الغابات وامتصاص ثانى أكسيد الكربون
ركزّت أغلبية نقاشات تأثير تغيُّر المناخ على الغابات حتى الآن على زيادة معدل الظواهر المدمرة محليًّا، مثل حرائق الغابات، وغزو الطفيليات، والجفاف، والعواصف. وقد شهد العقد الماضي سقوط 410 ملايين متر مكعب من الأخشاب في أربع عواصف كبرى في أوروبا، وخسارة ما تعادل قيمته عقد من تخزين الكربون في غابات الأمازون، نتيجة حالات جفاف شديدة في عامي 2005، و2010، وموجة حر غير مسبوقة تسببت بحرائق غابات أثرت على 23 ألف كيلومتر مربع في روسيا عام 2010، وجائحة خنافس اللحاء (Bark Beetle) التي أثرت على 130 ألف كيلومتر مربع؛ ودمَّرت 435 مليون متر مكعب من الأشجار بكولومبيا البريطانية في كندا منذ عام 2004.
فى أوروبا، كانت لهذه الأحداث تأثيرات اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة. فمثلًا، تسببت عاصفة الرياح التي ضربت أوروبا في عام 1999 في تدمير ثلث الكمية السنوية من الكربون المحتجَز في الغابات4، وخفضّت سعر الخشب إلى النِّصف في فرنسا ودول أخرى من التي تأثَّرت بذلك، غير أن هذه الأحداث تُعَد غير ذات أهمية على مدار عقود، وعلى المستوى العالمي. تعد التذبذبات البحرية التي تسبِّب ظاهرتي إلنينو وإلنينا ـ في الغابات الاستوائية وأراضي الحرائق المرتبطة بها بشكل أساسي ـ هي الاضطرابات الإقليمية الوحيدة المؤثِّرة على معدلات تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الجو.
في الوقت نفسه، أظهرت سجلات الغلاف الجوي وحصرالغابات، أن الغابات كانت تمتص المزيد من ثاني أكسيد الكربون في السنوات الخمسين الماضية، إذ أكدت دراسات تجريبية ودراسات نمذجة أن تغيُّرات تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الجو وترسُّبات النيتروجين هي المحرّك الأساسي لمخازن الكربون العالمية. أمّا التفسير المنافس، القائل إن معدل نمو الأشجار العالي حاليًا هو عودة عن المناخ السحيق، أو الخسائر الناجمة عن حصاد الغابات، فيبدو أنه غير محتمل، لأنه يتطلب أن تكون مناطق مختلفة حول العالم، كالأمازون وحوض الكونغو، قد تأثرت بشكل متزامن. وحدوث مثل هذه الصدفة كان يجب أن يترك بقايا من السناج وتركيزات عالية من ثاني أكسيد الكربون في فقاعات الهواء في عينات القوالب الجليدية، وهو ما لم يُرصَد إلى الآن.