمة غالبا ما تستخدم معيارا أعلى وهو 20 متر مربع للفرد من الحدائق لكل مواطن.
ويتزايد إدماج التنوع البيولوجي حالياً في التخطيط الحضري. المعلومات الحالية حول سبل إدماج التنوع البيولوجي في تخطيط المدن، لا تزال شحيحة، ولكننا بحاجة إلى خطة من أجل الحفاظ على الحياة البرية من خلال دمجها مع المجتمع البشري لذلك، تحتاج هذه المجتمعات البيولوجية لتكون متنوعة ومماثلة لطبيعة البرية ، وضمان خدمات النظم الإيكولوجية التي توفرها العديد من المساحات الخضراء. على نحو متزايد، وتصميم المراكز والمدن الحضرية بدأت تشبه الشبكات الإيكولوجية تتكون من الرقعة الخضراء الموصولة التي تتجنب تجزئتها، وحماية الطبيعة ودمج المدينة مع تنوعها البيولوجي الأصلي.
في العديد من المدن تتواجد الحياة البرية وسط ناطحات السحاب والأعداد السكانية المتزايدة. أيضاً المدن الساحلية فى بعض الدول تؤوي غابات المانجروف والحياة البحرية المتنوعة من الأسماك والبرمائيات والطيور.
التنوع البيولوجي في المدن، يواجه تهديدات واسعة النطاق، وفقدان الموائل نتيجة التنمية الحضرية، والقتل على الطرق، والصيد غير المشروع. حدود المدينة تتوسع بلا هوادة داخل محيط الطبيعية الريفية والبرية مما تسبب تغيرات واسعة في الغابات والبراري والزراعة والنظم البيئية الإضافية الأخرى. بالإضافة للجهل ونقص في المعرفة التى تعتبر أحد التهديدات عبر حالات عديدة من ذبح وقتل السحالي والثعابين نتيجة الاعتقاد الخاطئ أن تكون سامة.
تحويل المناطق الحرجية الابتدائية أو الثانوية أو المناطق البرية الأخرى داخل المدن يمكن أن يؤدي إلى انقراض الأنواع المحلية. حتى لو تم تحويل هذه الموائل الحرجية إلى متنزهات وحدائق وبساتين فاكهة، وبالتالي فإن الحفاظ على المناطق الخضراء من الناحية الفنية أمر ضرورى، يمنع فقدان موائل الحياة البرية. في الوقت نفسه، يمكن للمدينة ذات الكثافة العالية من الأشجار الناضجة المستوطنة ومن خلال احتوائها على فتحات فى جذوعها توفر أعشاش مناسبة للطيور والحيوانات.
الأراضي الرطبة التي توفر العديد من الخدمات مثل الأسماك والمياه الجوفية، والقيم الجمالية، والتنوع البيولوجي و فرص السياحة مهددة للتدمير بسبب التنمية الحضرية التي تحدث في المناطق المتاخمة لها. ولذلك يجب المبادرة بحفظها وإدارتها بشكل جيد.
أهمية تطوير مقاييس لرصد وحماية التنوع البيولوجي في المناطق الحضرية لم يغب عن المجتمع الدولي. أقر الاجتماع التاسع لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي ودور المدن والسلطات المحلية في تنفيذ استراتيجية وخطط عمل التنوع البيولوجي. وأدى ذلك إلى إنشاء مؤشر لقياس التنوع البيولوجي في المدن المعروفة باسم مؤشر التنوع البيولوجي بالمدينة City Biodiversity Index. ويأمل المرء أن يكتسب معنى لا يقدر بثمن للحياة البرية في المناطق الحضرية.